قضية اعتقال المستشار الجماعي العضو في حزب التقدم والاشتراكية، الرفيق محمد القادري، تبعث فعلا على الاستغراب، وتخلف لدى المواطنين عديد استفهامات. المعني بالأمر، وهو فضلا عن عمله السياسي وصفته الانتخابية المحلية، يعتبر ناشطا جمعويا وحقوقيا معروفا في منطقته منذ سنوات، ويحظى وسط أهلها وفعالياتها بكثير من المصداقية والتقدير، وهو شارك في وقفة احتجاجية سلمية قام بها سكان دواوير إلمدان دوزرو وتمسولت يوم ثالث مارس الجاري، وذلك دفاعا عن حقهم في أراضي بوتيرك، وهي عقار موضوع مسطرة تحفيظ، يرون أن تجاوزات شابتها. هذه الوقفة لم تعرف أي توترات أو أحداث أو ممارسات مخالفة للقانون، حيث عبر المشاركون عن احتجاجهم وذكروا بمطالبهم بشكل سلمي وحضاري، وانتهى الأمر. وبرغم كل هذا، فقد جرى إلقاء القبض على محمد القادري، نائب رئيس جماعة سيدي بوعال بدائرة إيغرم بإقليم تارودانت، بعد أن حرر محضر غريب في حقه، وتقررت متابعته في حالة اعتقال. أولا، هل قضايا من هذه الشاكلة تفرض في الأصل المتابعة في حالة اعتقال؟ ثانيا، هل الرفيق محمد القادري كان وحده محتجا أم أنه شارك في وقفة احتجاجية سلمية للسكان انتهت من دون تسجيل أي مخالفات؟ ثالثا، هل المعني بالأمر لا تتوفر فيه أي ضمانات، ما فرض، بالتالي، إلقاء القبض عليه ومتابعته في حالة اعتقال؟ إن مثل هذه الاستفهامات منتشرة اليوم وسط ساكنة المنطقة بقوة، خصوصا أن الرفيق القادري هو نائب رئيس الجماعة، وهو أيضا رئيس جمعية مستقبل دوزرو، وأحد المناضلين المعروفين في المنطقة، وقد ساهم في جعل كل احتجاجات الساكنة تمر بهدوء، وكان دائما يفسر للناس بأن عمل الطوبوغرافيين لا علاقة له بالملكية وإنما هو من أجل إتمام القياسات، وإذا كانت تحركات ذوي الحقوق في أراضي بوتيرك تمتلك إلى اليوم طبيعة سلمية هادئة، فالفضل يعود، في ذلك، إلى أمثال الرفيق القادري من المناضلين التقدميين والفعاليات الجمعوية والحقوقية المدنية، ولهذا، فمن المستغرب فعلا استهداف هؤلاء بالذات، وتركيز التضييق والهجوم على مناضل حزب التقدم والاشتراكية الرفيق محمد القادري. ماذا يعني كل هذا؟ لقد كان التعرض على التحفيظ جماعيا من طرف الساكنة المعنية بتحفيظ ما يفوق تسعين هكتارا بأراضي بوتيرك وذوي الحقوق، ولكن الاستهداف خَص الرفيق القادري وحده من بين كل المحتجين. لقد جرى اعتقاله الجمعة الماضي وتم تقديمه في حالة اعتقال بتهمة عرقلة سير تحفيظ عقاري في جلسة الإثنين، حيث قضت المحكمة برفض طلب السراح المؤقت، ومتابعته في حالة اعتقال في الجلسة المحددة الاثنين المقبل (2017/3/13)، وذلك في الملف رقم: 2102/17/149، وهذا الاستهداف الواضح والمركز على عضو التقدم والاشتراكية يثير لدى عموم الساكنة المعنية مخاوف من وجود أطراف وراء القصة تحركها مصالح ريعية وانتفاعية للاستيلاء على أراضي بوتيرك، ويستغرب الفاعلون المحليون من كون كل هذا يجري في دائرة إيغرم، وبالضبط فوق تراب جماعة سيدي بوعال، وبالذات بعد الأمر الملكي لوزير العدل بالسهر على حماية عقارات وأملاك يستولي عليها أباطرة العقار في المدن الكبرى بأساليب احتيالية مخالفة للقانون، وتسببت في كثير مشاكل، كما أساءت لصورة المملكة. فعلا، يعجز المرء عن تفسير بعض القرارات، على غرار الإقدام على اعتقال الرفيق محمد القادري ومتابعته في حالة اعتقال إثر مشاركته في وقفة احتجاجية ساهم فيها آخرون ونظمها السكان ولم ينجم عنها أي توتر أو خرق للقانون. اليوم عندما يخوض المئات حملة وطنية تطلب الحرية للناشط السياسي والجمعوي التقدمي، ونائب رئيس الجماعة القروية سيدي بوعال، فهذه رسالة واضحة من الساكنة المعنية للمطالبة بالإفراج الفوري عن الرفيق القادري وتمتيعه بالحرية، بالإضافة إلى أن أمثال الرفيق القادري يشكل اعتقالهم أو التضييق عليهم أو استهدافهم إمعانا في إشعال فتيل الاحتجاجات والدفع نحو التطرّف، لأنه حينها سيغيب المؤطرون لغضب الناس الذين لن يقبلوا الاستيلاء على أراضي هم مقتنعون أنها حقهم. الرصانة والحكمة وبعد النظر تقتضي اليوم إيجاد مخرج فوري لما وقع، وذلك عبر الإفراج عن الرفيق القادري وتمتيعه بحريته، ثم إيجاد حل عادل ومنصف لمشكل الأرض، وحماية كل من لديه حق في هذا العقار وتمكينه من حقوقه المشروعة، وبالتالي إبعاد لوبيات السمسرة والريع التي تتربص للترامي على هذه الأرض وحرمان ذوي الحقوق منها. نتمنى أن ينتصر القضاء لنفسه ولمصداقيته ويفرض احترام القوانين وتثبيت العدل والإنصاف في أقرب وقت. إذا لم يكن هناك أي سعي للاستيلاء على أراضي بوتيرك أو الترامي عليها، وإذا كانت احتجاجات الساكنة قد مرت في هدوء وبدون توتر، فما المعنى والمراد من اعتقال الرفيق القادري وتركيز الاستهداف عليه؟ أفرجوا إذن عن الرجل… محتات الرقاص