نظم الصالون الأدبي المغربي، لقاء مع الأديبة والفنانة التشكيلية زهرة زيراوي، في جو حميمي تبادل فيه الحضور مع المبدعة لحظات تعبق بحب الكتابة، وحب الصفاء الروحي. لم تكن الجلسة ذات طابع أكاديمي صرف، ولكنها جلسة صالونية فعلا، خاصة وأن ضيفتها رائدة، كرست في الثقافة المغربية فضاء الصالون، كلمَة تجمع المثقفين الخارجين عن رحم المؤسسات، فكان خير عرفان الاعتراف بمجهودات هذه السيدة ثقافيا وأدبيا. افتتح الجلسة القاص سعيد جومال الذي قدم نبذة موجزة عن سيرة المبدعة، وذكر إصداراتها في القصة والرواية. بعدها أخذ الكلمة القاص والباحث سعيد الريحاني ابتدأها بذكر أهمية التكريم ودوره النفسي والإنساني في علاقة المبدع بمحيطه الثقافي، ووقف عند موقف الكاتبة من الكتابة التي رأت أن عصرها هو من يكتبها، وأنها تكتب كي تحيا، وكي تجد معادلا للزمن، وأبرز أيضا تصورها للتجريب في الكتابة على أنه ليس تقليعة عن أنماط الكتابة السابقة ولكن التجريب لديها يتأسس على امتلاك خزان معرفي وثقافي يدفع بك إلى تجريب طرق جديدة في الكتابة، وانتهى إلى ذكر بعض منظورات المبدعة حول فعل الكتابة لخصها في ثلاث نقط: - معارضتها استعمال اللغة العامية. - معارضتها حصر الواقع في التجارب الجنسية، لأن الحياة برمتها هي موضوع الكتابة والتخييل. - رؤيتها بأن ظلال الأدب تمتد إلى ظلال الفن، الشيء الذي يدفعها إلى رفض الوقوف عند باب واحد، فانفتحت على عوالم فنية مختلفة تجمع بين الأدب والتشكيل، مما دعا سعيد الريحاني أن يسمها «بالمبدعة الواحدة المتعددة». في ورقة الشاعر أيوب المليجي، استحضر عوالم زهرة زيراوي المتعددة، عبر انفتاحها على أجناس إبداعية متنوعة، منها ما يعتمد على اللغة، ومنها ما يعتمد على الألوان، وأبرز وظيفة التشكيل عندها بكونه تعبيرا عن النفس والبيئة، فإذا كانت اللغة لا تستطيع استحضار كل شيء، فإن الألوان يمكنها ذلك. وختم ورقته بالحديث عن دور المبدعة في العمل الجمعوي، بفتحها بيتها للأنشطة الثقافية في وقت كانت أبواب كثيرة موصدة في وجه العديد من المثقفين. حملت شهادة الفنانة التشكيلية ربيعة الشاهد صدقا إنسانيا، حيث قدمت زهرة زيراوي في جانبها الروحي والإنساني، فتراها روحا معطاء، دون انتظار مقابل، وهي مازالت معطاء رغم الوعكة الصحية، كما اعتبرتها مدرسة تعلمت منها مقومات بناء الذات الإنسانية فكريا، وثقافيا، وجمعويا، وأخلاقيا. وتؤكد في آخر شهادتها بأمرين: - إن صدق وإخلاص زهرة الزيراوي للثقافة والإبداع المغربيين ربح لكل المثقفين. - تعيش زهرة الزيراوي محنة الاعتراف، إذ تحتاج منا أكثر من تكريم، وأكثر من احتفاء. بعدها أخذت الكلمة المبدعة المحتفى بها، فشكرت الصالون الأدبي على الالتفاتة التي تعيد الاعتبار للمبدع داخل وطنه، وأدلت ببعض تصوراتها، منها أنها لا تؤمن بالتخصص في الإبداع، حتى نقول هذا قاص أو هذا شاعر أو هذا ناقد، إنها تؤمن «بالمبدع» وكفى، ثم تؤكد الفكرة التي طرحها سعيد الريحاني في كونها ضد فكرة الباب الواحد لأن العقل البشري لا حدود له. فتح مباشرة لقاء مفتوح بين الكاتبة والحضور، تهاطلت فيه الأسئلة، بعضها انصب على طبيعة عناوين مجاميعها القصصية، وسبب حضور الزمن فيها، وبعضها الآخر تساءل عن حضور الصوغ الذاتي في كتابتها الروائية في عملها «الفرودس المفقود»، وآخر حول موضوعة الرجل والمرأة في كتابات زيراوي، وآخر عن موضوعة الهجرة. انتهى اللقاء بقراءة لقصيدة مهداة من الشاعر السعودي عبد الله علي الأقزم، قرأها نيابة عنه الشاعر عبد الإله شام، وتحمل عنوانا: في ظلال الصيف. والتقطت صور تذكارية مع المبدعة في نهاية الحفل، مع توقيعاتها للحضور على بعض الإصدارات.