قارب الفيلم الإيطالي «حياة هادئة», الذي عرض يوم السبت الماضي في إطار المسابقة الرسمية للدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش, لوحة فنية غاص فيها المخرج كلاوديو كوبيليني عميقا في مشاعر إنسانية يتداخل فيها الحب والغضب والخوف والإحساس بالذنب. وعالج المخرج هذه المشاعر من خلال رصده لعلاقة بين أب وابنه تتميز بالتعقيد والتداخل في الأحاسيس, مقدما بذلك وصفا لعلاقة إنسانية غير عادية يمتزج فيها الحب والغضب من جهة, والخوف والإحساس بالذنب من جهة أخرى. ويسرد مخرج هذا الفيلم, الذي يعكس واقعية السينما الإيطالية, حياة «روزاربو روسو», وصاحب مطعم في الخمسين من عمره, يعيش حياة هادئة رفقة زوجته «ريناتا» وابنه «ماثياس» قرب مدينة فرانكفورت بألمانيا حيث قرر الاستقرار هناك قبل خمسة عشر سنة, إلا أن الهدوء الظاهر لشخصية روزاريو يخفي ماضيا معقدا سيعود لينتابه من جديد. وشكل لقاء روزاريو في مطعمه بشابين إيطاليين, نقطة تحول تراجيدية في حياته, حيث اكتشف أن أحدهما, ويدعى دييغو, هو ابنه الذي تخلى عنه في السابق من أجل الهروب من ماض سيطفو ويطارده من جديد. فقبل خمسة عشر عاما, كان روزاريو يحمل اسم «أنتونيو دو مارتينو» وعضوا في «مافيا» حضرية تسمى «لا كامورا» تنشط خاصة في منطقة كاسيرتا الإيطالية. بعد لقائه بابنه يحاول روزاريو إعادة ربط العلاقة معه, لكنه سرعان ما سيدرك أن الابن وصديقه مبعوثان من المافيا وأن حياته الهانئة ستصبح محل تهديد لتتخذ مجريات الأحداث مسارا يتسم بالحركة والعنف والتشويق. وفي تفسيره للمنحى الذي نحاه الفيلم, قال كوبيليني في تقديم لهذا العمل, إنه عاد من خلال رواية قصة روزاريو إلى المنطقة التي ينحدر منها في إيطاليا المتميزة بحماماتها الطبيعية الساخنة, والتي وصفها بالمدينة المثالية للاغتسال من الخطايا والشروع في بداية حياة جديدة. ويتميز سيناريو الفيلم (105 دقائق), بالواقعية والتسلسل المنطقي إضافة إلى تعدد اللغات المستعملة من طرف الممثلين الشيء الذي يضفي بعدا أوروبيا على هذا العمل, الثاني لمخرجه بعد الفيلم الكوميدي «تشوكلات لسسنز» (2007).