مكنت المجهودات التي انخرط فيها المغرب بجدية منذ 1993 من الرقي بوضعية الطفولة وحمايتها بشكل ملموس، وتشكل خطة العمل الوطنية للطفولة (2006-2015) اليوم الآلية الأساسية لهذا العمل الدؤوب الذي يدعم سير المملكة نحو تحقيق أهداف الألفية من أجل التنمية في سنة ،2015 وتحظى هذه الخطة، التي تتوج الجهود المبذولة منذ المصادقة على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل 1993، بإشادة دولية، خاصة من قبل منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف)، باعتبارها خطة نموذجية تقوم على مقاربة تشاركية ومندمجة تضع أرضية عمل أساسية لحماية حقوق الطفل والدفاع عنها، خاصة عبر تنزيلها في إطار خطط محلية وجهوية. * من أجل حماية قانونية فعالة للأطفال فتح المغرب العديد من الأوراش للنهوض بالحماية القانونية للطفل، في مقدمتها ورش ملاءمة التشريعات الوطنية مع مضامين الاتفاقية وهمت التعديلات أزيد من 250 نصا، أهمها مدونة الأسرة، ومدونة الشغل، والقانون الجنائي، والمسطرة الجنائية، وقانون كفالة الأطفال المهملين، وقانون الحالة المدنية، وقانون الجنسية. وانخرط قطاع العدل في تفعيل خطة العمل الوطنية، خاصة عبر إحداث خلايا بالمحاكم تضم قضاة متخصصين في قضايا وحقوق الطفل وتعبئة النيابات العامة لرصد حالات سوء المعاملة والعنف المرتكبة ضد الطفل، وإنجاز دليل لحقوق الطفل وآخر للمعايير النموذجية للتكفل بالنساء والأطفال، فضلا عن تدابير لتطوير عدالة الأحداث والشروع في إعداد نظام معلوماتي خاص بالطفل. كما وقعت وزارة العدل اتفاقية شراكة مع المرصد الوطني لحقوق الطفل للعناية بحالات الاعتداء وسوء المعاملة للطفل، على رأسها حالات الاستغلال الجنسي، حيث يعمل المرصد على تشجيع التبليغ عن الحالات وتوفير الرعاية القانونية والطبية والنفسية لضحايا الاستغلال الجنسي. ولتعزيز محيط حماية الأطفال، وضع المرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي يشتغل على استراتيجية حماية الأطفال من جميع أشكال العنف وسوء المعاملة، بدوره برنامجا دقيقا للتحسيس وللتدخل حدد الجوانب ذات الأولوية والمستعجلة في ثلاث قضايا رئيسية تتمركز حول «الطفلات الخادمات» «تعاطي الأطفال للمخدرات» «الاستغلال الجنسي للأطفال»، إلى جانب إحداث مركز مرجعي لحماية الطفولة. * من أجل القضاء تدريجيا على ظاهرة تشغيل الأطفال يعتبر تشغيل الأطفال من القضايا المعقدة التي لازالت تهدد صحة الطفل ونموه النفسي والعقلي السليم وشكل موضوع عدة تدابير للمراقبة والزجر والتحسيس. وتفيد إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط في هذا الصدد أن هذه الظاهرة شهدت تراجعا هاما حيث انتقلت من 600 ألف طفل سنة 2000 إلى ما يناهز 177 ألف في 2004 وإلى 117 ألف في يونيو 2009. كما تبين معطيات وزارة التشغيل والتكوين المهني أن تدابير المراقبة وزيارات التفتيش التي تهم وضعية الأطفال المشغلين في مختلف المؤسسات الإنتاجية أدت إلى تراجع عدد المؤسسات الإنتاجية المشغلة للأطفال من 274 خلال الأشهر التسعة الأولى لسنة 2008 إلى 111 في نفس الفترة من 2009. وشكلت ظاهرة الطفلات الخادمات موضوع أول حملة تحسيسية قادها المرصد الوطني لحقوق الطفل بالتدرج، حيث بلغ مستوى التعبئة في هذا الموضوع إلى التأكيد على أن المكان الطبيعي للطفلة أقل من 15 سنة هو المدرسة. ورغم صعوبة استئصال هذه الظاهرة، إلا أن جهود التحسيس القائمة ساهمت نسبيا في انتشار الوعي وتحري عدم تشغيل خادمات تقل أعمارهن عن 15 سنة كما تم إعداد مشروع قانون جديد حول تشغيل هذه الفئة من الأطفال. ومن جانب آخر، وقع المرصد عدة اتفاقيات إجرائية مع قطاع التربية غير النظامية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووكالة التنمية الاجتماعية ومؤسسات القروض الصعرى تتوخى إخراج الطفلات الخادمات من وضعية الشغل وإدماجهن في التربية غير النظامية أو توفير مصدر عيش بديل لأسرهن من خلال إحداث مشاريع مدرة للدخل. * التحدي الصعب لتقليص وفيات الأمهات والأطفال في أفق 2015 يندرج تقليص وفيات الأمهات والأطفال، الذي لازال مشكلا حقيقيا للصحة العمومية بالمغرب، ضمن أهداف الألفية من أجل التنمية التي يشير التقرير الوطني لأهداف الألفية من أجل التنمية 2009 إلى أن المملكة تسير في الاتجاه الصحيح نحو كسب هذا الرهان في أفق 2015 رغم بعض العراقيل. هكذا يشير البحث الوطني الديمغرافي لسنة 2009 إلى أن معدل وفيات الأمهات وصل إلى 132 لكل مائة ألف مولود حي ما بين يونيو 2004 ويونيو 2009، ومقارنة مع تقديرات البحث الوطني حول السكان والصحة ل2004/2003 (227 وفاة لكل مائة ألف مولود حي ما بين 1995 و2003)، يتبين أن الوفيات بسبب الأمومة تراجعت بحوالي 42 في المائة. ويفيد البحث الوطني الديمغرافي لسنة 2009 أيضا أن وفيات الأطفال دون سن الخامسة سجلت انخفاضا مهما، إذ انتقلت من 147 لكل ألف مولود حي في 1987 إلى 38 لكل ألف مولود حي في 2009. ويعزى هذا التطور إلى إسهامات البرامج الخاصة بصحة الأم والطفل كتعميم التلقيح والبرنامج الوطني للتلقيح التي خولت القضاء على العديد من الأمراض كالدفتيريا والكزاز الولادي وتقليص الوفيات المرتبطة بالحميراء والسعال الديكي. كما انتقل معدل وفيات الأطفال الرضع من 57 إلى كل ألف مولود حي ما بين 1999 و2003 إلى 2ر32 ما بين يونيو 2008 ويونيو 2009، أي بتراجع يقدر ب30 في المائة. * تطور نسب التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي تفيد آخر إحصائيات وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي أن المعدل الوطني لتمدرس الأطفال ما بين 6 و11 سنة بلغ 8ر94 في المئة في 2010/2009 مقابل 9ر87 في المائة في 2005/2004، و4ر52 في المائة في 1991/1990 (التقرير الوطني لأهداف الألفية من أجل التنمية 2009). وانتقل هذا المعدل، حسب تقرير أهداف الألفية، من 9ر35 في المئة (91/1990) إلى 6ر90 (09/2008) في الوسط القروي، مقابل 6ر76 و5ر90 في المائة على التوالي بالوسط الحضري. وسجل أهم تطور على مستوى تمدرس الفتيات في الوسط القروي، حيث تضاعف هذا المعدل أربع مرات خلال نفس الفترة. وفي ما يخص ظاهرة الهدر المدرسي، التي تعتبر مؤشرا أساسيا على الاختلالات التي تعرفها المنظومة التربوية، مكنت التدابير التي اتخذتها الوزارة من تقليص عدد المنقطعين بأكثر من 80 ألف تلميذ برسم الموسم الدراسي 2010/2009، سواء من خلال توفير عرض تربوي جيد، خاصة بالوسط القروي، أو تدابير الدعم التربوي والدعم الاجتماعي للأسر وتوعيتها بأهمية مواصلة تمدرس أبنائها. * آليات لتفعيل خطة العمل الوطنية محليا وجهويا أوصى المؤتمر الوطني لحقوق الطفل المنعقد بمراكش في سنة 2008 بوضع برامج ومخططات محلية وجهوية للنهوض بحقوق الطفل كتنزيل محلي لمضامين الخطة العشرية لحماية الطفولة. ويعتبر برلمان الطفل من الآليات الأساسية لتحقيق ذلك عبر تفعيل دوره محليا وجهويا كمنبر مكن الأطفال البرلمانيين، الذين يمثلون بدورهم جميع أطفال دوائرهم،من ممارسة حقوقهم والدفاع عنها. وكان المغرب من الدول السابقة لتفعيل دور هذه الهيئة التي عقدت دورتها الأولى في ربيع 1999 ليتم بذلك الإعلان عن ميلاد آلية أساسية من الآليات التي اعتمدها المغرب لإعمال اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل وكصورة مطابقة للأصل لمجلس النواب مع إشراك فئات الصم والبكم والمكفوفين وأطفال التكوين المهني والتربية.