عاد الشاعر عبد الرفيع جواهري إلى المشهد الشعري بديوانين جديدين، هما «كأني أفيق» و«الرابسوديا الزرقاء»، الأول صدر عن منشورات «بيت الشعر في المغرب»، والثاني عن منشورات وزارة الثقافة. وفي الوقت الذي يستعيد فيه جواهري أيام وذكريات مدينة فاس، في ديوان «كأني أفيق»، نجده موزعا في «الرابسوديا الزرقاء» بين أكثر من عنوان، منها ما يستعيد إيقاع كلمات بعض الأغاني المغربية الشهيرة، مثل «راحلة» و«القمر الأحمر» التي كتبها جواهري وأداها بعض المطربين المغاربة، مثل عبد الهادي بلخياط ومحمد الحياني ورجاء بلميح، كما في «يكفيني أنك أنت حبيبتي» و«دعيني بعيدا قليلا»، ومنها ما يتكئ على حمولة سياسية ووجهة نظر خاصة بصدد بعض التحولات، التي كان شاعرنا شاهدا عليها وفاعلا فيها، وخصوصا في «رأيت السيف في يد من أحب» و«رماد» و«مرثية قبل الأوان» و«مخبر». وكما احتفى جواهري بمدينة فاس في «كأني أفيق»، نجده يحتفي في «الرابسوديا الزرقاء» بمدن أخرى كالرباط والدار البيضاء وتطوان، كما في قصائد «باليما» و«كازابلانكا» و«تحت قباب طائها». وعلى عكس «كأني أفيق»، حيث الاحتفاء بمسقط الرأس، نكون في «الرابسوديا الزرقاء» مع مضمون قصائد تختصر جانبا كبيرا من شخصية وحياة جواهري، التي تتوزعها انشغالات متعددة، فيها ما هو فني وأدبي، وما هو سياسي وحقوقي واجتماعي، غير أن تصديره للديوان بقصائد «رأيت السيف في يد من أحب» و«رماد» و«مرثية قبل الأوان»، التي يوجد ويوحد بينها أكثر من رابط، تبدو منتصرة لمضمون خاص فيه شيء من الحزن وكثير من المرارة. وعرف جواهري بانشغاله بأكثر من مجال، فهو رئيس سابق لاتحاد كتاب المغرب، ونائب برلماني سابق عن مدينة مراكش، وأحد مؤسسي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ومحام، كما أنه تدرج في المواقع داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حتى صار عضوا في مكتبه السياسي، لكنه في السنوات الأخيرة اعتزل السياسة متفرغا للكتابة، وهو شاعر، ويعتبر أحد مؤسسي الكتابة الساخرة في الصحافة المغربية المكتوبة. ومنذ «ميعاد» أول أغنية كتب كلماتها، راكم جواهري أكثر من 30 أغنية، تعامل فيها مع ملحنين معروفين، أمثال عبد السلام عامر وحسن القدميري وعبد الرفيق الشنقيطي وسعيد الشرايبي، تراوحت خلالها تجربته الشعرية بين مرحلة غنائية ومرحلة تساوقت مع الالتزامات السياسية، أطرها ديوان «وشم في الكف»، الذي جاء محتفيا بالشهادة والشهداء، ثم ديوان «شيء كالظل». ولم تتوقف مؤلفات جواهري عند حدود ديوانيه «وشم في الكف» و«شيء كالظل»، فضلا عن ديوانيه الأخيرين، «كأني أفيق» و«الرابسوديا الزرقاء»، بل له مؤلفات أخرى، هي «غرفة الانتظار» و«النافذة» و«أصحاب السعادة» و«جامع الفنا: الصورة وظلالها».