الصحافة الإسبانية تخوض حربا حقيقية ضد المغرب، وبات من الواضح أن أغلب عناوينها تتحرك وفق هدف سياسي استراتيجي يروم إضعاف المغرب، ومن ثم فإن الحرب، من دون شك، ستستمر، ما يوجب على بلادنا التفكير في إستراتيجية محكمة للدفاع عن مصالحها وعن صورتها في العالم. وبعيدا عن السقوط المهني والأخلاقي الذي أوقعت وسائل إعلام إسبانية نفسها فيه خلال الأيام الأخيرة، فإن المغرب مدعو إلى الانكباب اليوم على موضوع علاقته بالإعلام الدولي، وحضوره في هذا الفضاء الذي لم يعد خافيا تأثيره السياسي والاستراتيجي. اليوم، صحيح أن الإعلام الإسباني يحتل صدارة الرعونة في التعاطي مع قضايا المغرب، لكن هناك أيضا موضوع قناة «الجزيرة»، وأيضا وكالة الأنباء الفرنسية في الفترة الأخيرة، وهذا يجعل الأمر حربا حقيقية تقتضي من المغرب بلورة خطة حرفية ذكية للمواجهة وللدفاع عن صورته الديمقراطية الحداثية والتنموية، ولإسناد قضاياه الوطنية ومصالحه الإستراتيجية إن على الصعيد الإقليمي العربي والمتوسطي أو على الصعيد العالمي. يحق للمملكة اليوم، وهي تخلد عيد استقلالها الخامس والخمسين، أن تتقدم للعالم أجمع بثقة واعتزاز بما راكمته من منجز تنموي وديمقراطي، يجعل منها استثناء عربيا وإفريقيا، ومحورا هاما للاستقرار والأمن في المنطقة، وهذا الطموح يحتاج اليوم إلى موقع في الساحة الإعلامية العربية والعالمية. وبالإضافة إلى الوعي بأهمية هذا التموقع بالنسبة لمصالح المغرب، فإن النجاح في ذلك يتطلب إمكانات وخططا واستراتيجيات مهنية واستثمارية وسياسية. المغرب اليوم في حاجة لامتلاك إعلام وطني قوي بمهنيته وبجودته وبانتشاره خارج الحدود، وهو أيضا في حاجة إلى تقوية جاذبيته تجاه وسائل الإعلام العربية والدولية، قنوات وإذاعات ووكالات وصحف، وتأطير العلاقات معها وفق قواعد مهنية وقانونية واضحة. إننا ونحن نحتفل باليوم الوطني للإعلام، ومع اقتراب موعد اختتام أعمال الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، مدعوون جميعا للتفكير بجدية وهدوء في الخلاصات التي تواجهنا اليوم جراء هجومات الإعلام الإسباني وقناة الجزيرة، والانتقال إلى جعل الظرفية مناسبة لتفعيل خطة وطنية متكاملة في أسرع وقت بغاية تقوية حضور بلادنا في ساحة الإعلام الدولي والإقليمي. وإن البداية توجد اليوم في وعي المسؤولين بالأمر، وفي ضرورة الانكباب على الإنجاز بمشاركة مهنيين أكفاء، وقبل ذلك في تمتين شروط قوتنا الداخلية عبر إصلاح حقيقي لإعلامنا الوطني ولممارستنا الإعلامية، سواء في الإعلام العمومي أو الخاص، ودعم مقاولاتنا الصحفية الجادة بما يعزز تنافسيتها وتأهيلها وجودة منتوجها المهني. إن المغرب المستقل منذ 55 سنة، والقوي بإجماعه على عدالة قضيته الوطنية، والمتطلع إلى تعزيز بنائه الديمقراطي ومنجزه التنموي، لديه الكثير مما يحق له ترويجه، بثقة واعتزاز، للعالم كله. إلى العمل، إذن...