شكل الاستغلال الفاحش للملك العمومي بمدينة سلا ظاهرة مشينة تقض مضجع ساكنة المدينة والفاعلين والمتتبعين للشأن المحلي، ومن يقف على واقع الملك العمومي يصاب بالذهول للفوضى العارمة التي يعرفها. وقد زاد تقاعس السلطات المحلية من تفاقم الظاهرة احتلال الملك العمومي. لقد غابت السلطة المسؤولة مما جعل لملك العمومي عرضة للنهب خاصة بعد أن تكونت قناعة لدى المحتلين بأن لاشيء قد يزعجهم من طرف المسؤولين، فدفعتهم مصالحهم الخاصة إلى بذل ما في وسعهم من أجل استغلال الملك العام وتكريسه مما شكل من هذا الاستغلال ولا يزال ينبوعا لا ينضب للاغتناء على حساب الملك العمومي. فحتى تدخلات السلطة المحلية في بعض الحالات لم ترق للمستوى المطلوب وإنما بقيت كدر الرماد في العيون. حيث بقيت تدخلاتها حبيسة بين الحلول الترقيعية التي لا تفيد في الغالب إلا مصالح المحتلين للملك العمومي، وبين التفرج على واقع الحال من فوضى وعشوائية في نهب المجال العمومي. إن الزائر لمدينة سلا قد تصيبه الدهشة لما آل إليه الملك العمومي حيث لم يبق منه إلا الاسم، فكراسي المقاهي احتلت الرصيف كله مما فرض على الراجلين السير جنبا إلى جنب السيارات، وهو ما شكل ويشكل خطرا على حياتهم. أما بعض الأزقة بالمدينة فقد احتلها الباعة المتجولون وبالتالي فرضوا نظامهم الخاص في هذه الأحياء حيث يمنع المرور على السيارات والدراجات من فرط الازدحام بالعربات المجرورة وغيرها من الوسائل المعرقلة للسير والمشجعة لظواهر أخرى منها على سبيل المثال نشل جيوب المواطنين من طرف اللصوص الذين يشتغلون ظروف الازدحام. في حين تجد بعض أعوان السلطة غافلين عما يدور في هذه الأسواق العشوائية، لا يهمهم سوى الإتاوات التي يفرضونها على الباعة وأصحاب المحلات الذين يحتلون الملك العمومي. كما أن بعض الساحات العمومية تحولت بقدرة قادر إلى أسواق عشوائية أو موقف للسيارات. فسوق الشيشان والصومال وسوق العفاريت وغيرها من الأسواق العشوائية الأخرى أصبحت تشكل نقط سوداء بغالبية الأحياء مما جعل الساكنة المجاورة تتذمر من وجودها، فهي نقمة على سكان هذه الأحياء لما يحدث فيها من ضجيج لمكبرات الصوت، إضافة إلى ما تخلفه من أزبال خاصة بقايا الأسماك والدواجن التي تنبعث منها روائح كريهة خاصة خلال فصل الصيف. وقد تم تحويل مساحات عمومية إلى بناءات تستغل من طرف المحظوظين كما تم وضم مساحات متعددة الموجودة أمام بعض المنازل ببعض الأحياء، ما أدى إلى ضيق الأزقة. هذه التراخي من قبل السلطات المحلية، فتح شهية البعض للاستيلاء على الملك العمومي واستغلال الفضاءات الفارغة دون مراعاة للمصلحة العامة. إن الفوضى العارمة التي يعرفها احتلال الملك العمومي بمدينة سلا حولها من مدينة تاريخية مناضلة تزهو بحدائقها وبساتينها إلى مدينة متسخة وملوثة تعيش فوضى لا مثيل لها. فعلى السلطات المحلية أن تتحرك للحد ومحاربة ظاهرة احتلال الملك العام التي تتعاظم في ظل السكوت المطبق عنها.