جولتان جديدتان للمفاوضات غير الرسمية بين المغرب والبوليساريو في دجنبر ومطلع العام المقبل انتهت مفاوضات مانهاست بضواحي نيويورك بين المغرب والبوليساريو بالاتفاق على استئناف تبادل الزيارات العائلية في أقرب الآجال، وتواعدت الأطراف على موعدين قادمين في غضون شهر من الآن، وفي مطلع العام المقبل، في الوقت الذي ارتفعت حصيلة أحداث الاثنين الدامي إلى 11 شخصا، منهم عشرة في صفوف القوات العمومية، بحسب ما علم لدى مصادر طبية بعدما توفي عنصران من قوات الأمن أمس، متأثرين بجروحهما البليغة، كما أمر الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالعيون بفتح تحقيق لتحديد ملابسات وفاة إبراهيم كركار ولد محمد ولد حمادي الذي دهسته شاحنة خلال أعمال العنف. واتفق أطراف النزاع في الصحراء، أول أمس الثلاثاء، على عقد جولتين جديدتين من الاجتماعات غير الرسمية، الأولى الشهر المقبل والثانية في بداية السنة المقبلة، في اختتام الاجتماع الثالث غير الرسمي بين المغرب والبوليساريو الممهد للجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة، كما تقرر استئناف الرحلات الجوية لتبادل الزيارات العائلية على أساس تسريع الشروع في تنظيمها برا. وعادت الحياة الطبيعية إلى مدينة العيون كبرى حواضر الأقاليم الجنوبية للمملكة، وعاد الهدوء ليخيم على أرجائها بعد أحداث الشغب التي عرفتها الاثنين الماضي، والتي اندلعت بتزامن مع انطلاق الجولة التمهيدية الثالثة من الاجتماعات غير الرسمية حول مستقبل المنطقة تحت إشراف الأممالمتحدة. وأعلنت السلطات المغربية أن حصيلة هذه الأحداث ارتفعت إلى تسعة أشخاص من بينهم 8 من أفراد القوات العمومية، بعد أن لفظ ثلاثة ضحايا آخرين أنفاسهم متأثرين بجراحهم إثر المواجهات العنيفة التي قادها أفراد ملثمون، تشير كل التقارير أنهم من أفواج الشباب العائدين مؤخرا من جحيم مخيمات العار بتندوف. وأعلن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، كريستوفر روس، في لقاء صحفي عقب انتهاء جولة المباحثات، أن الأطراف قررت الاجتماع مجددا في شهر دجنبر وفي مطلع السنة المقبلة، وفق ما أسماه «مقاربات جديدة» في أفق مواصلة مسلسل المفاوضات التي دعت إليها قرارات مجلس الأمن. ومن جانبه شدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري، الذي ترأس الوفد المغربي إلى هذا الاجتماع، أن المغرب، انطلاقا من وعيه بضرورة تجاوز حالة الجمود التي يوجد بها مسلسل المفاوضات، أكد على ضرورة إعطائها دينامية جديدة ودفعة نوعية، ليس فقط بالتركيز على مواصلتها، وإنما أيضا تفعيلها حسب الإمكانيات ووفق مقاربة ومنهجية جديدة، مقترحا بعض الوسائل التي ستمكن من التوصل إلى الحل المنشود. وعلى الرغم أن المباحثات «جرت في جو من الاحترام المتبادل» بحسب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، «إلا أن كل طرف واصل رفض مقترح الطرف الآخر كأساس للمفاوضات المقبلة». بالمقابل أكد الفاسي الفهري أنه يتعين على جميع الأطراف الانخراط في روح المفاوضات والعمل على تطبيق قرارات مجلس الأمن، وأن لا تبقى حبيسة مخططات سابقة أصبحت متجاوزة. وأردف بالقول «إنه بات من الضروري أن نتطلع إلى المستقبل، وأن نتجاوب مع مجلس الأمن بهذه الروح في إطار من التوافق». مضيفا «سننتظر الاقتراحات العملية ذات الصلة بهذا الأمر من طرف المبعوث الشخصي»، الذي اتضح له ضرورة إعطاء دفعة للمفاوضات لاختيار بعض الوسائل الأخرى للتوصل إلى الحل المنشود. وتأسف وزير الشؤون الخارجية والتعاون لعدم إحراز سوى تقدم طفيف، محملا مسؤولية ذلك للأطراف الأخرى، التي لا تزال متمسكة بموقفها، وتحاول التهرب من مسؤوليتها، وإعطاء أهمية مبالغ فيها لبعض الأحداث ولبعض القضايا التي ليس لها وجود في مانهاست. مجددا رفض المغرب لما يسمى بمقترح الطرف الآخر الذي لم يأت بجديد، ولا ينخرط في ما دعا إليه مجلس الأمن من التحلي بروح التوافق والواقعية، على الرغم من أن الوفد المغربي عمل على تقديم «كل الشروحات سواء بالنسبة للمقترح الخاص بالحكم الذاتي أو بالنسبة للتوصل إلى حل، وذلك لأسباب إستراتيجية وأمنية ومغاربية واقتصادية». مؤكدا استعداد المغرب للتوصل إلى تسوية للنزاع على أساس قرارات مجلس الأمن التي تؤكد على الجهود المبذولة من طرف المغرب وجدية ووضوح مبادرته حول منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا في إطار السيادة الترابية والوطنية للمملكة. وسجل المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء في البيان الذي تلاه أمام وسائل الإعلام، أنه للمرة الأولى تجتمع الوفود الأربعة الحاضرة في مانهاست، المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو ، سوية لتدارس استئناف برنامج تدابير الثقة لتبادل الزيارات العائلية الذي تشرف عليه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على أساس مخطط العمل لسنة 2004، مشيرا إلى أن الأطراف اتفقت على الاستئناف الفوري للرحلات الجوية لهذه الزيارات، وتسريع الشروع في تنظيمها برا. وأبرز كريستوفر روس أن الأطراف قبلت بعقد اجتماع قريب في جنيف مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لمراجعة تنفيذ مخطط العمل والتوجه نحو إطلاق الزيارات عن طرق البر. وحمل وزير الشؤون الخارجية والتعاون مسؤولية تعثر برنامج تدابير الثقة وتبادل الزيارات العائلية للأطراف الأخرى التي كانت وراء وقف هذه الزيارات مؤخرا، مسجلا التقدم الملموس الذي أحرز خلال هذه المفاوضات بهذا الخصوص، بعد أن تقدم الوفد المغربي بكل الشروحات الضرورية. إلى ذلك، وبينما ارتفع عدد ضحايا الاعتداء الغاشم على قوات الأمن إلى تسعة أشخاص، أعلنت السلطات القضائية أن عدد الموقوفين على خلفية تلك الأحداث الدامية وصل إلى 163 شخصا كانوا وراء إثارة الشغب والفوضى بالمدينة. وفي سياق متصل، تعرضت العديد من التمثيليات الدبلوماسية ومواطنون مغاربة بالجارة إسبانيا، منذ يوم الاثنين، لهجومات من طرف موالين للانفصاليين مدعومين بجمعيات إسبانية مؤيدة لهم، وذلك بكل من العاصمة مدريد وفلنسيا ولاس بالماس بجزر الكناري، وبلباو بإقليم الباسك، حيث أعلنت وزارة الداخلية بهذا الإقليم، عن اعتقال ثلاثة أشخاص موالين للبوليساريو متورطين في أحداث الشغب أمام القنصلية المغربية بالمدينة. واضطرت قوات الأمن بمختلف المدن للتدخل بقوة، لتفريق المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام مقرات التمثيليات الدبلوماسية المغربية بإسبانيا، باستعمال الرصاص المطاطي والغازات المسيلة للدموع، وذلك لوقف الهجوم على رموز السيادة المغربية.