يبدو أن الحكومة أعدت خطة لتجفيف منابع تمويل الإرهاب واختارت أن تؤسس لذلك عبر بوابة التشريع، حيث أحالت على البرلمان مشروع قانون يحمل رقم 10-13 يتضمن مقتضيات تحدد جريمة تمويل الأعمال الإرهابية التي يمكن أن تتم عبر تبييض الأموال أو عبر أموال المخدرات، كما ينص هذا القانون على تحميل المؤسسات المالية أيا كان نشاطها كالأبناك أو مكاتب الصرف أو مقاولات التأمين..، مسؤولية المراقبة القبلية والتأكد من هوية الزبناء أو من يتصرف باسمهم بموجب توكيل، والتحري في مصدر الأموال، هذا فضلا عن مراقبة الأعمال والعمليات التي ينجزها والتي يستفيد منها أشخاص ينتمون لدول تمثل خطورة في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأرفقت الحكومة مشروع القانون السالف الذكر الذي يوجد حاليا على مكتب مجلس النواب والذي يتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية والقانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال، برسالة طلب التعجيل بدراسة ومناقشة القانون المقترح، مما يؤكد أن مسألة تجفيف مصادر تمويل الحركات أو الأفعال الإرهابية بات أمرا مستعجلا، خاصة وأن المغرب شهد منذ حصول أول حادث إرهابي على أراضيه سنة 2003 ،اعتقال عدد كبير ممن يسمون بالخلايا النائمة التي كانت تخطط للقيام بأعمال إرهابية، أو الخلايا التي كانت تعمل على تيسير تنقل أشخاص لمناطق النزاع خاصة بالعراق. ويظهر من المستجدات التي تضمنها النص التشريعي، أن الحكومة شرعت في ملاءمة تشريعها الوطني مع بنود عدد من الاتفاقيات الدولية خاصة تلك التي تتعلق بزجر تمويل الإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، حيث نصت على أن تمويل الإرهاب يعد فعلا إرهابيا، سواء ارتكب هذا الفعل داخل المغرب أو خارجه، كالقيام عمدا، بصفة مباشرة أو غير مباشرة بتقديم أو جمع أو تدبير أموال وممتلكات ولو كانت مشروعة بنية استخدامها لارتكاب فعل إرهابي، أو أنها ستستخدم، كليا أو جزئيا، من طرف شخص أو أشخاص أو جماعة أو عصابة منظمة، لارتكاب فعل إرهابي أو أفعال إرهابية. كما اعتبر مشروع القانون في بنوده أن تقديم مساعدة أو مشورة لهذا الغرض، يعد فعلا إرهابيا، وأنه في حالة الإدانة يتم المصادرة الكلية للممتلكات والعائدات المتحصلة والتي كانت ستستعمل في الجريمة مع حفظ حق الغير حسن النية. وفيما يمكن اعتباره بأنه يدخل في باب التنسيق الاستخباراتي، أجاز المشرع تسليم أي شخص مراقب داخل أراضي المغرب إلى دولة أجنبية، بناء على طلب التسليم، ونص على أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف لا يمكن له منع الإذن بالتسليم، إلا بعد موافقة وزير العدل، شريطة أن لا يكون تنفيذ هذه العملية -التسليم المراقب- يمس بسيادة المملكة أو أمنها أو نظامها العام أو مصالحها «الأخرى الأساسية»،يشير مشروع نص القانون. واعتبارا، أن تمويل الإرهاب يتم عبر دخول أموال غير مشروعة بطريقة قانونية وإيداعها في حسابات خاصة لأغراض تجارية، حمل المشروع المسؤولية للمؤسسات المالية خاصة الأبناك والمسؤولين فيها عن قسم فتح الحسابات البنكية، للتأكد قبل إتمام العملية من هوية صاحب الطلب، وما إن كان يتوفر على حسابات أخرى مفتوحة في دفاتر المؤسسة، بل والتحري حول الأسباب التي تم على أساسها تقديم طلب فتح حساب جديد. وشدد المشرع على هؤلاء المسؤولين بالامتناع عن فتح حسابات مجهولة أو بأسماء وهمية، والامتناع أيضا عن إقامة علاقات مراسلة مصرفية مع أية مؤسسات مالية وهمية أو الاستمرار فيها، والتأكد من أن مراسليهم بالخارج يخضعون لنفس الالتزام، مقترحا وضع تدابير داخلية لليقظة والكشف والمراقبة وتدبير المخاطر المرتبطة بغسل الأموال.