اقتراح فتح حيازة رأسمال المصحات الخاصة أمام مستثمرين خارج فئة الأطباء من أجل ملاءمة التشريع مع تطور منظومة عرض العلاج أطلقت وزارة الصحة مجددا الحوار حول مسألة حيازة رأسمال المصحات الخاصة والمؤسسات المماثلة لها من طرف مستثمرين لا ينتمون إلى فئة الأطباء، والذي يعد أحد المحاور الأساسية في مسار إصلاح المنظومة الصحية الذي يندرج ضمن سياق الإصلاحات الكبرى التي يعرفها المغرب. وقد عمدت الوزارة في هذا الصدد خلال ورشة نظمتها نهاية الأسبوع الماضي بالرباط، إلى إشراك رؤساء لجن القطاعات الاجتماعية بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، وأعضاء المجلس الوطني ورؤساء المجالس الجهوية للهيئة الوطنية للأطباء، وممثلي المنظمات المهنية والنقابية للأطباء، وممثلين عن الإدارات المعنية، هذا فضلا عن هيئات التأمين عن المرض، وذلك بهدف جعل النقاش موسعا ويشمل جميع الفئات، واستجماع مختلف الاقتراحات والآراء بل والانتظارات. وقالت ياسمينة بادو وزيرة الصحة، في افتتاح هذه الورشة «إن المنظومة الصحية بصفتها أحد القطاعات الاجتماعية ذات الأولوية عرفت إصلاحات متتالية طبعتها إجراءات مهيكلة سواء على المستوى المؤسساتي أو التنظيمي أو التمويلي أو ألتدبيري، معززة بترسانة قانونية وتنظيمية مواكبة». وكمبررات لطرح مقترح فتح رأسمال المصحات الخاصة أمام غرباء عن القطاع، أبرزت المسؤولة الحكومية التحديات التي باتت تواجه القطاع، حيث زاد الوعي الصحي والطلب على العلاجات الحديثة، قائلة «إنه بالموازاة مع هذا المجهود الإصلاحي الكبير الذي طال القطاع الصحي، لازالت هناك تحديات ضخمة تتمثل في التحول الملحوظ سواء على المستوى الديمغرافي والحضري والوبائي، وأن هذا التحول بمستوياته الثلاثة تضافرت آثاره لتزيد من عبء المرض والطلب العام على العلاج، هذا فضلا عن العولمة التي نتج عنها تحرير السلع وتكثيف التبادل ورواج الأموال والخدمات التكنولوجيا والرأسمال». وأكدت أنه بات مطروحا ابتكار أساليب جديدة للتمويل ومواصلة سياسة ترشيد وعقلنة تدبير الإمكانات البشرية والمادية وذلك لمواجهة مختلف تلك التحديات خاصة منها المرتبطة بضعف التمويل. واستنادا لأرضية أعدتها الوزارة وتم تقديمها خلال هذه الورشة، فإنه يوجد حاليا بالمغرب 360 مصحة مرخص لها تتوفر على طاقة سريرة إجمالية تناهز 7241 سرير موزعة مجاليا بشكل غير متساو، حيث يتواجد ما يقرب من 106 مصحة بالدار البيضاء الكبرى وحدها، ويبلغ متوسط طاقتها الاستيعابية ما بين 15 و30 سرير. وتؤكد الوزارة، أن قليلة هي المصحات الكبرى ذات 100 سرير وتتواجد بالدار البيضاء، الرباط، فاس.. ومنها من تتوفر على تكنولوجيا طبية متطورة. ويتضمن القانون 94/10 مقتضيات خاصة بمسألة سبل حيازة رأسمال المصحات الخاصة، لكنه لا يقر بشكل واضح بإمكانية فتح المجال لغير الأطباء بالاستثمار في القطاع، الشيء الذي أصبح يتعارض مع التطور الذي بلغته منظومة عرض العلاج، حيث إن هذا القانون يسمح للأطباء الشراكة في حيازة وسائل العمل عن طريق إحداث جمعيات أو شركات مدنية خاضعة لقانون الالتزامات والعقود فقط، إلا أن بعض المصحات التي تأسست قبل هذا القانون لازالت تحتفظ بنظام الشركات ذات المسؤولية المحدودة. وقد كرس المرسوم التطبيقي للقانون 94/10 مبدأ حيازة المصحات من طرف الأطباء، وتؤكد وزارة الصحة أن التطورات اللامنتهية والسريعة للمعرفة الطبية والبيوتوكولوجية بصفة عامة تزيد من تكاليف الاستثمار وبالتالي تكاليف العلاج، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب على الأطباء تحمل تكاليف الاستثمار الباهظة. وهذا ما يفسر تحرير رأسمال المؤسسات الصحية في عدة دول، لذا فهو يشكل أحد محاور الإصلاح في القانون 94/10 الذي تنكب عليه الوزارة باستشارة مع المهنيين، كما يدخل في إطار إعادة هيكلة المنظومة الصحية ومنظومة عرض العلاجات التي هي موضوع مشروع القانون إطار رقم 09/34 الذي صادق عليه مجلس النواب في الدورة الماضية ويوجد حاليا قيد الدرس بمجلس المستشارين.