العماري.. سافر إلى طنجة طالبا تبرعات أغنيائها لفائدة ضحايا زلزال الحسيمة فأصبح عمدة لعروس الشمال كما كان مخططا له سلفا، خلف فؤاد العماري المنسق الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بطنجة، العمدة المستقيل اضطراريا، سمير عيد المولى. وقد حصل العماري خلال عملية الانتخاب التي جرت أمس الأحد، على 59 صوتا من أصل 83، مقابل 23 صوتا لمنافسه عبد اللطيف بروحو من حزب العدالة والتنمية. ولحدود منتصف يوم أمس، لا زالت عملية انتخاب أعضاء المكتب المسير مستمرة، بعدما انتخبت سيدة (سعيد شاكر) نائبة أولى له. ولا تبدو من خلال التوجه العام، أي مؤشرات لوقوع مفاجآت في عملية انتخاب نواب الرئيس. ولم يكن مفاجئا تنصيب العماري رئيسا للمجلس الجماعي لمدية طنجة، سوى للقليلين، أبرزهم من يرون في العماري «شابا قليل التجرية، وضعيف الخبرة بشؤون مدينة جاء إليها قبل سبع سنوات لجمع تبرعات أغنياء وأعيان طنجة، سيما المنحدرين من الريف». ومع ذلك، وإن كانت الأغلبية قد هضمت التسوية الجديدة، فإن المتتبعين لديهم شكوك عميقة حول قدرة حزب لا يملك سوى بضع منتخبين مثله مثل «أحزاب مهمشة» بمجلس طنجة، في فرض نمط تدبيري لعروس الشمال سيما أن أغلب التسويات المرتبطة بمجلس مدينة طنجة، بحسب مصادرنا، تجرى في العاصمة الرباط بدل طنجة، لعدم تكرار ما جرى بعيد الانتخابات الجماعية الماضية، لما «غُرر» بمحمد بوهريز، المنسق الإقليمي لحزب التجمع الوطني للأحرار لشكيل تحالف مع حزب العدالة والتنمية، وصرف النظر عن منتخبي «البام القليلي» التاثير في نهاية المطاف. ورغم أن تجربة سمير عبد المولى التي وصفت ب»الكارثة»، أظهرت بحسب تصريحات منتخبين بالجماعة لبيان اليوم، نتائج فرض «معادلات سياسية غير واقعية»، إلا أن تنصيب العماري الذي ليس سوى شقيق إلياس العماري القيادي المتحكم في كل شي تفريبا داخل البام، قد يعيد السيناريو نفسه من جديد، وإن كان المكتب المسير قد أعيد ترميمه بشكل يسمح للقوة الكبرى بالمجلس، بالمشاركة على قدر وازن، في تدبير القرار المحلي. و»فرض» اسم العماري، بشكل رسمي يوم السبت الماضي، بعدما قررت القيادات الوطنية لأحزاب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، تقديمه كمرشح مشترك لانتخاب رئيس مجلس مدينة طنجة. وذكر بلاغ مشترك للأحزاب الثلاثة أن التوافق على تقديم مرشح مشترك يأتي «في إطار سعي أحزاب التحالف إلى تشكيل فريق عمل يحظى بدعم سياسي وأغلبية قادرة على ترجمة الالتزامات التي قطعتها في برامجها الانتخابية، وفي ترجمة لتقارب مواقفها بخصوص قضايا محلية ووطنية». وقد ضمنت أحزاب التحالف التزاماتها المتبادلة في «ميثاق للحكامة الجيدة»، وقع عليه كل من صلاح الدين مزوار والشيح بيد الله ومحمد الأبيض، وأوكلت لهم مهام تعيين أعضاء لجنة وطنية من أجل تقييم تنفيذ كل طرف لبنود الاتفاق، وتجتمع مرتين في السنة. وأشرف فؤاد عالي الهمة، بشكل شخصي، على إنجاز ميثاق الحكامة، فيما اكتفى الأمناء العامون للحزبين الآخرين بالتوقيع عليه، وقد لوحظ غياب أقطاب التجمع الوطني للأحرار والدستوريين بطنجة عن لقاء لتقديم الميثاق، كونه «أعد في الرباط لحكم طنجة»، خصوصا أنه لا يتضمن أي جديد من حيث مضمونه. وسيكون ميثاق الحكامة هذا، نموذجا للأحزاب الموقعة عليه، في باقي المدن والجماعات، ووصفته مصادر بالجماعة بأنه «ميثاق للتحكم وليس للحكامة»، سيما أن أبرز خطوطه المستترة، «منع الإسلاميين من المشاركة في تسيير المدن المعنية»، وإن كان الهمة قد أشار في معرض كلامه خلال اللقاء المذكور، إلى أن هذا الميثاق «لا يستهدف أي جهة بعينها». علما أن الميثاق الذي روج عنه ك»عملية سياسية غير مسبوقة»، ليس سوى أحد أشكال الاتفاقات المكتوبة التي ألفت الأحزاب إنجازها لتشكيل التحالفات عقب الانتخابات الجماعية. وفيما اعتبر الهمة أن الإعلان عن الميثاق بطنجة «يجسد موقع المدينة في المشهد السياسي»، قال مصدر من الجماعة «إن الميثاق فرضته ظروف اضطرارية ولا علاقة له بأي اختيارات سياسية»، رغم أن تعميمه على مجالس أخرى في المستقبل، «قد يكون أمرا مستحسنا». ويعتبر هذا الميثاق أن تحسين حكامة المجالس الجماعية يمر عبر انخراط هذه الأخيرة، وبشكل فعلي، في مسلسل بناء مدينة الغد المتسمة بالتنمية المستدامة والتضامن الاجتماعي عملا بالتوجهات الملكية. واعتبر الميثاق، الذي حصلت بيان اليوم على نسخة منه، أن هذه المبادرة «تجسد إرادة الأطراف في الدفع بنظام الحكامة المحلية نحو مرحلة جديدة، والانتقال من المقاربة القطاعية فوق تراب الجماعات إلى المقاربة التعاقدية والتشاورية حول مشاريع مندمجة، كما يفعل طموح إحلال ممارسة جماعية جديدة تنبني على توافق النخب السياسية المحلية المشكلة للمجالس المنتخبة في وضع التصورات التنموية». كما ينص الاتفاق على وضع مخطط تنمية حضرية مستدامة بشراكة بين مجالس المقاطعات والفاعلين المحليين، واعتماد سياسة سكنية تضامنية مستدامة، وجعل الثقافة في صلب مشروع المدينة، وجعل المدينة فضاء للعيش وتحسين خدمات مرافقها. وتلتزم أطراف الميثاق بتحديد التوجهات الإستراتيجية وأهداف تنمية الجماعة، والسهر على تكافؤ الفرص في الاستفادة من إنجاز المخطط، والمساواة في ولوج الخدمات والمرافق العمومية، وضمان الانسجام بين جميع التدخلات داخل تراب الجماعة. وترى الأحزاب الموقعة على الميثاق أن الوصول إلى تفعيل أدوات التخطيط والتدخل لن يتأتى إلا بإعداد الميزانية على أساس برمجة تمتد على مدى ثلاث سنوات لموارد وتحملات الجماعة، وذلك من أجل ربط الأهداف الإستراتيجية المسطرة في المخطط الجماعي للتنمية بالميزانية السنوية، والرفع من مستوى فعالية توظيف الموارد المالية. ولبلوغ هذه الأهداف، نصت الوثيقة على أن مكونات التحالف ستعمل على إيلاء العناية الكاملة للبعد الاقتصادي والاجتماعي للميزانية، وتعبئة الموارد الذاتية، وتفعيل مبدأ شمولية الاعتمادات، ونهج أساليب التدقيق والافتحاص، والعمل على احترام الالتزامات المالية الناجمة عن الاتفاقيات والعقود المبرمة، وذلك لإرساء مناخ الثقة بين الجماعة وشركائها. وعلى مستوى تسيير مدينة طنجة، نص الميثاق على تقوية التواصل بين الجهاز التنفيذي للمجلس والجهاز التداولي، والالتزام بواجب حضور دورات المجلس، وتوسيع فضاء النقاش عبر إشراك جميع الفعاليات السياسية المكونة للمجلس. كما تضمن الميثاق دعوة لتفعيل دور اللجان بشكل يسمح لها بأن تكون قوة اقتراحية، والالتزام بصيانة الملك الجماعي وحسن تدبيره، وتكريس ثقافة التشاور بين رئيس المجلس الجماعي ورؤساء المقاطعات، واحترام وتفعيل القرارات المتفق عليها في ندوة الرؤساء، والعمل مع سلطة الوصاية بمنطق الشريك وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة، لما فيه مصلحة المدينة وساكنتها.