توجه سومبات بونغامانونغ، عندما أقفلت السلطات التايلاندية موقعه الإلكتروني، إلى «فيسبوك» لمشاركة آرائه السياسية مع بقية مناصري حركة «القمصان الحمر» المعارضة. وبعد مضي عام واحد، بات سومبات يمتلك صفحتين وآلاف الداعمين على هذه الشبكة الاجتماعية التي «تستضيف» أكثر فأكثر نقاشات سياسية في بلد عطلت حكومته وسائل الإعلام المعارضة بعد أزمة الربيع الماضي. ويوضح سومبات وهو أحد القادة «الحمر» الذي ما زال طليقا ولم يلذ بالفرار أن «فورة الفيسبوك أتت في الوقت المناسب في تايلاند، نظرا للوضع السياسي. فهو أداة عملية لتفادي الرقابة». لاشك أن نجاح «فيسبوك» عالمي، لكن شعبيته تزايدت بأضعاف عدة في تايلاند بعد أن أدت الأزمة السياسية إلى مقتل 91 شخصا وجرح 1900 آخرين في تظاهرات بانكوك بين مارس ومايو. ومدعوما بنسخة باللغة التايلندية، تضاعف عدد مستخدمي «فيسبوك» في المملكة أكثر من مرتين ابتداء من يناير. فسجل أكثر من 7,5 مليون مستخدم أي نحو 9% من السكان، بحسب «فيسباكرز» الذي يجمع البيانات حول هذا الموقع. وخلال أحداث الربيع التي طالب «الحمر» خلالها باستقالة الحكومة، لجأ التايلنديون «الساعون الى آخر الأخبار» أكثر فأكثر إلى «فيسبوك» و»تويتر»، بحسب ما يشرح نوباتجاك أتانون الصحافي في مجلة «ذي نايشن». كذلك أدرك رجال السياسة سريعا القوة الكامنة في هذا العالم الجديد: فيزيد اليوم عدد «المعجبين» برئيس الوزراء أبهيسيت فيجاجيفا على «فيسبوك» عن 480 ألف معجب. وهو رقم يتخطى ما يناله نظيره البريطاني دايفيد كامرون بخمس مرات. أما رئيس الوزراء السابق المنفي تاكسين شيناواترا بطل «الحمر» والعدو الأول للحكم القائم، فهو يلجأ بانتظام إلى «تويتر» متوجها إلى مناصريه. لكن استخدام مواقع مماثلة أمر ينطوي على بعض المخاطر، في بلد تبدي مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان قلقها من التعرض لحرية التعبير. وترى سوبينيا كلانغنارونغ الناشطة في شبكة «تاي نيتيزن نتوورك» أن «فيسبوك أصبح أداة تستخدمها الحكومة لمراقبة الناس والبحث عن معارضيها وإلقاء القبض عليهم». ففي أبريل الماضي، تم توقيف متعاطف «أحمر» لأنه شتم الملكية عبر «فيسبوك». وقد تصل عقوبته إلى السجن لمدة 15 عاما.ويلفت شوتي كرايريكش وزير الإعلام والتكنولوجيات إلى أن «فيسبوك هو تكنولوجيا جديدة وليس لدينا حاليا أية وسيلة للتحكم بها». ويؤكد لوكالة فرانس برس أن الحكومة «تحترم مبدأ حرية التعبير. لكنه إذا ما انتهك الناس القانون، فنحن قادرون على اتخاذ الإجراءات بحقهم». وكانت آلاف المواقع الإلكترونية التي اعتبرت مهينة للعائلة المالكة قد عطلت خلال السنوات الأخيرة. إلى ذلك ألقي القبض على المسؤولة عن الموقع الشعبي «براشاتاي» بتهمة شتم الحكم الملكي، على خلفية تعليقات نشرها مستخدمو موقعها. وقد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 70 عاما. وتقول سوبينيا مستهجنة «المشكلة تكمن في أننا لا نتقبل الرأي الآخر في المجتمع التايلندي اليوم. ويغيب عن بالنا أنه يمكن للبعض أن يفكروا بطريقة مغايرة». ويبين هذا الانقسامات الحادة في هذا المجتمع والتي ترجمت بالدم خلال أزمة الربيع. في ذلك الحين، اتخذت السلطات قرارا بإقفال محطات للتلفزة وصحفا وإذاعات ومواقع إنترنت معارضة. لكن المعارضة ما زالت قادرة على التعبير عن رأيها بفضل «فيسبوك» و»تويتر».