مواصلة المساعي لدى المنسحبين من المؤتمر وبحث آليات التدبير الديمقراطي للاختلاف حضر موضوع الخلافات الداخلية التي عرفتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خلال مؤتمرها التاسع، المنعقد في شهر ماي الأخير، في نقاشات اللجنة الإدارية للجمعية في دورتها الثالثة المنعقدة يوم السبت 9 أكتوبر 2010. ومن بين ما خلص إليه الاجتماع إصدار توصية للمكتب المركزي «بمواصلة المساعي لدى المنسحبين والمنسحبات من أجل استئناف نشاطهم العادي والطبيعي على مستوى كافة أجهزة الجمعية وذلك على أساس احترام نتائج المؤتمر على المستوى الأدبي والتنظيمي واحترام القانون الأساسي والنظام الداخلي للجمعية. وتأتي هذه التوصية في محاولة لرأب الصدع بين مكونات الجمعية بعد أن عرف مؤتمرها التاسع موجة من الانسحابات من الترشيح للجنة الإدارية، وينتمي أغلبية المنسحبين لفصيلي الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والحزب الاشتراكي الموحد. وفيما برر البعض منهم هذا الانسحاب ب»الاختلافات حول المواقف الرسمية للجمعية من قضية الصحراء والعلمانية والحرية الفردية، برره البعض الآخر ب»استيائهم من المنهجية التي مارستها الأجهزة المركزية للجمعية على مستوى تدبير الخلاف في العديد من القضايا، معتبرين أن المؤتمر الوطني التاسع لم يشكل لحظة ديمقراطية للتفاعل ما بين الرؤى والتوجهات المختلفة». كما اعتبروا أن أشغال المؤتمر «تميزت منذ الجلسة الأولى بمحاولة تحكم رأي وحيد في أشغاله ونتائجه بأبعادها السياسية والتنظيمية التي تتنافى مع قواعد التدبير الديمقراطي، واستمرار هذه النزعة في الجلسات الموالية خاصة منها المخصصة للمصادقة على مشاريع المقررات والتصريح الختامي». ورغم ذلك لم ينتخب المؤتمر سوى 63 عضوا باللجنة الإدارية، بدل العدد الأقصى المسموح به قانونيا، وهو 75، وذلك لترك الفرصة أمام المنسحبين لشغل المقاعد ال13 المتبقية. لكن الاتصالات التي يجريها أعضاء المكتب المركزي مازالت لحد الآن غير «مؤسسة» يقول عبد الإله بنعبد السلام، نائب رئيسة الجمعية في اتصال مع بيان اليوم. ويضيف «هناك فقط اتصالات مع المناضلين بشكل عادٍ، ومن اللازم أن يكون هناك نقاش من أجل بحث آليات تجاوز مثل هذه المشاكل». بخصوص ما يعلنه بعض المنسحبين من أن المشكل في جوهره هو مشكل مواقف، يقول بنعبد السلام، «أظن أن المسائل غير مرتبطة بالمواقف. فبخصوص مسألة الصحراء فالموقف هو نفس الموقف الذي تم التعبير عنه في المؤتمر الثامن للجمعية، أما بخصوص الحقوق الفردية فهناك مرجعية واحدة وهي كونية حقوق الإنسان». ويضيف بنعبد السلام أنه «فيما يتعلق بالعلمانية فالنقاش كان مفتوحا في هذا الموضوع وليس هناك تنصيص على العلمانية كمبدإ وإنما اعتبرناها إحدى مقومات دولة الحق والقانون». ويعتبر هذا المناضل الحقوقي أن أصل المشكل يكمن في أن «هناك ضرورة لتعميق الحوار بين جميع مناضلي الجمعية والبحث في آليات التدبير الديمقراطي للاختلاف». وكانت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية، قد اعتبرت في تصريح لبيان اليوم عقب الانسحابات من المؤتمر «أن الخلافات داخل الجمعية ليست جديدة». واعتبرت أن الجديد يكمن في «محاولة بعض الجهات توظيف الخلافات الواقعة اليوم لتصفية حسابات سياسية قديمة مع الجمعية». وأشارت الرياضي إلى أن ما وقع في المؤتمر الوطني التاسع من سحب لعدد من المرشحين للجنة الإدارية لترشيحاتهم وانسحابهم من المؤتمر «لا يرتبط، حسب المنسحبين أنفسهم، بالضرورة بالموقف من العلمانية أو الصحراء أو الحرية الفردية». وتضيف أن هناك «عددا كبيرا من المنسحبين يربطون موقفهم هذا بالاختلاف حول تدبير التمثيلية التعددية داخل أجهزة الجمعية ولا علاقة له بأية مواقف أخرى». غير أنها لم تنف أن «استغلال المواقف من أجل التفاوض حول المواقع كان حاضرا»، معتبرة أن «النقاش الداخلي الديمقراطي والصريح يبقى مفتوحا على مصراعيه باعتباره الكفيل بتطوير مواقف الجمعية في إطار الالتزام بمرجعيتها ومبادئها». معلوم أن اجتماع اللجنة الإدارية، تم عقده تحت شعار «من أجل إلغاء عقوبة الإعدام» نظرا لتزامن الاجتماع مع اليوم العالمي ضد عقوبة الإعدام الذي يتم تخليده في 10 أكتوبر من كل سنة. وقد تم التعرض خلال الاجتماع لتطور أوضاع حقوق الإنسان خلال الثلاثة أشهر الماضية ولنشاط الجمعية خلال نفس الفترة كما تمت المصادقة على برنامج العمل للثلاثة أشهر المقبلة واتخاذ عدد من القرارات التنظيمية تهم الفروع المحلية والجهوية. أما بالنسبة للمجلس الوطني الذي اجتمع في دورته الأولى منذ المؤتمر الوطني يومي السبت والأحد 9 و10 أكتوبر 2010 بمركز بوزنيقة التابع لوزارة الشبيبة والرياضة، فقد تم عقده، حسب بلاغ صادر في الموضوع، تحت شعار «تفعيل التنسيقيات لمناهضة الغلاء والعطالة والفقر ومن أجل الحياة الكريمة» نظرا للاحتفاء القريب باليوم الدولي للقضاء على الفقر (17 أكتوبر) ونظرا لقرار الجمعية بالتعبئة لمدة 10 أيام (من 15 إلى 24 أكتوبر) ضد الغلاء والعطالة والفقر ومن أجل الحياة الكريمة ونظرا كذلك لدور التنسيقيات في إنجاح هذه التعبئة.