إن تجربة الشك التي عاشها ديكارت تمت من خلال إقصاء الغير، والاعتراف بالغير لا يأتي إلا من خلال قوة الحكم العقلي، حيث يكون وجود الغير وجودا استدلاليا. ومعلوم أن الفيلسوف ديكارت قد انطلق من مبدأ الشك في كل شيء ليخلص إلى حقيقة وجوده، عندما أيقن أنه يفك، ومن تم صاغ المبدأ المشهور"أنا أفكر إذن أنا موجود". وإذا ما استحضرنا حجم الملفات التي تعرض على وزارة التعليم ببلادنا، والتي تظل حبيسة الأدراج من دون حلول ولا اكثرات. وإذا ما علمنا أن من بين هذه الملفات ما هو بديهي ولا يحتاج في تدبيره لأدنى جهد. خلصنا إلى حقيقة مفادها أن الوزارة لا تفكر. إما أنها لا تقوى على توظيف العقل؟ وإما أنها تتعمد تغييبه؟ بل أكثر من ذلك فهي لا تسمح بأن يفكر لها؟ المشهد التعليمي ببلادنا، يحمل من التناقضات ما يبعث على الجنون. والممارسون للفعل التعليمي من أساتذة ومدرسين يحملون من المقترحات والحلول ما من شأنه أن يخرج منظومتنا التعليمية من رتبها المتقهقرة بين الدول.اقتراحات تهم الموارد البشرية، كما تهم المنهاج والبرامج والإيقاع الزمني وغيره. لكن للأسف الشديد يلتقي البيت الشعري: لقد أسمعت لو ناديت حيا ** ولكن لا حياة لمن تنادي. مع مبدأ "الكوجيطو الديكارتي" في شخص وزارتنا، فغابت عنها صفتي الحياة والتفكير وغابت عنها سمة الوجود. وبالتالي لا غرابة في خطوات عشوائية وقرارات عقيمة تحاول إعادة منظومة تربوية تحتضر إلى الحياة.