ألقى الممثل المقتدر عزت العلايلي، محاضرة حول فن التمثيل، ضمن فعاليات مهرجان الفيلم القصير المتوسطي، الذي يسهر على تنظيمه المركز السينمائي المغربي، والذي امتد من 4 إلى 9 أكتوبر الجاري بمدينة طنجة وقد مهد لهذه المحاضرة، مدير المركز السينمائي نورالدين الصايل،وتولى تسييرها الناقد محمد بكريم، ومما جاء في الكلمة التمهيدية،أنه لأول مرة ارتأت إدارة المهرجان أن تكلف ممثلا بإلقاء محاضرة، بعد أن دأبت على إسناد هذه المهمة لمخرجين. وعيا بالدور الأساسي الذي يلعبه الممثل في إنجاح عمل فني ما؛ فيمكن أن يكون السيناريو جيدا، مع أذكى مخرج، لكن يكفي أن لا يقدم الممثل ما هو مطلوب منه، لكي يفشل العمل ككل. يعد عزت العلايلي، واحدا من أهم نجوم السينما العربية والعالمية. إنه صديق مهرجانات المغرب، إنه ممن يشيدون من القاهرة، الجسر الذي يوحدنا جميعا، أي: جسر المخيلة والإبداع، هذا الجسر هو أقوى ما يوحدنا. بعد ذلك، ألقى الممثل عزت العلايلي محاضرته القيمة، حول فن التمثيل، نورد في ما يلي أبرز ما تضمنته: موضوع فن التمثيل، ليس بالصعب ولا بالسهل، لعل سهولته تكمن في أننا مجتمع عربي عريق، له أصالة وحضارة، فمن المعلوم أن الأمم المتحضرة تتألف من موارد اقتصادية ونظم سياسية وتقاليد خلقية، ثم الفنون والأدب، لأنه بدون هذا المجال الأخير، يظل المجتمع ناقصا، إنها علامة تحضر الدولة وازدهارها. نحن في مصر، لم نعرف الفراعنة من خلال الكتب، بل من خلال الجدران والتماثيل والمومياءات. هذا يجرنا للحديث عن فن التمثيل، بما يعنيه من تعبير بالرأس ورقصة البالي والإيقاعات واللفظ. لا يكفي أن يقوم الممثل بأداء أدوار تسند إليه، بل عليه أن يتمتع بثقافة، يمكن أن تكون سابقة عن التمرين والإلقاء. أنا شاركت في ما يفوق سبعين شريطا سينمائيا، وتخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكنت عند الانطلاقة فرحا لكوني أصبحت فنانا، لكنني وعيت بأن القضية أكبر من ذلك، فوجدت أنه من اللازم علي أن أطالع الكتب، وكان ذلك بتوجيه من أساتذتي الكبار. الفنان ليس مظهرا فقط، بل جوهر. يجب أن يكون منطوقه سليما. فكل حالة لها منطوقها الخاص.إذن الثقافة شيء أساسي بالنسبة للفنان المؤدي. عيناه يمكن أن تعبران بسند الثقافة. أنا تعلمت الشيء الكثير من مثقفينا،وغصت في هذا البحر العميق من الفلسفة والأدب، بحيث أصبحت وجبة يومية بالنسبة إلي. لا يكفي الصعود إلى المسرح، الذي يعد التكوين الأساسي للممثل، بل من اللازم التعلم كيفية المشي، مع الوعي بأن الجمل هي صناديق مقفلة، مفتاحها الفهم. عندما أفهم الكلمة وأستوعبها جيدا، أنطقها بطريقة سليمة، إما بخبث وإما بطيبوبة أو بحنان، وذلك حسب المشهد الدرامي. الفن يعطينا بقدر من نعطيه. التواضع كذلك، إلى جانب طلب المعرفة بدون إحساس بالخجل،والتواصل مع الآخرين، شيء مهم، ويشكل إضافة بالنسبة للفنان. الفن مسؤولية كبيرة، ويمكن لي القول إن الفنان أعلى مرتبة من رجل السياسة، لأنه يعبر بمنطوق شعبي، يفهمه أي إنسان. الفنان الصادق، لا بد أن يكون أمينا. الفن رسالة، لأنه يدعو إلى بناء المجتمع وإلى السمو والتثقيف. هناك من يقول، إنه عند أدائه لدور ما، يظل هذا الدور ساكنا بداخله، ولا يستطيع أن يخرج من شخصيته، حتى عندما يذهب إلى بيته، لكن هذا غير صائب، صحيح أنه من الضروري أن يتوحد الفنان مع الشخصية التي يؤديها، لكن حرام أن أدخل إلى البيت وأنا بنفس الشخصية التي مثلتها في هذا العمل الفني أو ذاك،بل إنني أتخلص منها بمجرد ما أغادر منصة التصوير.