حمل خطاب جلالة الملك في افتتاح دورة البرلمان الخريفية رسالة قوية حول أهمية إصلاح القضاء، مبرزا جلالته «أن السلطة القضائية، بقدر ماهي مستقلة عن الجهازين، التشريعي والتنفيذي، فإنها جزء لا يتجزأ من سلطة الدولة. فالقضاء مؤتمن على سمو دستور المملكة، وسيادة قوانينها، وحماية حقوق والتزامات المواطنة». وانطلاقا من هذه الرؤية، شدد جلالة الملك على أن حسن تنفيذ مخطط الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، لا ينحصر فقط في عمل الحكومة والبرلمان، وإنما هو رهين، أساسا، بالأداء المسؤول للقضاة، وبذلك يحملهم دورا أساسيا في مسلسل إصلاح العدالة، لافتا إلى أن جلالته يتوخى من المفهوم الجديد لإصلاح العدالة الذي عرضه تحت عنوان كبير ودال «القضاء في خدمة المواطن»، قيام عدالة متميزة بقربها من المتقاضين وببساطة مساطرها وسرعتها، ونزاهة أحكامها، وحداثة هياكلها، وكفاءة وتجرد قضاتها، وتحفيزها للتنمية، والتزامها بسيادة القانون، في إحقاق الحقوق ورفع المظالم. لقد اختار جلالة الملك الإعلان عن مخطط إصلاح القضاء، بالتذكير بالمفهوم الجديد للسلطة، الذي كان قد أعلن عنه في خطاب الدارالبيضاء سنة 1999، مشددا على اعتباره مذهبا في الحكم، كما أن الخطاب الملكي ليوم الجمعة الماضي أمام البرلمان تميز، من جهة ثانية، بقوة المعجم المستعمل ووضوح تعابيره، ما جعل الرسائل جلية، واللغة منسجمة مع المرجعيات والمبادئ التي يتشبث بها مغرب اليوم. لم يتردد ملك البلاد في خطابه أمام المؤسسة التشريعية في اعتبار القضاء سلطة، وهي مستقلة عن الجهازين التشريعي والتنفيذي، وربط إصلاح العدالة بجعلها قريبة من المتقاضين ومحفزة على التنمية، ومؤتمنة على سمو الدستور وسيادة القانون وحماية حقوق والتزامات المواطنة... ولقد ذكر ملك البلاد أيضا بالمفهوم الجديد للسلطة، وشدد على أنه ليس إجراء ظرفيا لمرحلة عابرة، أو مقولة للاستهلاك، ثم أكد على الالتزام الدائم بروحه ومنطوقه، وأنه لا يقتصر على الإدارة الترابية، بل يشمل كل سلطات الدولة. إن خطاب الملك أمام البرلمان، أبرز الطريق الملكي لإصلاح العدالة وترسيخ دولة القانون، وأيضا تحديث الحقل السياسي والبرلماني والانتخابي في بلادنا. المرحلة الآن، تقتضي العمل والتنفيذ باستعجالية وبحزم...