العربي خربوش: نحو مزيد من العقلنة والإنتاجية الدخول البرلماني بالنسبة إلينا في مجلس المستشارين سيكون عاديا، عموما، ومختلفا نسبيا عن مجلس النواب الذي يعرف بداية كل سنة تشريعية بعض التغييرات على مستوى هياكله بالنظر لما يفرضه النظام الداخلي للمجلس من جمع توقيعات لتشكيل الفرق بشكل سنوي، عكس مجلس المستشارين الذي يعرف عقلنة أحسن على هذا المستوى في نظرنا، حيث أن كل هياكله تتكون على رأس كل ثلاث سنوات ... إذن لا يوجد رهان ما على مستوى تشكيل الفرق وهياكل مجلس المستشارين في هذا الدخول. غير أن ما يميز دورة الخريف في المجلسين معا هو المناقشة والمصادقة على مشروع قانون المالية والذي يعتبر أهم مشروع قانون يعرض على البرلمان كل سنة...عدا ذلك سنواصل الدراسة والتصويت على عدد من مشاريع القوانين المتبقاة من الدورة الماضية، وبعضها شرعت اللجان الدائمة في مناقشته منذ أيام أو انتهت من دراسته، أذكر منها مشروع قانون يغير ويتمم النظام الأساسي للوظيفة العمومية، ومشروع قانون يتعلق بحماية المستهلك، ومشروع إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، ومشروع قانون ينظم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري، ومشروع قانون يتعلق بمهنة التوثيق، وآخر يتعلق بمحاربة العنف داخل الملاعب الرياضية.. إضافة إلى بعض مقترحات القوانين التي تقدمت بها فرق برلمانية... وهناك مقترح قانون هام يخصنا كمجلس المستشارين ويهم تعديل النظام الداخلي لمجلس المستشارين للملاءمة أكثر بين النظامين الداخليين لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين، ولا أخفي عليكم أن هذا الموضوع يثير بعض النقاش الحاد خاصة مع وجود أطراف ترغب في إقصاء مجموعة من الفعاليات بالمجلس، وحرمانها من تشكيل فريق برلماني، وذلك عبر الدعوة إلى رفع عدد المستشارين إلى 20 لتشكيل فريق برلماني عوض 12، وذلك رغم وجود توجه عام للحفاظ على الوضع الراهن بسبب تميز تركيبة مجلس المستشارين وخصوصيته (تمثيلية النقابات والغرف المهنية...)، وعدد أعضائه الذي يقل عن عدد أعضاء مجلس النواب. وفي هذا الإطار كذلك ينكب مقترح التعديل على عقلنة وضبط مسطرة «إحاطة المجلس علما بقضية طارئة» والتي غالبا ما تستعمل في غير ما وضعت من أجله وأدت في دورات سابقة إلى بعض المشاكل. أما على المستوى الداخلي فلعل أهم ما سيعرفه المجلس هو مراجعة هيكلته الإدارية ووضعية أطره في اتجاه مزيد من العقلنة والإنتاجية، وهذا أمر هام بالنسبة لأداء المجلس. وأملنا أن يوفر ذلك شروطا أفضل للعمل والمرور إلى مرحلة أخرى وهي الانكباب على تطوير منهجية العمل فيما يتعلق بالمراقبة والتشريع وهي «المهنة» الأساسية للبرلمان.. وبخصوص فريق التحالف الاشتراكي فسيعرف هذه الدورة دعما هاما بعد التحاق مستشارين جديدين به، أحدهما فاز في الانتخابات الجزئية الأخيرة بالجهة الشمالية باسم حزب التقدم والاشتراكية، وستصبح تركيبة الفريق أكثر تنوعا وتمثيلية حيث يضم ممثلين عن الجماعات المحلية وغرف الصناعة التقليدية والغرف الفلاحية وغرف الصيد البحري وممثلي المأجورين، مما يجعله قادرا أكثر على استيعاب مجمل القضايا القطاعية وقدرة أكبر على العمل. ونعتزم مواكبة الدينامية التي انطلقت في حزب التقدم والاشتراكية بعد مؤتمره الأخير، وسنعمل على الانفتاح والتعاون مع كل هياكل الحزب ومنظماته الموازية وقطاعاته السوسيو / مهنية لإغناء نشاط الفريق وعكس القضايا الكبرى لهذه المنظمات داخل البرلمان بمختلف الأشكال التي يتيحها العمل البرلماني.. وسنعمل، في هذه الدورة، على برمجة عدد من مقترحات القوانين التي تقدمنا بها كفريق ومنها خاصة مقترح قانون بإنشاء الوكالة الوطنية للمناطق الجبلية وتعديل نظام الحالة المدنية للسماح بتسجيل الأسماء الأمازيغية ومقترح قانون يتعلق بالحماية من الكوارث والوقاية المدنية. أحمد الزايدي: دورة أكتوبر سياسية بامتياز أظن أن الحديث عن حصيلة البرلمان خلال السنة الماضية بات أمرا متجاوزا. ما يهمنا اليوم هو الدخول البرلماني لهذه السنة والذي نستأنفه بدورة أكتوبر التي تعتبر، خلافا للاعتقاد السائد بأنها دورة القانون المالي، دورة سياسية وتدبيرية في الوقت ذاته. فهي ستفتتح بخطاب ملكي سام يعتبر فرصة للبرلمانيين لقراءة المعطيات التي تعيشها البلاد. بالإضافة إلى كونها دورة ذات موضوع رئيسي يهم التدبير الحكومي من خلال قانون المالية. نحن، في الفريق الاشتراكي، نعكف على الدخول البرلماني في اجتماعات على مستوى المكتب السياسي تمت فيها مناقشة الدخول السياسي بشكل عام. ويتبين، من خلال قراءتنا للوضعية العامة للبلاد، ومن خلال تحيين المشهد السياسي وإشكالياته وراهنية القضايا المطروحة على المجتمع السياسي، ومن خلال تشخيص الوضعية وقراءة المعطيات والأرقام المتوفرة، أن الاهتمام يجب أن ينصب على ملفات هامة، نجد في مقدمتها القضية الوطنية التي يجب أن نكون بصددها حذرين، لأن المنحى الذي تأخذه الأحداث يعرف وتيرة تصاعدية. فبعد أن عشنا السنة المنصرمة أطروحة حقوق الإنسان من خلال قضية أميناتو حيدر وغيرها، وبعد أن فشل أعداء وحدتنا الترابية في جعل هذا الموضوع يغطي على دور الجزائر، تأتي اليوم قضية مصطفى سلمى ولد مولود لتبين أن خصوم المغرب مستعدون للسير في معاداتهم لوحدتنا الترابية أبعد الحدود. فهم يحاولون إعطاء بعض دول المنطقة حجما بارزا في محاولة مكافحة الإرهاب والحال أنهم من صنعوه. اعتبارا لكل ذلك، نرى أنه علينا كدولة وكمؤسسات أن نفضح ما تقوم به الجزائر دفاعا عن حقنا وعن كل شبر من أرضنا. كما أن الاهتمام، بمناسبة الدخول البرلماني، يجب أن ينصب على المشهد السياسي. فلا أحد يجادل بأن هناك وضعية تكاد تكون شاذة فيما يتعلق بالمشهد السياسي، وبإفرازات سلبية تلزمنا بإجراء حوار وطني هادئ ومسؤول يتسم بجدية أكبر وبتصميم أقوى من أجل محاربة الشوائب. وأقصد هنا الترحال السياسي ومحاولة تسفيه العمل السياسي. والاهتمام سيتركز أيضا وبطبيعة الحال على القانون المالي الذي يأتي كانعكاس حقيقي لمعطيات الأزمة. وبالتالي فالحكومة مطالبة بالاجتهاد حتى نصل إلى «صياغة ميزانية الخروج من الأزمة». وهو أمر يقتضي مجهودا استثنائيا لمواصلة الأوراش المفتوحة وجلب الاستثمارات واسترجاع تلك التي تراجعت السنة المنصرمة. ولا نخال الدخول البرلماني خال من الاهتمام بالشق الاجتماعي. وهنا يجب أن نكون واقعيين، فثمة قضايا يجب أن نناقشها خاصة تلك التي تتطلب ميزانيات هامة غير متوفرة. رشيد الطالبي العلمي: سنسعى لتحسين صورة البرلمان والبرلمانيين قال رشيد الطالبي العلمي رئيس الفريق التجمعي الدستوري الموحد بمجلس النواب، إن الدخول البرلماني يتحدد بنوعين من المقاربات، أولها الخطاب الملكي من حيث كونه يرسم الخطوط الكبرى للعمل البرلماني خلال السنة التشريعية، وكدليل لتوجيه للنواب والمستشارين البرلمانيين في عملهم التشريعي، ومن ثم، فإن خطوطه تتخذ حيزا واسعا من العمل البرلماني. وعدا ذلك، فإن البرلمان، بحسب الطالبي، يتخذ من «المقاربة الكلاسيكية أو التقليدية»، منهجا عاديا في عمله خلال كل سنة تشريعية، ولذا، فإن عمل البرلمانيين المغاربة، سيتركز بالأساس على مناقشة قانون المالية لسنة 2011، ومشروع القانون المنظم للقانون المالي، ومشروع قانون متعلق بإصلاح أنظمة التقاعد. فضلا عن مشاريع قوانين أخرى، أحيلت على مجلس النواب أو مجلس المستشارين، السنة الماضية، أو خلال فترة بين الدورات، وستناقش خلال هذه السنة من أجل المصادقة عليها. واعتبر الطالبي أن أهم شيء يمكن أن تتميز به هذه السنة التشريعية عن سواها، هو الرغبة والإرادة والتصميم في جعلها، سنة للإصلاحات البرلمانية، بحسب خلاصات جمعت رؤساء الفرق النيابية مع رئيس المجلس، عبد الواحد الراضي. وأكد المتحدث ذاته، على أن أوراش مثل إصلاح النظام الداخلي وأشغال اللجان البرلمانية، من المداخل الضرورية لتحسين صورة البرلمان والبرلمانيين، والقطع مع فترة طويلة كان فيها البرلمان المغربي يلخص في الجلسات العامة، رغم أن العمل البرلماني الحقيقي كان يكشف عن نفسه في اللجان لكنه لم يكن يظهر للعيان، مشددا على أن العمل الدؤوب للبرلماني داخل اللجن، لا يظهر لسبب ما، خلال الجلسات العامة، ومن ثم، فإنه من الضروري، تقويم الخلل في هذا الباب. وحول طريقة تعامل فريقه مع القوانين المزمع عرضها خلال الدورة الربيعية لمجلس النواب، أجاب الطالبي أن فريقه فتح نقاشا حول القانون المنظم للقانون المالي، بمعزل عن كون رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار هو نفسه وزير المالية، نافيا أن يكون هنالك أي تأثير على مواقف أو آراء أو تحليلات الفريق التجمعي في هذا الصدد، مشددا على أن فريقه مستقل من ناحية عمله عن موقع رئيس الحزب ووزير المالية، صلاح الدين مزوار. وأردف الطالبي قائلا إن فريقه قام بإعداد تصورات مبنية على تجارب مقارنة لدول أخرى في هذا المجال، ومن ثم، فإن ذلك سينعكس لا محالة على شكل ومضمون مناقشاته لهذا القانون. وبالنسبة لقانون المالية لسنة 2011، اعتبر الطالبي أن فريقه متفق على الخطوط العامة لمشروع القانون المالي المقبل، انطلاقا من العرض الذي قدمه وزير المالية بشأنه مع رؤساء فرق أحزاب الأغلبية. ومن جانب آخر، أقر الطالبي بأن إصلاح البرلمان المغربي يمر أيضا عبر إصلاح المشهد الحزبي نفسه، باعتباره الإطار الأول لظهور الاختلالات السلوكية في برلماننا مثل الترحال السياسي، وكذا إعادة النظر في نسبة العتبة في اتجاه رفعها مع الحفاظ على منظومة الاقتراع كما هي.