يعتقد أصحاب القرار داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أنهم فعلوا خيرا حين تعاقدوا مع الإطار البلجيكي «غيريتس» بالشروط التي رغبها وهو في ذمة الهلال السعودي، تعاقد ظنوا أنه كاف لامتصاص غضب الجمهور المغربي الذي توالت عليه النكسات الواحدة تلو الأخرى. والواقع أن هذا الاعتقاد خاطئ مائة في المائة، لأن أزمة كرة القدم أكبر من غيريتس، والذي كان من اللازم التعاقد معه للإشراف على النخبة مع بداية التصفيات وليس بعد إجراء لقاءات مصيرية أولها افتتح بهزيمة مرة أمام منتخب مغمور، هزيمة غير متوقعة، هزيمة لم يهضمها المغاربة لحد الساعة. الأزمة التي نعيش فصولها تتمثل في كون أمور كرة القدم المغربية في أيادي غير ملمة بالشأن الرياضي، هذه الحقيقة لا يريد هؤلاء الاعتراف بها، فرغم استبدال البعض فإن هناك أسماء تريد الخلود وتؤثر على القرار، وهي مسألة تحتم الانتباه لها، كذلك هناك أشخاص رغم ابتعادهم مازالت كلمتهم مسموعة وتؤثر بدورها على القرار. إن الرياضة بصفة عامة تتطور وكرة القدم على وجه الخصوص تعرف كل يوم مستجدات تتماشى مع التطور الهائل في حين عقليات البعض ممن يتحملون المسؤولية عندنا مريضة ومازال رأسمالها الكبير هو المحسوبية، الزبونية، والضحك على الجمهور الرياضي المغربي الذي يموت عشقا في حب منتخبه ومافتئ يعبر عن ذلك من خلال المؤازرة الكبيرة رغم هزالة النتائج وتواضعها. لقد مضى علينا عهد طويل ونحن نترقب أن يخطئ أصحاب القرار مرة واحدة ويضعون الرجل المناسب في المكان اللائق به، لكن عظمة هؤلاء المسؤولين تتمثل في أنهم لا يخطئون؟! وهل يخطئ الكبار؟ والمصيبة أن الرجال الملائمين للميدان موجودون ولكن مآلهم التهميش، وكرتنا هي التي تؤدي الثمن غاليا في نهاية المطاف، ليظل كل غيور من أبناء هذا الوطن يترقب الاصلاح والتصحيح وإعادة القطار الى السكة الصحيحة، فالحلول الترقيعية جميعها لم تؤت أكلها، وعلى رأسها تغيير الأطر التقنية. ففي ظرف عقد من الزمن تعاقب على منتخباتنا الوطنية عشرات المدربين، وشاركنا همومنا الكثير من التقنيين القادمين من شتى مدارس الكرة العالمية، وإن كانت الكلمة الفاصلة في سنوات طوال قد أعطيت للمدرسة الفرنسية لسواد عيونها، هذه المدرسة التي باعتنا الوهم والسراب وأساءت إلينا أكثر مما أفادتنا رغم أننا كنا نتوفر على مجموعة من اللاعبين المرموقين لرفع التحدي والفوز بكأس افريقيا خصوصا نهائيات بوركينا فاصو والذهاب بعيدا في نهائيات كأس العالم 1998، ولو قمنا بجرد دقيق خلال هذا العقد الذي ولى وكونا أطرا وطنية تكوينا دقيقا ومنضبطا لكان لنا اليوم أخصائيون متمكنون في مجال التأطير وإعداد الخلف. لكن فضلنا النوم في العسل على الطريقة المغربية، ومازلنا نحصد البؤس وكل ألوان الغبن!؟ إن الداء العضال مازال وسيبقى قائما مادمنا نعيد الأخطاء ونكرر المهازل ونذبح المصداقية بسكاكين صدئة، ومادمنا نحكم الهوى المزاج والمحسوبية. فالاستفادة من المدارس العالمية ينبغي أن يعطي الثمار وتنتج المردودية، لكن عندنا لا شيء حدث؛ لم نستفد من المدرسة الفرنكفونية وبالخصوص الفرنسية منها والتي ظلت فال نحس علينا على الدوام لنعيد الكَرَّة مع البلجيكية وبشروط غير مقبولة على الإطلاق، نحن لسنا ضد غيريتس، ولا ضد قلة المسؤولين الذين يقدرون المسؤولية، ولكن ضد بعض، وأكرر البعض من المسؤولين الذين لم يتعلموا من التجارب، تجارب مدربين سابقين كلفونا ما لا طاقة لنا به، وكان مآلنا الاقصاء والتقهقر. لذا بات من الضروري إيقاف «التراجيديا» ووضع حد ل:البهلوانيات» مباراة نهاية الأسبوع بدار السلام حاسمة ولا يحق لنا التعثر فأين الإطار الوطني الذي تتردد الأخبار القادمة من الرياض بالسعودية أنه يود البقاء الى نهاية الموسم. يامسؤولين، إذا كنا عاجزين على وضع النقط على الحروف فلنوقف مشاركتنا ولنعلق حضور منتخباتنا حتى ننظف الساحة من النفايات، وفي انتظار ذلك نضع أيدينا على قلوبنا ونردد «اللطيف» إلى حين الفرج.