تحالفات استراتيجية بين النقابات وعودة متوقعة للكنفدرالية إلى طاولة الحوار الاجتماعي مع بداية العد العكسي للدخول الاجتماعي القادم، تسارع المركزيات النقابية إلى عقد مجالسها الوطنية، وتتوالى التصريحات بخصوص الموضوعات التي يجب أن تدرج على طاولة الحوار الاجتماعي القادم. ------------------------------------------------------------------------ الحصيلة الأولى للإعداد النقابي، الذي انطلق منذ منتصف بداية الشهر الجاري، تشير إلى إجماع لدى المركزيات بسيادة نوع من الإحباط، الذي يجد تفسيره في «استمرار الهوة السحيقة بين مطالب الشغيلة وعروض الباطرونا، بالإضافة إلى إسقاط الحكومة للعديد من الملفات الهامة». وتجمع المركزيات النقابية، في تصريحات أدلت بها لبيان اليوم، على أن جميع النقط التي تم التداول في شأنها، برسم جولات المفاوضات السابقة، لم يتم التوصل بشأنها إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وبالتالي فهي لا تعدو أن تكون، في أحسن الحالات، أرضية لمواصلة مفاوضاتها مع الحكومة والتي سيحدد مسارها (أي المفاوضات) طبيعة الدخول الاجتماعي الذي من المتوقع أن يتسم بالسخونة، بالنظر إلى جملة القضايا المطروحة، والغموض الذي يلف بعضها، وبالنظر أيضا إلى العودة المحتملة لنقابة الأموي إلى طاولة الحوار الاجتماعي. بهذا الخصوص قال نوبير الأموي، الكاتب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، صباح أمس الخميس، في تصريح لبيان اليوم، إن ال «ك.د.ش» ستعقد في الأيام القليلة القادمة اجتماعا لاستعراض حصيلة الموسم الماضي، ولتحديد موقف نهائي مما أسماه «قضية الانسحاب من الحوار الاجتماعي» الذي كان ولايزال «مرهونا بموافقة الحكومة على النقاط التي طرحناها كأرضية للنقاش». واعتبر نوبير الأموي، في تفسيره للانسحاب من الحوار في جل محطاته السابقة خلال الموسم المنصرم، أن عددا من القضايا التي كانت ضمن أجندة جولات المفاوضات ما زالت عالقة نتيجة الحوار المغشوش، تنضاف إليها عدد من المشاكل المرتبطة بالمواطنين، في طليعتها موجة الغلاء وتفشي البطالة، داعيا الحكومة إلى تفكير جدي في حل المشاكل العالقة وتفادي حرارة الدخول الاجتماعي. واعتبر الاتحاد المغربي للشغل الدخول الاجتماعي القادم بأنه صعب وغير واضح المعالم. فقد وصف الميلودي موخارق، في حديث لبيان اليوم، حصيلة الحوار بالهزيلة، على اعتبار أنها لا ترقي إلى مستوى انتظارات الطبقة الشغيلة، بل ودون سقف الملاحظات والاقتراحات المعبر عنها على الدوام، في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد والخدمات الاستهلاكية الذي ضربت القدرة الشرائية للمواطنين في الصميم . وهو الموقف ذاته المعبر عنه من طرف الفدرالية الديمقراطية للشغل التي دعت الحكومة إلى التحلي بإرادة سياسية لحل المعضلة الاجتماعية، معتبرة أن طبيعة الدخول الاجتماعي تتوقف على أجندة الحوار، وأنه سيتم تفويض القرار للمجلس المركزي لتدبير المراحل الأولى للدخول الاجتماعي مع الحلفاء في حال غياب حوار اجتماعي منتج. فقد أوضح محمد بنحمو نائب الكاتب العام للفدرالية، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن الحوارات السابقة التي جمعت النقابات بالحكومة لم تتمخض عنها نتائج في المستوى المأمول، ملمحا إلى إمكانية اللجوء إلى تصعيد نضالي جديد مشترك مع بعض النقابات مع مطلع الدخول الاجتماعي المقبل، في شكل احتقان اجتماعي جديد، ينضاف إلى مسلسل الاحتقان الاجتماعي الذي شهدته سنة 2010، والذي رافقته تشنجات داخل بعض النقابات كان أقواها تلك التي وقعت داخل الاتحاد الوطني للشغل حليف الاتحاد المغربي للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل. وهي تشنجات اعتبرها محمد اليتيم، في تصريح مفصل لبيان اليوم، مجرد «فرقعة إعلامية» لا تؤثر إطلاقا على استعدادات الاتحاد الوطني للشغل للدخول الاجتماعي والتي استأنفت بحصر أجندة تحدد مواعيد الأيام الدراسية الخاصة بمناقشة قانون المالية وقانوني الإضراب والنقابات... وأكد محمد اليتيم أن الوضع التنظيمي داخل الاتحاد الوطني للشغل عادٍ، تؤكد شرعيته نتائج المؤتمر، الذي مر على التئامه ثمانية أشهر، وتزكيه المؤسسات القائمة والنشيطة وعمليات استكمال إعادة هيكلة الجامعات والاتحادات، مشددا على أن المحاولات اليائسة، التي قام بها أشخاص لم يرتضوا نتائج الاقتراع، باءت بالفشل، وأن الاتحاد ماض إلى أمام في تحالفاته مع الاتحاد المغربي للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل، معلنا تنسيقا استراتيجيا مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذي حمل مسؤولية جمود الحوار، ليس فقط إلى الحكومة والباطرونا، بل أيضا إلى النقابات. فالمركزيات النقابية، يقول محمد العربي القباج، نائب الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين، في تصريح للجريدة، تلج الحوار دون الاتفاق على أفكار موحدة ومنسجمة تضمن الضغط الملائم والمطلوب، داعيا في هذا الإطار إلى عقد اجتماعات بين المركزيات لسد الطريق على معطى التشتت النقابي الذي تستغله الحكومة عندما يحتدم النقاش خلال جلسات الحوار.