مع بداية العد العكسي للدخول الاجتماعي القادم، بدت تطفو على السطح جملة من التباينات بين المركزيات النقابية والحكومة، بخصوص الموضوعات التي يجب أن تدرج على طاولة الحوار الاجتماعي المقرر في شتنبر القادم. فالملفات التي تعتبرها الحكومة أنها قد حلت وأن هناك فقط بضع نقط مازالت معلقة، ترى المركزيات النقابية، الممثلة في مجلس المستشارين، أن جميع النقط التي تم التداول في شأنها برسم أربع جولات من المفاوضات السابقة لم يتم التوصل بشأنها إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف. وبالتالي تبقى صالحة لتكون أرضية للنقاش من جديد. بالنسبة إلى محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، فإن الحكومة نفذت فعلا كل ما التزمت به بخصوص الزيادات المقررة في أجور الموظفين والتعويضات العائلية التي سيستفيد منها موظفو الدولة بأثر رجعي ابتداء من الشهر القادم. وكشف عبو في تصريح ل«المساء» عن وجود أربع نقط عالقة في ما يتعلق بالقطاع العام ستكون مدرجة على طاولة الحوار الذي سيفتتح به الدخول الاجتماعي القادم، وتتمثل هذه النقط الأربع في التعويض عن العمل بالمناطق النائية والصعبة بالنسبة إلى العاملين في قطاعات التربية الوطنية والتعليم والصحة والعدل، والنقطة الثانية تهم السلاليم الدنيا من 1 إلى 4 التي يتم التفكير بخصومها في إجراء ترقية استثنائية إلى السلم الخامس وما فوق، والعمل على حذف هذه السلاليم. أما النقط الأخرى فتتعلق باللجان الإدارية متساوية الأعضاء وتمثيلية المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية بالبرلمان في المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، حيث كان يلجأ في السابق إلى انتخاب ممثلي النقابات من بين الأعضاء المنتخبين مما كان يطرح إشكالا من طرف بعض المركزيات، حيث سيتم الالتجاء حاليا إلى تعيين هؤلاء الأعضاء من قبل النقابات من ضمن المنتخبين دون اللجوء إلى مسطرة الانتخابات. وبحسب عبو فإن أهم النقط التي ستتم مناقشتها بخصوص القطاع الخاص هي قانون الإضراب والقانون المنظم للنقابات وإحداث صندوق للتعويض عن فقدان الشغل. لكن المركزيات النقابية ترى أن طبيعة الدخول الاجتماعي سيحددها مسار المفاوضات مع الحكومة. وتوقعت مصادر نقابية أن يتسم هذا الدخول بالسخونة، بالنظر إلى جملة من القضايا المطروحة، أبرزها عزم الحكومة التخلي عن صندوق المقاصة وما يمكن أن ينجم عن ذلك من مضاعفات على الأوضاع الاجتماعية لعموم المواطنين. وقال عبد القادر الزاير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن عددا من القضايا التي كانت ضمن أجندة الجولات السابقة من المفاوضات مازالت عالقة تضاف إليها عدد من المشاكل المرتبطة بالمواطنين، في طليعتها موجة الغلاء وتفشي البطالة. ودعا الزاير في تصريح ل«المساء» الحكومة إلى أن تفكر بشكل جدي في حل المشاكل العالقة وتفادي سخونة الدخول الاجتماعي حتى يمر بشكل عادي. من جانبه، أوضح عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن الحوار السابق الذي جمعهم كنقابات بالحكومة لم تتمخض نتائجه عما كان منتظرا منه. وأضاف في تصريح ل«المساء» أن الحكومة بذلت فعلا مجهودات لكن ذلك المجهود لم يكن في حجم الزيادات المتتالية التي عرفتها عدد من المواد الأساسية والتي أضرت بالقدرة الشرائية لعموم المواطنين. وأشار العزوزي إلى أن طبيعة الدخول الاجتماعي تتوقف على أجندة الحوار وما سيأتي به من جديد، مقرا في السياق ذاته بوجود صعوبات و»لكن ما ينبغي التأكيد عليه هو أنها يجب ألا تكون حاجزا دون العمل على إيجاد حلول ملموسة».