الحزب الشعبي الإسباني المعارض يواصل استفزازه للمغرب، ويمضي في الجنون... اليوم الخميس يتوقع أن يقوم رئيسه ماريانو راخوي بزيارة استفزازية لمدينة مليلية المغربية المحتلة، وذلك يوما واحدا فقط قبل الذكرى 513 لاحتلالها، وهي خطوة تكرس دليلا آخر على أن بداخل الطبقة السياسية الإسبانية هناك استعماريون قدموا من القرون الماضية، وأن إسبانيا لا زالت مريضة بسبب نخبة رجعية لا علاقة لها بالقرن الواحد والعشرين. اليمين الإسباني بقيادة الحزب الشعبي يصر اليوم على إشعال نار العداء بين الرباط ومدريد، ويواصل مخططه الرامي لدفع الحزب الاشتراكي الحاكم إلى الحائط، وبالتالي جعل تأزيم العلاقات بين البلدين الجارين ورقة انتخابوية للرئاسيات المقبلة. عندما اشتد التوتر بين الرباط ومدريد في غشت الماضي، قاد الاستفزاز من مليلية أزنار، وبعد أن خفتت حدة التوتر هاهو راخوي يعيد رسم الجنون ذاته، وينسى المجانين أنه حتى لو نفعتهم ورقة المغرب لتحقيق فوز انتخابي على غريمهم الاشتراكي، ووصلوا هم للحكم، فإن مصالح بلدهم ستفرض عليهم التعامل مع المغرب قبل أي بلد آخر، وهذا ما يجعل استفزازاتهم، اليوم، تستهدف أيضا مصالح إسبانيا، وتضع النخبة الرجعية الإسبانية المعادية للمغرب في مرتبة الخطورة على إسبانيا والإسبانيين. إسبانيا اليوم في حاجة إلى إنقاذها من الانجرار نحو مخططات نخبتها السياسية اليمينية وأيضا العسكرية والأمنية، وهي المخططات التي تقودها نحو إحياء العقلية الاستعمارية... أما المغرب فهو يواصل إصراره على أنه بلد ذو سيادة وحقق استقلاله عن إسبانيا وعن غيرها منذ عقود، ولن يسمح لأي طرف إسباني، بفرض أية وصاية عليه، أو الإقدام على استفزاز في حقه أو ضد وحدته الترابية. وفي السياق نفسه، فإن المغاربة لن يتوقفوا عن المطالبة بتحرير سبتة ومليلية المحتلتين من طرف إسبانيا، ووحدها إسبانيا ستبقى دائما مرعوبة من هذه المطالبة، وتبحث عن «مبررات» لإقناع نفسها والعالم المعاصر، بمعنى استمرار احتلالها لأراضي مغربية في الألفية الثالثة. على إسبانيا الأخرى، إسبانيا الديمقراطية، أن تدرك أن تحررها من هذه العقدة يمر عبر طريق واحد، هو عودة المدينتين السليبتين والجزر للمغرب، وإنهاء عهد الاستعمار، تماما كما أن أي حل حقيقي لنزاع الصحراء لن يكون سوى باحترام سيادة المغرب ووحدته الترابية. من مصلحة إسبانيا إذن أن ينجح المغرب في رهاناته التنموية والتحديثية والديمقراطية، وأن يكون بلدا مستقرا ومتقدما وقويا... غباء اليمين وجنونه لن يغير شيئا على كل حال، والمغرب يواصل خياراته...