عقد نادي القلم المغربي بفضاء الشاوية بالدار البيضاء مؤخرا، ندوة في شكل حلقة نقاشية، حول موضوع «المسألة الثقافية بالمغرب والعمل الجمعوي» والتي ترأس أشغالها، رئيس النادي شريشي لمعاشي، حيث أشار في البداية إلى أهمية مطارحة المسألة الثقافية بالمغرب، نظرا لما يعرفه الواقع الثقافي محليا وعربيا من اختلالات وفراغ في العديد من الأسئلة الإستراتيجية. واعتبر أن إحدى المداخل لفهم هذه الأسئلة هو علاقتها ووضعيتها داخل العمل الجمعوي الذي هو لبنة لاحمة وضامنة للتطور الثقافي والفني والفكري. وختم تقديمه لهذا اللقاء بطرح مجموعة من التساؤلات عن حقيقة الحضور الثقافي في أجندة العمل الجمعوي. أول متدخل، كان هو الأستاذ عبد الحق نجاح حول أنواع الجمعيات المغربية التي تأسست في ظل قانون الحريات العامة، فتحدث عن الجمعيات الرياضية التي شغلت حيزا مهما من الفضاء الجمعوي، قبل أن تظهر الجمعيات الفنية والثقافية الملتزمة، والتي جعلت الجهات الرسمية تنتبه إلى الدينامية التي تخلقها هذه الجمعيات في التأطير وشحذ الوعي، فعملت على خلق ودعم جمعيات كان من أهدافها تمييع الحياة الفنية والثقافية بميزانيتها الضخمة! ثم انتقل عبد الحق ناجح إلى التوسع الذي عرفه الفضاء الجمعوي بظهور جمعيات ذات بعد اجتماعي مهني - محلي (الحرف، الأحياء، التوعية الطبية، حقوق الطفل، المرأة..)، بتفاوت ملحوظ في تقييم مردوديتها. وختم ورقته بالتطرق إلى ظهور جمعيات جديدة تتلقى الأموال بسخاء من الداخل والخارج -فيما يتم حجبه عن جمعيات أخرى- بالإضافة إلى الهبات دون أن تكون لأعمالها المردودية الحقيقية والمرجوة. الورقة الثانية ساهم بها الأستاذ يوسف الياشكوري، حول أنواع الأنشطة الثقافية التي تعتمدها الجمعيات بالمغرب. ملاحظا، بعد العودة إلى الإحصائيات، أن نسبة حضور البعد الاجتماعي والقانوني يطغى على كل الأنشطة، في حين أن الأنشطة الثقافية -والتي توقف عندها الياشكوري طويلا- تبدو عشوائية وانتقائية وخجولة، وكثيرا ما تكون متوسطة وضعيفة المردودية من خلال مشاركات لا ترقى إلى مطارحة القضايا الأدبية والثقافية الضرورية. ونوه بالعمل الثقافي لعدد من الجمعيات رغم قلتها والتي تشتغل بدور الشباب أو المركبات الثقافية أو داخل أسوار الجامعة المغربية. وختم مداخلته بدق ناقوس الخطر بخصوص المسألة الثقافية في برامج الجمعيات. وحول سؤال «ما جدوى الأنشطة الثقافية؟»، تطرق الأستاذ شمس الدين بلقايد إلى الموضوع، من زاوية البحث في ما يسمى اليوم: المهرجانات ذات الميزانية الباذخة بالملايير والتي تصرف على أنشطة تتسم بالميوعة، وتعمل ضد القيم الثقافية. والغريب -يقول شمس الدين- أن هذه الجمعيات لا تخضع للمراقبة أو المحاسبة، ولا تمتلك تصورا ثقافيا أو مجتمعيا بالمرة. واعتبر في النهاية أن الكثير من الدعم المقدم لهذه الجمعيات لا يندرج بدوره ضمن تصور مدروس مسبقا ولكنه يتخذ شكل الإرشاء.