الشباب المغربي قادر على العطاء والانخراط الفعلي في بناء المغرب الديمقراطي الحداثي في جو احتفالي بهيج، اختتمت ،الثلاثاء الماضي، فعاليات الملتقى الوطني لأطر منظمة الطلائع أطفال المغرب الذي احتضنه المركز الوطني للتخييم بالهرهورة خلال الفترة الممتدة من 18غشت إلى 1 شتنبر الجاري تحت شعار «لنحم أطفالنا». وقد تميز الحفل الختامي الذي كان من إبداع وإخراج المشاركين والمشاركات في الملتقى، بحضور عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب رشيد روكبان إلى جانب أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة المشرفين على الملتقى محمد المعروفي الكاتب العام للمنظمة، عز الدين العمارتي، كمال الشرايطي ورشيد القواتلي. وفي كلمة له بالمناسبة، أكد مدير الملتقى محمد حجيوي على أن نجاح الملتقى كان بفضل روح الانضباط العالية التي تحلى بها جميع المشاركين والمشاركات في جميع الأنشطة التي كانت مبرمجة طيلة فعاليات الملتقى، وأضاف حجيوي أن الأهداف التي رسمتها إدارة الملتقى والمتمثلة بالأساس في خلق فضاء للنقاش والحوار حول القضايا التي تهم الشباب المغربي والطفولة المغربية والتي تشكل مجال اهتمام الطلائع، كل هذه الأهداف تم تحقيقها، وأشاد حجيوي بعطاء جميع المشاركين والمشاركات طيلة أيام الملتقى والذين فرضوا احترامهم وعشقهم على الجميع. وبدوره أكد رئيس المنظمة رئيس روكبان على نجاح الملتقى، مشيرا إلى أن منظمة الطلائع أطفال المغرب راكمت ما يكفي من التجربة التي تجعلها رائدة في تنظيم مثل هذه الملتقيات، وأضاف روكبان أن هذا النجاح هو دليل على حيوية ودينامية أطر المنظمات وتأكيد على أن الشباب المغربي قادر على العطاء والانخراط الفعلي في بناء المغرب الديمقراطي الحداثي والذي ننشده جميعا. بعد ذلك، تفنن المشاركون والمشاركات من خلال مجموعة من اللوحات الفنية في صناعة لحظة فرح وفي رسم تفاصيل أنشودة الطلائع العاشقة للحياة، عبر لواحات راقصة وأغاني شبابية ولوحات مسرحية وفكاهية تفاعل معها الحضور بشكل كبير، هذه الفقرات الفنية التي تم إعدادها بشكل مشترك بين مختلف المشاركين هي دليل على أن الملتقى نجح في خلق انسجام جميل بين مختلف الأطر الذين جاؤوا من مختلف فروع المنظمة على الصعيد الوطني، وأن شباب وأطر المنظمة قادرة على العطاء والإبداع. ضمن فقرات برنامج هذا الملتقي الذي امتد على مدى 15 يوما، كان للمشاركين والمشاركات موعدا مع اسماعيل العلوي الأمين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية ورئيس مجلس رئاسته في لقاء مفتوح كشف من خلاله عن تجربة رجل وطني بصم ولا زال المشهد السياسي المغربي بعطائاته وتضحياته من أجل مغرب العدالة والتقدم والاجتماعي. فقد وقف اسماعيل العلوي خلال هذا اللقاء عند مجموعة من المحطات الأساسية التي طبعة التاريخ السياسي المغربي منذ الحماية مرورا بمرحلة ما بعد الاستقلال وصولا إلى تجربة التناوب التوافقي أبرز من خلالها الدور الذي لعبه حزب التقدم والاشتراكية في كل هذه المحطات. في محور آخر، قدم عبد الأحد الفاسي الفهري عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عرضا في موضوع «جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديمقراطية» الذي طرحه الحزب في مؤتمره الأخير، وكان عبد الأحد الفاسي الفهري قد أطر لهدا العرض انطلاقا من تجربة التناوب التوافقي وما حققته هذه التجربة من مكتسبات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما وقف عند أهم الإخفاقات التي عرفتها التجربة. وأوضح عبد الأحد الفاسي الفهري أن المرحلة تقضي الدخول في جيل جديد من الإصلاحات تقوم بالأساس على إصلاح دستوري يفضي إلى ضبط اختصاصات مختلف السلط انطلاقا من المؤسسة الملكية ومؤسسة الوزير الأول الذي لا يمارس كافة اختصاصاته والفصل بين السلط القضائية والتنفيذية والتشريعية ودسترة اللغة الأمازيغية والنهوض بالسياسية التعليمية بالإضافة إلى وضع نظام جهوي قادر على إعادة هيكل مختلف المؤسسات الوطنية وجعل العملية الاجتماعية في صلب السياسية العمومية. وكان لفعاليات الملتقى لقاء مع نزهة الصقلي عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن حول موضوع تشغيل الفتيات القاصرات ذكرت من خلاله أن القطاع الحكومي الذي تشرف عليه، يعمل على تجميع البيانات والمعطيات التي تنتجها مختلف القطاعات العاملة في مجال حماية الطفولة من العنف كوزارة العدل والصحة والدرك والأمن الوطني. وأبرزت نزهة الصقلي أن الوزارة تعمل في هذا الجانب، على تعزيز الترسانة القانونية لحماية الأطفال من جميع أشكال العنف والاستغلال من خلال وضع مشروع قانون يمنع بموجبه تشغيل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة، بهدف تحقيق مبدأ ما أسمته «صفر تسامح» اتجاه هذه الآفة، بالإضافة إلى مشروع منع تشغيل الطفلات القاصرات كخادمات للبيوت، مشيرة إلى هذه المشاريع تندرج في إطار الاهتمام بهذه الشريحة من الأجراء بغية توفير الحماية القانونية وتحسين ظروف عملها وصون كرامتها ودرء أي استغلال قد يطالهم، وأكدت الوزيرة أن بينة مشروع هذا النص التشريعي الهام والذي يوجد في المراحل النهائية للمصادقة لعرضه على البرلمان، تشمل إجراءات ردعية وزجرية لمنع تشغيل الفتيات القاصرات. وفي إطار الجهود الوطنية المبذولة لمحاربة هذه الظاهرة، ذكرت الوزيرة بالعديد من الإجراءات التي تم اتخاذها في إطار تفعيل مقتضيات خطة العمل الوطنية «مغرب جدير بأطفاله» حيث عملت الوزارة، وفقا لذات المصدر، بتعاون مع القطاعات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على وضع إستراتيجية قطاعية تتضمن تعزيز الحماية القانونية لهذه الفئة من خلال تشديد العقوبات والغرامات على المخالفات المفروضة على تشغيل الأطفال، بالإضافة إلى برنامج «اندماج» الذي أطلقته الوزارة والخاص بإعادة تأهيل الأطفال في وضعية الشارع، والبرامج التي تقوم بها مؤسسة التعاون الوطني في هذا المجال. وشددت الوزيرة على ضرورة القضاء على الظاهرة وعدم التسامح معها، وهو ما يرمي إليه مشروع القانون وفق مقاربة حقوقية تعتمد مبدأ حقوق الإنسان. وفي موضوع أخر، نظمت فعاليات الملتقى لقاء مفتوح مع أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أطلع خلاله المشاركون والمشاركات على التجربة المغربية في مجال حقوق الإنسان منذ دستور 1908 الذي نص على مبدأ حرية التعبير وتجريم التعذيب والسخرة مشيرة إلى أنه منذ تلك الفترة كان هناك تفكير في حقوق الإنسان. وأبرزت أمينة بوعياش أن الفاعل الحقوقي في المغرب ربط منذ البداية بين الديمقراطية وحقوق الإنسان مشيرة إلى أن أول ملف طرح في مجال حقوق الإنسان هو ملف الاعتقال السياسي والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ونشر المعطيات حول الاختطاف السياسي وهو ما سمح حسب أمينة بوعياش للرأي العام الوطني أن يطلع على هذه القضايا وأن يتعرف عليها، وأضافت أن هذه الدينامية هي التي أدت سنة 1994 إلى إقرار عفو شامل عن المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين. وأوضحت أمينة بوعياش أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أطلقت منذ سنة 1993 معايير لجن الحقيقة فيما يخص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إلى ذلك دعت رئيسة المنظمة إلى ضرورة تبني مقاربة جديدة في مجال حقوق الإنسان مشيرة إلى أن الخطاب السياسي الآن يقر بضرورة احترام حقوق الإنسان وبالتالي فإن العمل يجب أن ينصب على إيجاد آليات لتأصيل هذه الحقوق، وإعطاء الحركة الحقوقية نفس جديد من خلال إقرار مجموعة من الإصلاحات الأساسية وعلى رأسها إصلاح القضاء ومصادقة المغرب على مجموعة من الاتفاقية الدولية ذات الصلة من قبيل الاتفاقية الدولية لمناهضة الاختفاء القسري والبروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب. كما عرف الملتقى سلسلة من الورشات الموضوعاتية تهم مجالات البيئة والعلاقة بين المجتمع المدني والسياسي، وحقوق الطفل، والمخيبات الصيفية أطرها كل من مصطفى لبرايمي ومصطفى عديشان عضوي المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ومحمد القرطيطي رئيس الهيئة الوطنية للتخييم وحميد البوعيسي إطار بوزارة الشبيبة والرياضة وعضو المكتب التنفيذي السابق لمنظمة الطلائع أطفال المغرب وعز الدين العمارتي وكمال الشرايطي عضوي المكتب التنفيذي للمنظمة، بالإضافة إلى مجموعة من اللقاءات سميت بلقاءات الذاكرة كان الهدف منها الوقوف على تجربة الطلائع على لسان روادها، في ربط خلاق بين الماضي والحاضر واستحضار الدور الحيوي الذي تلعبه المنظمة خاصة في المجالات المتعلقة بالطفولة المغربية، أطرها رئيس المنظمة رشيد روكبان ورشيد السملالي أحد قادة المنظمة في نهاية التسعينات من القرن الماضي وسعيد الحلمادي عضو المكتب التنفيذي الأسبق.