خطاب العرش لم يركز هذا العام على استعراض حصيلة الإنجازات والمكتسبات فقط، وإنما قدم رؤية ملكية لمرحلة سياسية بكاملها، وحدد توجيهات وتوصيات ترتبط بالمستقبل وبثوابت الممارسة السياسية والمؤسساتية لمغرب اليوم. الرسائل المتضمنة في خطاب جلالة الملك بخصوص الانتخابات جددت التأكيد الملكي على الاختيارات الكبرى للمملكة، والتي تنتصر للديموقراطية وللمفهوم الجديد للسلطة ولربط المسؤولية بالمحاسبة وللدور المحوري للمواطن في العملية الانتخابية برمتها...، أي أن جلالة الملك ذكر الجميع بالمبادئ الاساسية ذات الصِّلة بالمسلسل الانتخابي، ونبه الكل الى ضرورة تمثلها والالتزام بها، والحرص الجماعي القوي على ضمان سير عادي للاستحقاقات المرتقبة هذا العام... ومن أقوى لحظات الخطاب الملكي، التي سجلها كل المتابعين والمحللين، حين ذكر جلالة الملك كامل النخبة السياسية بدور المؤسسة الملكية في المعمار السياسي والمؤسساتي المغربي، مشددا على كونه ملك الجميع ولا انتماء حزبي له، أي رفض استغلال المؤسسة الملكية في الصراعات الحزبية والانتخابوية بين مختلف الفرقاء. وبعد ان شدد جلالة الملك على مسؤولية كل من رئاسة الحكومة ووزارتي الداخلية والعدل والمؤسسة القضائية بخصوص سير وتنظيم ونجاح العملية الانتخابية، نبه الى ان محاربة الفساد، بصفة عامة، هي مسؤولية الدولة والمجتمع، ولا يحق لأحد، فردا او حزبا، تولي هذه المسؤولية لوحده او خوضها خارج اليات الدولة ومقتضيات القانون ودولة المؤسسات. كل هذه التوجيهات المتعلقة بالمسلسل الانتخابي وأخلاقيات الممارسة السياسية أدرجها الخطاب الملكي ضمن المهام والتحديات المختلفة المطروحة اليوم على بلادنا (الوحدة الترابية، مخاطر الاٍرهاب، التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تمتين علاقات وإشعاع المملكة عبر العالم)، ودعا الى القيام بها بكامل الجدية واليقظة والتعبئة الوطنية. وفضلا عن المساحة التي خصصت للموضوع الانتخابي والممارسة السياسية، وطبيعة اُسلوب الحزم والوضوح، فإن "اليقظة" جاءت بمثابة توجيه أفقي توسط مختلف محاور الخطاب الملكي، واستحقت ان تكون عنوانا مركزيا وصفة لهذا الخطاب الملكي القوي. الان، الكرة في ملعب النخبة الحزبية والسياسية، وعليها ان تستنفر كامل جهدها وحرصها لترتقي بمستوى السلوك السياسي والانتخابي والحزبي في بلادنا، وأن تعيد للمؤسسات مصداقيتها وجديتها، وأن تمنح للمسار المغربي نفسا إصلاحيا أقوى، أي أن تبعد عنه مساعي الهيمنة والتحكم والتبخيس والرداءة، وأن تتيح لمسلسل الإصلاح كل ممكنات النجاح بما يؤمن لبلادنا ومجتمعنا تقوية استقرارهما ووحدتهما وتعزيز المكتسبات التنموية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته