تخلد الطبقة العاملة في كل أنحاء العالم، وضمنها المغرب، عيدها الأممي الذي يحل في فاتح ماي من كل سنة، وتخرج المسيرات والاستعراضات في الشوارع، وتقام التجمعات وتصدر البيانات والمطالب، ويتعالى صوت العمال والأجراء والموظفين ونقاباتهم وحلفائهم لتجديد النداء والتذكير بحقوقهم ومطالبهم الاجتماعية والاقتصادية. فاتح ماي هو أكبر منصة تقام كل عام لطرح ملفات الوضع الاجتماعي والتعبير عن التطلعات الاجتماعية والتنموية للشعوب. بلادنا بدورها تشهد هذا الوقوف العمالي النضالي والشعبي لرفع الصوت والمطلب، وللدعوة إلى تحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية لشعبنا، وكل القوى المنشغلة بهموم الشعب وبالديمقراطية والتقدم لا يمكنها إلا أن تكون ضمن هذا الاصطفاف النضالي المدافع عن العدالة الاجتماعية والكرامة والمساواة والحريّة. التحية والتقدير عاليين لطبقتنا العاملة المناضلة، ولصناع ثرواتنا وللقوى المنتجة الصانعة للتقدم والتحول والتنمية بعرقها وعملها وكدحها. الكلام هنا ليس بلا معنى أو أثر، وإنما هو نقاط وضوح توضع على حروف الموقف والهوية والانتماء، وبغض النظر عن أي تغيرات في الخرائط العالمية أو في ثوابت المرجعيات والبناءات الأيديولوجية كما ورد في الكراسات والأدبيات، فإن الاصطفاف يبقى أبدا جهة منتجي التقدم وصناع التحولات في المجتمع، وضد التمييز والظلم والاستغلال، ومن أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة و... التقدم. تلك هوية، وذلك اصطفاف ينبعث من جينات التركيبة الأصلية. فاتح ماي هو أيضا الإحالة ودلالة كل الرمزيات، وهو التضامن العمالي الأممي كما يتجسد جليا في أشكال التخليد والصور واللافتات، وفي الملفات المطلبية والشعارات والأهداف، وفي التأييد المتبادل بين الكادحين ضد القهر والفقر ومن أجل العيش الكريم والبناء المجتمعي والعدالة الاجتماعية والمساواة. هي إذن الدروس والرمزيات التي نجدد اللقاء بها في كل فاتح ماي، أي وضوح الاصطفاف والاحتفاء بصانعي الثروة الحقيقيين، وأيضا قوة الارتباط الكوني والتضامن الإنساني والنضالي العالمي بين العمال والأجراء. فاتح ماي كذلك هو مناسبة لاستحضار الدور التاريخي للحركة النقابية، وهو الدور الذي امتلك ريادته وطليعيته في بلادنا على امتداد السيرة النضالية لشعبنا، سواء من أجل الاستقلال أو من أجل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، كما لعبت النقابات الحقيقية أدوارا كبيرة لضمان استقرار المجتمع وللتعبئة الشعبية من أجل القضايا الوطنية الكبرى، ولهذا هي باستمرار تستحق التثمين والتقدير من لدن الدولة والمجتمع. النقابات مرتبطة بتحقيق المطالب وتحسين الأوضاع الاجتماعية، ولهذا فالسلطات العمومية ملزمة باستحضار هذه الهوية البديهية وأن تتفاعل إيجابا مع انتظاراتها بغاية تمتين إشعاعها وحضورها ونضاليتها، فأي سعي لإضعاف المركزيات النقابية الجادة والمستقلة وذات المصداقية أو تبخيس دورها هو في غير مصلحة مستقبل شعبنا واستقرار بلادنا، لأنها تمثل هي كذلك صمامات أمان أساسية. اليوم كثير تحديات تحيط ببلادنا، كما أن الحاجة ملحة لتقوية الاستقرار المجتمعي والتعبئة الوطنية الشعبية، وهذا يقتضي وجوبا تلبية الانتظارات الاجتماعية والتنموية والحرص على صيانة الدينامية النقابية الوطنية والتعددية الديمقراطية، بالإضافة طبعا إلى أن النقابات نفسها مدعوة لإنجاح تأهيلها الذاتي والقطع مع كل الشعبويات والالتباسات السياسوية. تحية لطبقتنا العاملة المغربية في عيدها النضالي الكوني.. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته