قبل حوالي سنتين، كان اتحاد كتاب المغرب قد وقع على اتفاقية تعاون مع المركز السينمائي المغربي في عهد مديره السابق نور الدين الصايل، اعتبارا للعلاقة التي تربط بين الإنتاج الأدبي: الرواية، القصة.. وبين الإنتاج السينمائي. كانت هذه الاتفاقية ضرورية، مع العلم أنه كان ينبغي أن تتم منذ عدة عقود، على اعتبار التراكم الحاصل في الإنتاج الروائي والقصصي، حيث ظل المشتغلون في الحقل السينمائي، بمعزل عن العوالم التي يقترحها أدباؤنا، ومن الطبيعي جدا أن يكون لذلك انعكاس سلبي على القيمة الإبداعية والموضوعية لنسبة كبيرة من الأفلام التي أنتجت على مدى نصف قرن. لقد تم في أكثر من مناسبة، طرح بقوة إشكالية جودة الفيلم السينما المغربي، وكان هناك شبه إجماع على أن عطب الإنتاج السينمائي ببلادنا لا يكمن في الجانب التقني، حيث تحققت طفرة نوعية في هذا الجانب خلال الآونة الأخيرة، العطب يكمن بالتحديد في الموضوع أو القضية التي يتم معالجتها. اللافت للانتباه أن أغلب المخرجين السينمائيين المغاربة، هم من يتولون بأنفسهم إبداع أو إنشاء فكرة أفلامهم، هم من يؤلفون السيناريو، ولا يأبهون لشيء اسمه الرواية أو القصة المؤلفة من طرف أديب، يحمل بالضرورة وعيا فكريا وإدراكا جماليا. فعند الاطلاع على العديد من النصوص الروائية والقصصية المغربية، يتبين أنها صالحة لأن تنقل إلى شاشة السينما، غير أن معظم الفاعلين في الحقل السينمائي، وأخص بالذكر المخرجين، لا يقرأون ولا يتواصلون مع الأدباء. ومن جهته؛ فإن الأديب لا يعي القيمة التي تحتلها السينما في حياتنا ووجداننا، باعتبارها فنا قائما بذاته، وكذا باعتبارها توثيقا لهويتنا ولذاكرتنا الجماعية، ولذلك نادرا ما تصادفه في مهرجان سينمائي ما، بل من الأدباء من يعترف بأنه لم يشاهد فيلما سينمائيا منذ سن المراهقة، كأن السينما بالنسبة إليه فن المراهقين. هناك استثناءات لهذه العلاقة التي من المفروض أن تقوم بين السينمائي والروائي، ويتجسد ذلك على سبيل المثال، في التعاون الذي نشأ، ربما بشكل تلقائي، بين يوسف فاضل باعتباره مؤلفا روائيا، وداوود السيد المخرج السينمائي الذي كان قد أتى إلى السينما من فن التصوير الفوتوغرافي، وأثمر ذلك مجموعة من الأفلام السينمائية التي حظيت بتجاوب فئة عريضة من الجمهور؛ مما يعني أن اشتغال السينمائي على منتوج أدبي، لا يؤدي بالضرورة إلى جعل عمله الإبداعي ذا طابع نخبوي، وبالتالي يحد من الإقبال الجماهيري عليه. العلاقة بين الأديب والسينمائي، لا ينبغي أن تكون مبنية على الكتابة تحت الطلب، حيث وقفنا على نماذج عديدة من هذا القبيل، وكانت فاشلة. في هذه الحالة، الأديب لا يبدع ولكن ينفذ أفكارا طلب منه مخرج أن يحولها إلى عمل حكائي قابل للتصوير السينمائي، وعادة ما يفضي بالاشتغال على هذا المنوال إلى الفشل أو تأزم العلاقة بين الاثنين، أستحضر بهذا الخصوص الخلاف الذي وقع بين الروائي مصطفى لغتيري والمخرج السينمائي محمد اليونسي، حول من له الأحقية في أن ينسب لنفسه تأليف شريط الوشاح الأحمر. الأديب ينتج ضمن الإطار الذي يرتاح فيه، وعلى المخرج السينمائي أن يبحث عن هذا المنتوج الذي من المفروض أن يكون قد تجاوب معه، دون أن يكون أحدهما مقيدا بالآخر. بهذا الخصوص، تطرح حلقة أخرى مفقودة، وهي المتمثلة في كاتب السيناريو، هناك من يعتقد أن المخرج مؤهل أكثر من غيره لإنجاز السيناريو، على اعتبار أنه يتم وفق تصوره الخاص وكذلك وفق الإمكانيات التي في متناوله، وضمن هذا الإطار، عادة ما يتدخل المنتج لتدجين المشروع السينمائي، إذا جاز التعبير. وكم من المشاريع السينمائية التي أقبرت، على اعتبار أنها لم تصادف المنتج الذي يجازف بتجسيدها على أرض الواقع، مع العلم أنه ليس في بلدنا منتج سينمائي حقيقي، هم مجرد منفذون للإنتاج، ينتظرون التمويل من الدولة أو من أي جهة أخرى، سواء لإنتاج عمل موجه للسينما أو للتلفزة. إلى حد اليوم، لم تثمر اتفاقية التعاون بين اتحاد كتاب المغرب والمركز السينمائي المغربي أي منتوج وفق هذا الاعتبار، ومن الطبيعي جدا أن يستمر تراكم إنتاجنا السينمائي في غياب الجودة، على مستوى القضايا المطروحة للعرض. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته