طالبت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومنتدى بدائل المغرب بإقرار قانون جديد منظم للأراضي السلالية، بشكل يؤدي إلى سد الثغرات القانونية التي تعرفها هذه الأراضي، ورفع الحيف عن آلاف النساء اللواتي حرمن من حق الانتفاع سوى لكونهن نساء. وأكدت ربيعة الناصري عن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب خلال ترأسها للقاء نظم مساء يوم الجمعة الماضي بالرباط، حول موضوع"النساء وأراضي الجموع"، على أن القانون وحده الكفيل بحل إشكالية التمييز والحرمان الذي يمارس في حق النساء بمختلف مستوياتهن وأعمارهن وأوضاعهن الاجتماعية ،بدعوى وجود عرف منظم لهذه الأراضي، معتبرة القرار الذي كانت قد أصدرته وزارة الداخلية بتاريخ 23 يوليوز 2009، والذي مكن نساء جماعة السلالية للمهدية من الحصول على حقهن في هذه الأراضي بكونه حل هش، على اعتبار أن معظم رجال السلطة محليا مازالوا يرفضون أو يدفعون النواب السلاليين إلى رفض تسجيل النساء في لوائح المستفيدين بدعوى عدم التوصل بالقرار السالف الذكر. وأضافت المتحدثة، أن وزارة الداخلية باعتبارها سلطة الوصاية تتحمل المسؤولية في استمرار الحيف الممارس في حق النساء اللواتي يوجد بينهن أرامل، أمهات لبنات، مطلقات.. عجزة، قائلة "إن الواقع لازال ينطق ببعض التجاوزات، فأحيانا يتم مطالبة النساء بإحضار قرار وزارة الداخلية السالف الذكر،وأحيانا يتم تسجيل بعض النساء وإقصاء أخريات "مبرزة أن هذا الأمر يوضح وضعية الغموض والضبابية التي يعمل عدد من رجال السلطة وبعض المنتفعين على استمرارها وتفويت الفرصة على النساء للاستفادة من حق الانتفاع في تلك الأراضي. شهادات النساء الضحايا واللواتي حضرن بكثافة مساء ذلك اليوم، والذي خصص لبسط جوانب التمييز الذي يطال آلاف النساء عبر تراب المغرب، من خلال تمتيع الذكور بتعويضات خيالية عن التفويت والبيع الذي تقوم به السلطات للأراضي السلالية، أماطت اللثام عن الازدواجية التي مازالت تقارب بها حقوق النساء، فمن جهة هناك خطاب على أعلى مستوى يؤكد على المساواة بين الجنسين، ومن جهة أخرى هناك ممارسات على أرض الواقع تعد ضربا لدولة الحق والقانون ولمبدأ المساواة الذي مافتئت الدولة تعلن عن إرساء دعائمه، بل وأبانت المأساة الاجتماعية الخطيرة التي تعيشها تلك النساء بسبب الحيف الممارس في حقهن، فالعديد منهن رمت بهن أطماع رجال جماعتهن وتواطؤ السلطة نحو الفقر المدقع ،أصبحن يعشن على صدقات المحسنين، وفي أفضل الأحوال يعشن مما اكتسبنه من عمل في البيوت أو الحقول... أوضاع هشة في حال استمرارها تنذر بالأسوء خاصة بالنسبة للواتي لهن أبناء. ومن جانبه قال ذ.عبد الرحيم الجامعي الذي يترافع باسم الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب ومنتدى بدائل نيابة عن السلاليات أمام القضاء، أنه بالرغم من قرار وزارة الداخلية الذي بمقتضاه حصلت النساء السلاليات لجماعة المهدية على حقهن في الانتفاع من تلك الأراضي، فإن ذلك لايعني أنه تم الحسم وإقرار حل يمكن جميع النساء بكل التراب الوطني من حقهن، واستدل على المواقف المتعددة للدولة بخصوص هذا الملف، بالرد الذي تعلنه أمام المحكمة الإدارية بالرباط، والذي بمقتضاه تعتبر أنه "ليس لهؤلاء النساء ما يثبت علاقتهن بالأرض،وعلى هذا الأساس ليس لهن حق المطالبة بالانتفاع منها". ودعا في هذا الصدد وزارة العدل والنيابة العامة إلى تحمل المسؤولية في ما يقترف من انتهاك لحقوق المواطنة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية لشريحة من المجتمع. كما دعا النساء إلى التكتل ورفض التسجيل في لوائح المستفيدين في حالة طلب منهم ذلك، إلى أن تتراجع الدولة عن التصرفات التي اقترفتها في السابق بخصوص هذه الأراضي، والتي تم حينها تعويض عدد من ذوي الحقوق على أساس سعر بخس لايتعدى 100 درهم للمتر المربع بدعوى تخصيصها لتشييد مرفق عمومي، في حين أن الأمر يتعلق بمشاريع عقارية استثمارية كبرى. ومعلوم أن أراضي الجموع والأراضي السلالية تبلغ مساحتها 12 مليون هكتار وتستفيد منها ساكنة مهمة تقدر ب 9 ملايين نسمة من العالم القروي وتقسم إلى ثلاثة أنواع من الأراضي، الأراضي النيابية التي تتواجد في المناطق الساحلية والسهول، الأراضي الجماعية الأصلية المتواجدة بالجبال والمرتفعات، ثم أراضي الجيش التي تتواجد قرب المدن العتيقة. وتعد هذه الأراضي إحدى الملكيات العقارية الأكثر تعقيدا وغموضا في المغرب و التي مازال يحتكم في تنظيمها إلى قانون عتيق يعود إلى سنة 1919 أي إلى بداية عهد الحماية،وهذه الوضعية التي يحيط بها الكثير من الغموض جعلت هذه الأراضي محط أطماع لوبي العقار والعديد من الخروقات والتلاعب والنزاعات. وكان منشور وزاري صدر سنة 1957 قد وضع تفسيرا ضيقا لإحدى نصوص القانون السالف الذكر المنظم للأراضي السلالية، والتي تقضي بأن حق الانتفاع الدائم من تلك الأراضي يكون لرب العائلة من العشيرة، ولم يحدد إن كان ذكرا أو أنثى، في حين أن نص التفسير يشير "أن رب الأسرة أو رؤساء العائلة هم "الرجال المتزوجون منذ ستة أشهر على الأقل أو أرامل الجماعة اللائي لهن ابن ذكر..". وهذا التفسير الضيق أقصى آلاف النساء عبر مجموع تراب المغرب "مسنات، أرامل أمهات لبنات فقط، يتيمات، فقيرات، معاقات، نساء بمختلف فئاتهن، من الحصول على حقهن، والعديد منهن اللواتي حضرن اللقاء، عبرن عن استعدادهن لخوض جميع أشكال الاحتجاج إلى حين رفع الإجهاز الذي يمارس باسم عرف بائد، ويعرضهن للتشرد والضياع بدعوى كونهن نساء.