من المقرر أن تشهد سنة 2016 تنظيم انتخابات تشريعية تمتلك كثيرا من الأهمية ضمن مسارنا السياسي العام، ومن ثم يطرح اليوم موضوع التحالفات الحزبية في أفق هذا الاستحقاق الحاسم. التحالفات بين الأحزاب لم يعد ينظر إليها اليوم على أنها دليل ضعف أو هشاشة، وإنما الجميع مقتنع بكون منظومة قوانيننا الانتخابية وواقع ممارستنا السياسية والانتخابية يجعلان التحالفات ضرورة، كما أن التجربة الحكومية الحالية بينت إمكانية بناء تحالف على قاعدة برنامج حكومي وانطلاقا من ميثاق بين مكونات الأغلبية يبرز التزاماتها المشتركة، وبالتالي هناك اليوم ممكنات لتطوير هكذا أفق تفاعلا مع مميزات المرحلة التاريخية في بلادنا واستحضارا لانتظارات شعبنا. ومن أجل تجاوز ما قد يكون سجله هذا الطرف الحزبي أو ذاك من نقائص أو أخطاء أو تجليات ضعف في العمل المشترك بين أحزابنا الوطنية، سواء كانت ضمن الأغلبية الحكومية أو في المعارضة، فالأمر يفرض أولا القطع مع اعتبار التحالفات مجرد حساب انتخابوي أو ظرفي أو أسلوبا للتغطية على فشل انتخابي أو ضعف تنظيمي داخلي، ولكن لا بد من الانخراط في اعتبار التحالفات ضرورة لصياغة منظومة مؤسساتية وبرنامجية وسياسية لتطوير مسلسلات التنمية والتقدم لفائدة بلادنا وشعبنا، ومواجهة ما يتربص بهما من مخاطر وتحديات. وفي هذا الإطار، لا بد من الانتباه إلى كون السنوات الأخيرة في بلادنا مثلا وما آلت إليه مواقف وتقديرات بعض أحزابنا بينت صحة وعدم صحة عديد مواقف واصطفافات، ولهذا لا بد من استخراج الدروس المناسبة اليوم وبلورة الاتجاه العام الذي من شأنه تمكين بلادنا من تحالفات واعية تقود نحو تعزيز الاستقرار وتطوير ديناميات التنمية والانفتاح وإنجاح الإصلاحات في مختلف المجالات. لا بد كذلك من الإشارة إلى أن النظر إلى مسألة التحالفات لا يمكن أن يكون أحاديا أو معزولا، وإنما لا بد أن يكون شموليا ضمن الرؤية العامة لحقلنا الحزبي والسياسي والانتخابي والمؤسساتي، وبالتالي هذا يفرض استقلالية قرار الأحزاب ونبذ أساليب التحكم والهيمنة ووقف استهداف الأحزاب الجدية والحقيقية وضرب قوتها والإمعان في إضعافها، علاوة على ضرورة بناء علاقات جدية بين الأحزاب نفسها بلا أنانيات أو توتر أو استهداف، ثم محاربة الفساد الانتخابي والحرص على سلامة مختلف عملياته ومحطاته وتقوية دولة القانون والمؤسسات وفق مقتضيات دستور 2011. التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بخصوص الكتلة الديمقراطية وتقييم مسار التجربة الحكومية الحالية ومستقبل التحالفات الحزبية في ضوء كل ما تحياه بلادنا ومحيطها من مستجدات تطرح ضرورة الوعي بما ورد أعلاه وتوجه نداء إلى القوى الوطنية الديمقراطية كي تتأمل درس السنوات الأخيرة وتقدم على خطوات شجاعة من أجل مستقبل بلادنا أولا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته