اعتبرت المركزيات النقابية الأربع (الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والفيدرالية الديمقراطية للشغل)، أن المسيرة العمالية الاحتجاجية، المنظمة، أمس الأحد، عرفت نجاحا كبيرا، وشهدت مشاركة حاشدة من كل الأعمار والشرائح الاجتماعية ومختلف القطاعات السوسيو مهنية. وأضافت النقابات في بلاغ لها أصدرته عقب انتهاء المسيرة، توصلت بيان اليوم، بنسخة منه، أن المجتمع المدني كان حاضرا في هذه المسيرة من خلال العديد من الجمعيات الشبابية والنسائية والحقوقية والأمازيغية والبيئية وحماية المستهلك، وأحزاب سياسية من الأغلبية والمعارضة، وفي ذلك، مايدل، وفق ذات البلاغ، على العطف والمكانة المتميزة التي تحظى بها الطبقة العاملة لدى كل الأوساط. وأكد البلاغ أيضا، أن هذه المحطة الاحتجاجية ستكون متبوعة بأشكال نضالية مختلفة في مقدمتها خوض إضراب عام في الوظيفة العمومية، يوم 10 دجنبر القادم، محملا الحكومة المغربية "مسؤولية تبعات تعنتها ورفضها الاستجابة لمطالب كل فئات وشرائح المأجورين". وكانت المركزيات العمالية الأكثر تمثيلية، قد نظمت أمس الأحد، مسيرة وطنية بمدينة بالدار البيضاء، انطلقت من ساحة النصر مرورا بشارع للاياقوت وانتهاء بشارع الحسن الثاني قبالة ساحة محمد الخامس. وعرفت انطلاقة المسيرة التي تقدمتها قيادات النقابات الأربع، وفعاليات يسارية وحقوقية وجمعوية وفنية، ارتباكا في التنظيم، سرعان ما تم التغلب عليه ضمانا لمسيرة وطنية يأمل آلاف المشاركين فيها، أن تستجيب الحكومة لمطالبهم، التي عبروا عنها بشكل واضح، سواء من خلال اللافتات المرفوعة أو الشعارات المرددة طيلة المسيرة، والتي لم تخرج عن مضمون المذكرات المطلبية المرفوعة من طرف النقابات الأربع إلى الحكومة. وأبدع المشاركون في التعبير عن مطالبهم من خلال المجسمات المصنوعة من الورق أو الخشب، كما تميزت المسيرة بحضور المتضررين من بعض الخدمات الاجتماعية، كما هو الحال بالنسبة للمتضررين من شركة "أمانديس" بطنجة، والمطرودين من المعامل، والطلبة المعطلين، والأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بالمغرب. واعتبرالميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن المسيرة الوطنية، خطوة نضالية أولى من أجل إثارة انتباه الحكومة إلى مطالب الطبقة العاملة، مؤكدا، في تصريح لوسائل الإعلام، أن المركزيات النقابية تجدد مطلبها للحكومة بعقد جلسات للتفاوض الجماعي في أقرب الآجال لتفادي الاحتقان الاجتماعي. ومن جهته قال محمد كافي الشراط عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن الحكومة "لم تستجب لمطالب الشغيلة"، مشيرا في هذا السياق إلى أن النقابات تواصلت وكاتبت الحكومة بشأن المطالب العمالية التي تهم عددا من القطاعات . أما عبد الرحمان العزوزي، عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل، فاعتبر أن "تجاهل مطالب الشغيلة" هو ما دفع المركزيات النقابية إلى تنظيم هذه المسيرة، التي تعتبر خطوة أولى في سلسلة خطوات نضالية سطرتها النقابات. في حين قال عبد القادر الزاير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن هذه المسيرة تروم تنبيه الحكومة، لكي تتحمل مسؤوليتها بخصوص مطالب الشغيلة المغربية، معربا عن أمله في أن تبادر الحكومة إلى المفاوضة الجماعية بغية تلبية هذه المطالب. هذا، وتتجلى أهم مطالب النقابات، في الزيادة العامة في الأجور وفي معاشات التقاعد، وفي تخفيض الضغط الضريبي على الأجور وتحسين الدخل، ورفع سقف الأجور المعفاة من الضريبة إلى 6000 درهم شهريا، وتنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق 26 أبريل 2011، وسن مقاربة تشاركيه لإصلاح منظومة التقاعد، إضافة إلى مطالب أخرى، تتمثل أساسا في السهر على احترام الحريات النقابية وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، والسهر على فرض احترام مدونة الشغل والسهر على إجبارية التصريح بالمأجورين في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. وفي سياق متصل، قال وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، الخميس الماضي، في معرض جوابه عن سؤال حول المسيرة التي دعت إلى تنظيمها المركزيات النقابية، خلال لقاء صحفي عقب انعقاد مجلس الحكومة، "إن الاحتجاج حق مشروع يكفله الدستور ويكرس الدينامية النقابية والسياسية التي تشهدها المملكة، لكن في مقابل ذلك، الحكومة ماضية قدما في تنفيذ إصلاح نظام المعاشات المدنية". وأضاف أن الحكومة حينما طرحت موضوع إصلاح أنظمة التقاعد، "لم تكن تتوقع أنه لن يكون هناك احتجاج بشأنه"، لذلك عقدت سلسلة من الجلسات وأجرت عمليات تشاوريه مع عدة هيئات طيلة ثلاث سنوات، مذكرا بأن الحكومة اشتغلت في هذا السياق وفق مقاربة تقوم على الحوار، وفي نفس الوقت تتحمل مسؤوليتها في إنجاز هذا الإصلاح وضمان استمرارية أداء المعاشات المدنية. وسجل الخلفي أيضا ب "أننا إزاء إصلاح مستعجل سيمس شرائح واسعة من المتقاعدين، لكنه لن يمس في الوقت ذاته الحقوق المكتسبة لدى المتقاعدين الحاليين أو السابقين". وأكد الوزير أن "الحكومة ستتحمل مسؤوليتها في تنفيذ هذا الإصلاح، الذي ستكون هناك محطات مقبلة لتعميق النقاش حول مضامينه".