صدر للأديب المغربي حميد ركاطة، عمل روائي جديد موسوم بعنوان « مذكرات أعمى « عن منشورات ديهيا ببركان سنة 2015. تمتد الرواية الجديدة على مساحة 231 صفحة وهي من الحجم المتوسط، بغلاف أنيق موشح بصورة فتوغرافية للمبدع الخنيفري سعيد طعشي، وغلاف الرواية من تصميم الفنان مصطفى الكنوني . والعمل الجديد يحكي قصة مشوقة جدا لبطل أعمى، اعتمده الروائي كحكاء متميز سرد على لسانه تحولات كثيرة عاشتها مدينة خنيفرة في فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث أبرز سير العديد من الشخوص، وتمت إعادة إحياء أمكنة طالها النسيان، وإن اختفت للأبد، في قالب فني مراوغ جدا ومثير كذلك؛ ارتكز على تضمين الحكاية المستقلة والمترابطة في نفس الوقت مع غيرها للسير قدما بالقارئ نحو نهايات موجعة. ولعل من بين ما تميز به العمل الجديد للروائي المغربي الأستاذ حميد ركاطة، هو الارتكاز على مقومات أكثر من جنس أدبي، ونصوص فسيفسائية لمنح عمله الروائي، لأول مرة بالعالم العربي، ملمحا جديدا اعتمادا على القصة القصيرة جدا والقصة القصيرة، والحكاية، والأسطورة، والفنون ما قبل مسرحية، والأغنية الشعبية، وفن التراسل، والسيرة، والتاريخ المحلي، وقصص القرآن ارتكازا على الميتاسرد، والتناص، والسخرية، لينحت أيقونة أدبية مائزة. لقد برزت الرواية بوجهها المخالف المثير للعديد من الأسئلة الشائكة بدء من الاختيار الذكي لصورة الغلاف، بما يطرحه من قراءات سيميائية متعددة، مرورا عبر نصوص بحجم الكف، رامت تقديم شخوصه بشكل مسرحي مثير في البداية بسلاسة لا يشعر معها القارئ أنه بصدد التورط في المتن الروائي، لتأخذ النصوص شيئا فشيئا ملمح أجناس سردية أخرى، وتشكيل بصري، اعتمدهما كقالب لتمرير خطاب ممزوج بالحرقة واللوعة، والسخرية في كثير من الأحيان. دال على أحاسيس ومشاعر شخوص كل نص. فهذا العمل سيدفع القارئ، والدارس على السواء إلى طرح أكثر من سؤال حول الملمح الجديد للكتابة الروائية بالمغرب، وهندستها المثيرة للدهشة. بنزوع صاحبها نحو تقويض اللغة، والشكل، والبناء، في أفق طرحه لمنظوره الخاص، وتصوراته حول مفهوم الرواية اليوم ككل. حسب ما وصف به الروائي حميد ركاطة عمله الجديد حسب ما جاء في صفحة 7 «، ذلك السفر المشوب بالمغامرة، هو ما يمنح الرغبة في كتابة رواية مذكرات أعمى ارتكازا على فصوص من سديم قد تفقد نكهتها في غياب تذوق للمعنى واستكناه تصورها الجديد لمفهوم الرواية ذاته، قالبا، وأسلوبا، وتضمينا، وتشكيلا بصريا، فصوص ضامرة أحيانا، وأخرى مغرقة في تفاصيل مفعمة بالسخرية والانتقاد..». في حين سنجده في صفحة 8 يعلن عن تورطه في الكتابة الروائية، بعدما عرفناه كاتبا للقصة القصيرة جدا: «لقد اعتقدت دوما أنني أحاكي عالما منفلتا بداخلي، لكني نسيت أنني لما خرجت بهذا العمل للوجود بشرت بجنوني، وببذور لعنة سيلازمني إدمانها إلى الأبد «. وللاشارة فقد صدر للمبدع المتعدد حميد ركاطة العديد من الأعمال في القصة القصيرة جدا، والنقد القصصي، والشعري، وتعتبر هذه الرواية سادس عمل أدبي له.