الرايس الحاج احماد أمنتاك عميد الأغنية الأمازيغية في ذمة الله انتقل إلى عفو الله أول أمس الثلاثاء، (24 نونبر 2015) بإحدى المصحات الخصوصية بأكادير، الفنان الأمازيغي ذائع الصيت، الرايس احماد أمنتاك، وذلك عن عمر يناهز 90 سنة. وقد ووري جثمان الراحل الثرى بعد صلاة عصر نفس اليوم في إحدى المقابر التابعة لبلدية الدشيرة الجهادية بعمالة إنزكان أيت ملول. وقد ولد الراحل، واسمه الكامل احماد أيت الرايس، الذي يعتبر واحدا من أعمدة النظم الشعري والغناء الأمازيغي في الوقت الراهن، خلال فترة العشرينيات من القرن الماضي بدوار "بيطلجان" في منطقة "أركيتة" بإقليم تارودانت. وكغيره من المولعين بفن الروايس، فقد بدأ منذ صغره في حفظ القصائد الشعرية، والأغاني الأمازيغية، حيث ظهرت عليه منذ سن مبكرة موهبة النظم والغناء. واستنادا لكتاب "ترويسا" (فن الروايس) الذي أصدره الباحث الإعلامي محمد ولكاش، فإن الفنان أحمد أمنتاك بدأ منذ سن الرابعة عشر يشارك في المساجلات الشعرية، حيث احتك مع ثلة من الشعراء والفنانين الأمازيغ أمثال عديء وبيضار، والنميلي والرايس أحمد البيطلجاني، والرايس عبد السلام (المنجة)، وكان غالبية هؤلاء الفنانين يرددون أغاني أسطورة الأغنية الأمازيغية الرايس الحاج بلعيد، وتلميذه محمد بودرع، ومن تم اشتد تعلقه بالشعر الأمازيغي القديم الذي حفظ منه الشيء الكثير، مما أهله إلى ولوج مجال الاحتراف. وحسب الباحث الإعلامي محمد ولكاش، فقد توجه الفنان الراحل احماد أمنتاك إلى أكادير حيث التقى بشعراء منطقة أشتوكة، من ضمنهم على الخصوص الرايس سعيد اشتوك والرايس الحسين جانطي والرايس مولاي موح (الكمنجة) وشعراء آخرون، فبدأ نجمه يتألق في مجال فن الروايس خاصة منذ منتصف عقد الستينيات من القرن الماضي، سواء داخل الوطن أو خارجه، لاسيما في بعض الدول الأوربية التي تتواجد بها جالية مغربية كبيرة تنحدر من أصول أمازيغية. وقد أغنى الفنان الراحل خلال مسيرته الفنية التي امتدت لعقود متتالية الخزانة الغنائية الوطنية برصيد هائل من أجمل الأغاني الأمازيغية، التي لا زال يرددها مبدعو فن الروايس في مختلف التظاهرات الغنائية، سواء في منطقة سوس، أو في غيرها من مناطق المملكة. الرايس احماد أمنتاك، يقول ولكاش، صنع نفسه بنفسه انطلاقا من شغفه الكبير بموسيقى الروايس، علاوة على ممارسته لرقصات أحواش ومحاوراته لشعراء أسايس ما مكنه من اعتلاء مرتبة مشرفة منذ صغره خصوصا في حضرة الشاعر الكبير عدي أوبيضار الذي تنبأ له بمستقبل زاهر في ميدان الموسيقى والشعر. وقد كانت بدايته، يضيف الإعلامي ولكاش، مع آلة لوتار التي صنعها بيده بداية موفقة إنما في حدود إعادة ومحاكاة لأغاني مشهورة أبرزها للرايس الحاج بلعيد والرايس بوبكر أزعري. وضمن خطوته الثانية في ميدان الفن اشترى الفنان حماد أمنتاك آلة الرباب من والد الرايس علي البيطلجاني، ثم غادر مدشره في اتجاه منطقة راس الواد حيث مضى فترة طويلة متجولا بين الدواوير. وبعد عودته دعا له والده بالنجاح. حينه أخد طريق محترفي الطرب والغناء وتوجه صوب منطقة للا عزيزة والتقى بالفنان بوبكر ازعري وأخد منه ما أخد من دروس ميدانية.. وبمراكش التقى بكبير الروايس الفنان مولاي علي والعبقري الفنان محمد ساسبو الذي مكت معه أزيد من ثلاثة سنوات. وفي زيارته الأولى لأكادير والناحية تشرف بالانضمام لأصدقاء ومجموعة المناضل والمقاوم الحسين جانطي ومن بعده التقى بمولاي موح ثم جامع الحامدي وسعيد اشتوك علاوة على محمد الدمسيري ودعمه له دعما معنويا لما زار قبيلة اركيتن.. ويعتبر ولكاش أن الرايس حماد امنتاك شاعر كبير وملحن مبدع. غزير الإنتاج عازف ماهر على آلة الرباب. يتناول في أغانيه مواضيع الغزل والنقد الاجتماعي والإرشاد والدين.. ويعد من أبرز من يوظف الأمثال الشعبية في أغانيه. ومن أشهر أغانيه "الله الوطن"، "لمسدس"، "قصيدة بوسالم"، "تادويريت"، "درست"، "اتبيرن"، "بولارياش"، "الورد"، "تاركا تاكوك"، "لقاسريات"، "تيموزونين"، "لحباب"، "مرحبا"، "اموريك اكز اكالن"... وغيرها من الأغاني التقليدية التي ما فتئت تتردد على السنة الجماهير والمحبين. وقد أعيد إنتاج بعضها على لسان مجموعة من الفرق الغنائية الأمازيغية العصرية. الحاج احماد أمنتاك فنان كبير ساهم بقسط وافر في التعريف بالأغنية الأمازيغية والدفع بعجلاتها. وسيظل مهما طال الزمان الرايس والشاعر والفنان الذي لا يعوض وسنظل نفتخر به إلى يوم يبعتون لأنه فنان بكامل الأوصاف. تغمد الله فقيد القصيدة والأغنية الأمازيغية الرايس احماد أمنتاك برحمته الواسعة، وأسكنه فسيح جنانه وألهم ذويه الصبر والسلوان.. تعازينا الحارة لأسرته وعائلته ولأسرة الفن الأمازيغي كافة، إنا لله وإنا إليه راجعون.