هناك توازنات من الواجب الحفاظ عليها لتفادي السقوط في تطورات سلبية ضرورة الشروع في عملية تصحيحية جريئة من أجل قيام تواجد تنظيمي حزبي فعلي وفعال محليا وإقليميا وجهويا صادقت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، في دورتها الرابعة، المنعقدة أول أمس السبت بعين عتيق قرب العاصمة الرباط، بالإجماع على التقرير الذي قدمه الأمين العام محمد نبيبل بنعبد الله باسم الديوان السياسي، وذلك بعد نقاش عميق وصريح لمختلف القضايا السياسية والتنظيمية. ووقف محمد نبيبل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في التقرير ذاته، عند أهم خلاصة التي يمكن استخلاصها من الانتخابات الأخيرة، في مختلف جوانبها السياسية والتنظيمية مشيرا إلى أن أهم خلاصة يتعين الوقوف عندها في هذه الانتخابات هي أن طبيعة الصراع الجلي والواضح، والذي انطلق منذ 2009، ولا يزال يحتدم، هو صراع بين قوى التحكم والاستبداد التي تستعمل كل الوسائل لإضفاء صفة الحداثة والديمقراطية على نفسها، من جهة، وبين أنصار التقدم والديمقراطية ومحاربة الفساد، من جهة ثانية. والخلاصة الثانية في نظر بنعبد الله، التي تميزت بها هذه الانتخابات والتي تمثل العيب الأساس الذي يخترق الجسم الانتخابي المغربي، تكمن في الاستعمال المفرط للمال مما أدى، عمليا، يضيف الأمين العام، إلى تزوير إرادة الجماهير المعبر عنها بشكل مباشر، وبالتالي تحريف مسار ومآل النتائج التي تمخضت عنها. وبخصوص موضوع التحالفات، أفاد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إنه إذا تم احترام منطق الأغلبية أو المعارضة في العديد من الحالات المرتبطة بتشكيل المكاتب، فإن هذا المنطق لم يحترم على مستوى انتخاب رؤساء الجهات، ثم انتخاب مجلس المستشارين، بما في ذلك انتخاب رئيس هذا المجلس، واختلط "الحابل بالنابل حتى صرنا لا نعرف أين هي الأغلبية وأين هي المعارضة" يقول نبيل بنعبد الله الذي أكد أن مسألة احترام الالتزامات والعهود ومدى استقلالية القرار في الحقل السياسي بدأت تطرح بإلحاح، مشيرا إلى أن ألأطراف التي يشدها الحنين للتحكم السياسي، مستمرة في سعيها إلى بسط الهيمنة على مختلف خيوط العملية السياسية في البلاد. وسواء تعلق الأمر باحترام التحالفات، أو باستعمال المال، أو تعلق بإرادة التحكم والسيطرة، أو بكيفية إفراز مجلس المستشارين، من خلال ما اصطلح على تسميتهم ب " الناخبين الكبار" شدد محمد نبيبل بنعبد الله على أن حزب التقدم والاشتراكية تحمل مسؤوليته كاملة في التعبير عن مواقفه، وفي الوفاء لمبادئه والتزاماته، وفي فضح كل الانحرافات التي ظهرت على المستويات المذكورة، مشيرا إلى أن الحزب كسب مزيدا من السمعة الطيبة ورسخ مكانته في المشهد السياسي الوطني، كحزب جاد و"معقول"، وكرس نفسه كحزب لا يخشى في الانتصار للحق لومة لائم. من جانب آخر، وقف الأمين العام على التعاطي المغرض مع ملف الخدمة الصحية الوطنية من خلال ترويج مغالطات لم يستبعد أن يكون ورائها استغلال سياسوي لهذا الملف، مشيرا إلى ألأمر يتعلق بأحد مكونات سياسة عمومية متكاملة تروم تقديم جواب شاف عن النقص الكبير، في مجال الموارد البشرية الصحية، الذي تشكو منه جهات عدة، خاصة في العالم القروي والمناطق الجبلية والمعزولة، بما يمكن عموم المواطنين في هذه المناطق من خدمات لائقة في مجالي التطبيب و الاستشفاء. وأعرب محمد نبيبل بنعبد الله، عن استغرابه لاستمرار نوع من التعنت بالرغم من أن مشروع الخدمة الوطنية الصحية، قد أصبح، عمليا، في حكم المؤجل، وبالرغم من التزامات وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، في بلاغ مشترك، أي رسميا وبوثيقة مكتوبة، بأن لا يتم البت في هذا المشروع إلا عبر " حوار واسع، مسؤول ومنتج"، وإلا في حالة التوافق بشأنه، مع التعهد بتثمين أي مشروع بديل، بما يضمن حقوق وواجبات المواطنين والأطر الصحية، مجددا تضامن حزب التقدم والاشتراكية ودعمه الكامل لوزير الصحة الحسين الوردي عضو الديوان السياسي، ولمجموع مكونات المنظومة الصحية الوطنية. وتوقفت اللجنة المركزية، على التقرير الأخير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وما أثاره من نقاش وردود فعل متشنجة، بخصوص موضوع المساواة، حيث جدد تقرير اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، التأكيد على أن قضية المساواة قضية مبدأ يكرسه الدستور، وبالتالي فهي لا تحتمل أي مقاربة قائمة على المزايدات أو التعصب أو التوظيف السياسوي المغرض، من أي جهة كانت، بما في ذلك في موضوع الإرث. وفي السياق ذاته، دعت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية إلى تحكيم العقل، وترجيح المصلحة الوطنية العليا، وفتح الباب أمام الاجتهاد الخلاق، المتوافق في شأنه، بما يمكن من تعزيز المساواة الكاملة والمطلقة بين الجنسين في مختلف المجالات وفق مقاربة تدريجية تستند إلى مراكمة المكتسبات المحققة على مستوى النهوض بوضعية المرأة، خاصة، وحقوق الإنسان، بصفة عامة، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الوطنية، وموازين القوى القائمة، وطبيعة المرحلة التاريخية التي يمر منها مجتمعنا،والسعي إلى فتح آفاق التطور والتقدم على درب تحقيق المساواة الكاملة. ومن جانبه، قدم رشيد روكبان عضو الديوان السياسي عرضا مفصلا حول النتائج التي أحرزها حزب التقدم والاشتراكية خلال الانتخابات الأخيرة، كما فدم عبد اللطيف معتضد عضو اللجنة المركزية بالنيابة عن أنس الدكالي عضو الديوان السياسي المسوؤل عن السياسة المالية للحزب، تقريرا ماليا عن فترة المسلسل الانتخابي. وشددت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، والتي ترأسها سعيد الفكاك عضو الديوان السياسي، على ضرورة استحضار صدارة النضال من أجل توطيد واستكمال الوحدة الترابية، خاصة بالنظر لما يحاك من مؤامرات ضد القضية الوطنية، من قبل جهات مختلفة، ومواصلة النضال لإتمام عملية تفعيل الدستور، وتثبيت المؤسسات وتوطيد الديموقراطية، وكذا النضال من أجل مزيد من التنمية الاقتصادية، وإقرار العدالة الاجتماعية، والمضي، قدما، في تكريس التنوع الثقافي، الذي يسعى حزب التقدم والاشتراكية لبلوغه. ولبلوغ هذه الأهداف، دعا برلمان حزب التقدم والاشتراكية إلى اتخاذ المبادرات الضرورية لفتح آفاق تحالفات جادة، مبنية على خدمة المصلحة الوطنية، وفي الوقت الذي يرى فيه ضرورة حرص الجميع على مواصلة التجربة الحكومية الحالية في ظل الاستقرار والوضوح والجدية، ترى اللجنة المركزية، أن القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية مدعوة إلى التفكير، مليا، في مسألة الاصطفاف في خندق التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتعميق بناء مغرب المؤسسات في مواجهة دعاة التحكم والرجوع إلى الوراء.وبالموازاة مع ذلك، يتعين إيلاء اهتمام أكبر فأكبر لضرورة العمل من أجل استعادة اليسار لمواقعه، مع تطوير جهود الحزب في هذا الاتجاه. وعلى الصعيد التنظيمي الحزبي، أعطت اللجنة المركزية الانطلاقة الفعلية لتحضير الانتخابات التشريعية لسنة 2016، من خلال إقرار مجموعة من الإجراءات التنظيمية في مقدمتها تنظيم الجموع العامة للفروع المحلية، والمؤتمرات الإقليمية، وارساء الهيئات الجهوية التي ينبغي أن تضطلع بمهام تنفيذية وفعلية على مستوى القرار التنظيمي الحزبي، وذلك في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، على أقصى تقدير . ومن ضمن الإجراءات التنظيمية التي أقرتها اللجنة المركزية، تحديد موعد انعقاد المؤتمر الاستثنائي، لمراجعة القانون الأساسي في أجل أقصاه شهر يناير القادم، والشروع، من الآن، في تحديد مرشحات ومرشحي الحزب بمختلف الدوائر برسم الانتخابات التشريعية المقبلة. يشار إلى أن رئاسة الدورة الرابعة للجنة المركزية تشكلت من أعضاء الديوان السياسي: شرفات أفيلال وكجمولة منت أبي وفاطمة السباعي ونادية التهامي، والحسين الوردي ورشيد روكبان وعبد اللطيف أعمو.