أغذية المتعة الكاملة أم أسلحة الدمار الشامل على صحة الكبار والصغار؟ المتاجر المصنعة تقر بضرورة مراجعة نسب المواد غير الصحية في منتوجاتها كشفت دراسة بريطانية حديثة عن أن الوجبات الجاهزة المعروضة في المتاجر الكبرى تحتوي على ضعف كمية السكر الموجودة في عبوة المشروب الغازي. وكشف بحث مشترك أجرته صحيفة "التليجراف" البريطانية مع مجموعة تسعى للتقليل من استهلاك السكر عن ما وصفته الصحيفة بأنها "نتائج مذهلة" ونشرتها في تحقيق حصري مؤخرا. يذكر أن عبوة المشروب الغازي (كانيت) الواحدة تحتوي على 35 جراما من السكر أي ما يعادل تسع ملاعق شاي من السكر. وجاء البحث عن كميات السكر في بعض الوجبات الجاهزة عقب الدعوات التي وردت في تقرير صادر عن مجموعة الصحة العامة في انجلترا وهي مجموعة استشارية للحكومة بضرورة فرض ضريبة على السكر بنسبة 10 إلى 20 % للتغلب على مشكلة البدانة. وأظهرت الدراسة أن مكونات الوجبات التجارية والمعدة مسبقا تحتوي على سلسلة واسعة من المنتجات التي بها معدلات عالية من السكر، بصورة مقلقة. كما اكتشف التحقيق المشترك بين التليجراف ومجموعة "أكشن أون شوجر" أن طبق الدجاج الحلو والحامض الذي تبيعه سلسلة متاجر عالمية شهيرة يحتوي على 61.2 جرام من السكر أي ما يعادل تقريبا 13 معلقة شاي من السكر. كما أن طبق الدجاج المقرمش الذي تبيعه نفس السلسلة والبالغ وزنه 400 جرام يعني أن سدس وزن المكونات في الطبق تقريبا تتألف من السكر. وتقول سلسلة المتاجر إنها ستعيد النظر في وصفاتها في سلسلة الوجبات الصينية والشرقية التي تقدمها ووعدت بطرح أطباق جديدة مع تقليل محتوى السكر في العام الجديد. وأوضحت الدراسة أن هناك أطباقا أخرى من الدجاج تحتوي على السكر أكثر من علبة الكولا مشيرة إلى أسماء عدة سلاسل متاجر عالمية أخرى معروفة تشارك في تقديم مثل هذه الوجبات يصل محتوى البعض منها من السكر إلى حوالي 52 جراما تقدم أطباق دجاج الفلفل الحار "تشيلي تشيكن" وأطباق أخرى تتألف من مكونات أخرى مع المكرونة مع إضافات الصلصة. وقالت مجموعة "أكشن أون شوجر" إن النتائج تظهر حاجة ملحة بتنظيم صناعة الغذاء ووضع مجموعة أهداف بالنسبة لأقصى مستويات السكر وتطبيق معايير متوسطة في جميع سلاسل الوجبات الجاهزة. وعلى الفور دافع عدد من سلاسل المتاجر العالمية فور نشر هذه النتائج في "التليجراف" عن نفسها بالتأكيد على أنها تقوم حاليا بالفعل بمراجعة مكونات الوجبات التي تحتوي على المزيد من السكر. تدمر خصوبة الرجال وكانت دراسة سابقة قد أفادت دراسة حديثة أن الإسراف في الوجبات السريعة له تأثيرات ضارة علي خلايا الخصية بسبب زيادة ترسيب الدهون التي تحتويها هذه الوجبات وتأكسدها مع غزوها المتتالي لخلايا الخصية مسببة تليفها واضطراب وظائفها، حيث تخفض معدل هرمون الذكورة الذي يعرف ب" التستوستيرون"، الأمر الذي يهدد خصوبة الرجال. ومن خلال دراسة أجريت على حيوانات التجارب في وحدة أبحاث الكيمياء الحيوية بكلية الصيدلة جامعة الزقازيق المصرية، عن طريق تغذية ذكور فئران التجارب بوجبات تضاهي الوجبات السريعة في المحتوى والمضمون ولمدة تراوحت من 5 أشهر وبصورة متواصلة. واتضح أن تناول الفئران بشغف بالغ هذا النوع من الطعام انعكس في زيادة الوزن بصورة واضحة وخاصة سمنة الأحشاء الداخلية. وترسبت الدهون وزادت معدلات أكسدة الدهون وانخفض معدل هرمون الذكورة " التستوستيرون"، حيث أظهر فحص الأنسجة مجهريا تحللا واضحا في خلايا الخصية وقلة الحيوانات المنوية وتليفاً بصورة واضحة، وكان السبب المرجح لكل ذلك زيادة ترسيب الدهون وتأكسدها مع غزوها المتتالي لخلايا الخصية. السمنة لدى الأطفال أظهرت الأبحاث أن الكثير من هذه الوجبات تعمل على تنشيط الجين الخاص بالسمنة بصورة مرضية. وقد تنبهت إلى هذا الخطر أكثر من 20 ولاية أمريكية ومنعت طلاب المدارس من تناول هذه الوجبات، لوجود علاقة بينها وبين الإصابة بالأنيميا وفقر الدم وارتفاع نسبة الكولسترول. ووجود علاقة بين المشروبات الغازية التي عادة ما تكون مصاحبة لهذه المأكولات والإصابة بهشاشة العظام، فضلا عن أنها تتسبب في عسر الهضم عند تناولها مع الطعام. وعند إضافة الأطعمة المقلية كالبطاطس والأغذية التي تحتوي على المواد الحافظة والملح لكي نحصل على "وجبة كاملة" تكون المحصلة هي الحصول على "خطر كامل"، فأطعمة مثل الهامبورجر وأصابع السمك والدجاج المقلي تدخل في دائرة المواد المسببة للإصابة بالسرطان. ومن الممكن بعد التأكد من جميع أضرار هذه الوجبات أن يتم كتابة تحذير على علب الوجبات السريعة يفيد بأنها "تدمر الصحة وتسبب الوفاة". والبدانة التي تعتبر أول عرض لتناول الوجبات السريعة في طريقها بالفعل لأن تصبح السبب الأول للوفاة في بريطانيا، محتلة مكان التدخين. ويرى خبراء الصحة هناك أن الحكومة البريطانية - شأنها شأن سائر الحكومات الأوروبية - تشعر بالخوف من وضع حلول لهذه المشكلة التي أوجدتها مؤسسات وشركات إنتاج الوجبات السريعة والجاهزة؛ وذلك بسبب المصالح الضخمة لهذه الشركات. فرؤوس الأموال المستثمرة في مطاعم الوجبات السريعة والمشروبات الغازية ضخمة للغاية، وبسبب هذه "المصالح" يموت 30 ألف شخص بريطاني بدين في كل عام. ويؤكد العلماء البريطانيون في دراسة حديثة أن الجيل الحالي من الأطفال في بريطانيا أكثر عرضة للأمراض الخطيرة؛ حيث إن 10% من الأطفال مصابون بالسمنة، و20% من الأطفال يعانون الوزن الزائد. وقد كشف الدكتور إيريك شلوسر خبير الأغذية الأمريكي في كتابه "أمة الأغذية السريعة" عن زيادة حالات الوفيات بين الأطفال من عمر 6 إلى 10 سنوات؛ بسبب البدانة المفرطة بعد تضاعف عدد مطاعم الوجبات السريعة في بريطانيا. وفي الولاياتالمتحدة تؤدي السمنة إلى وفاة 300 ألف شخص سنويا، وتأتي بعد التدخين الذي يتسبب في وفاة 400 ألف شخص. الربو والإضرار بالمخ ومن المخاطر الصحية الأخرى للوجبات السريعة والجاهزة -كما أكد باحثون أسكتلنديون - أن الوجبات السريعة وشبه المجهزة تسهم بدرجة كبيرة في إصابة الأطفال بالربو؛ لخلوها من الخضراوات الطازجة والفيتامينات والمعادن، كما أن خلو هذه الأطعمة من الألياف الضرورية لانتظام الحركة الطبيعية للأمعاء يخل بوظيفتها، ويؤدي إلى اضطرابات في عملية الامتصاص. موضحين أن حياة الريف أفضل لصحة الأطفال من العيش في المدن التي تنتشر بها الوجبات السريعة. وأوضحت باحثة أمريكية أن تناول السكريات والأطعمة السريعة والدهون بكثرة يغير سلوك الأطفال، وأن الوجبات السريعة تدفع إلى خمول العقل وكسله وإلى ترهل الجسم. كما ذكرت مجلة "نيو ساينتيست" (new scientist) مؤخرا أن ما يحصل عليه الجسم من الدهون الموجودة بكثرة في الساندويتشات السريعة ووجبات الشوارع يسبب أضرارا بالغة بالمخ، ويؤذي قدرة الذاكرة؛ لأن هذا الغذاء يمنع وصول الجلوكوز إلى المخ بكمية كافية. الوقاية من خطر الوجبات السريعة لكن الوجبات السريعة ليست كلها شرا محضا، ويمكن ببعض التغييرات جعلها أفضل وأكثر ملاءمة للصحة وبعدا عن الأضرار، ومن الوسائل المساعدة على إحداث هذه التغييرات ما يلي: - التثقيف الصحي للأطفال والشباب في المدارس وفي وسائل الإعلام وتبيين أنواع الأغذية وعدد الحصص التي ينبغي تناولها من كل نوع. - وضع ضوابط لتراخيص المطاعم تشمل إضافة الأغذية الطازجة والفواكه والسلطات، ومنع بيع المشروبات الغازية والعصائر المحلاة والمعبأة. - منع دعايات الأغذية غير الصحية أو التي لا تطابق المواصفات الصحية. - يفضل عند طلب "البيتزا" اختيار الأنواع التي تحتوي على كميات أكبر من الخضار وأقل من اللحوم والأجبان، وأن تكون القاعدة رقيقة؛ للتقليل من السعرات الحرارية للبيتزا. - في حالة الأكل في مطاعم "البرجر" و"الساندويتش"، يفضل طلب الحجم الصغير، ويفضل المشوي بدلا عن المقلي، وتجنب أكل البطاطس المقلية وشرب المشروبات الغازية ويستبدل بها قطعة من الفاكهة وكأس من العصير الطازج غير المحلى. - اختيار السلطات التي تحوي الخضار الطازجة والبعد عن الإضافات الدسمة مثل المايونيز والكاتشاب والخبز المحمص والبقول. - اختيار الحلويات التي تعتمد على الفاكهة الطازجة، مثل سلطة الفواكه، أو اختيار الحلويات ذات الحجم الصغير لتقليل كمية السعرات الحرارية فيها. - الاعتدال في الأكل وعدم الإسراف. - الاهتمام بحركة ونشاط الطفل أمام التلفاز وألعاب الفيديو لفترات طويلة فممارسة الرياضة تحد من الآثار السلبية لهذه الوجبات فتحرق الكميات الفائضة من الدهون.