تمثل زيارة جلالة الملك إلى الهند ومشاركته في القمة الثالثة لمنتدى الهند – إفريقيا 2015، تجليا آخر لاهتمام جلالته وقناعته وانشغاله بتقوية التعاون الثنائي والمتعدد بين بلدان الجنوب، فضلا عن حرصه على تمتين تعاون القارة الإفريقية وانفتاحها على بقية مناطق العالم بما يخدم مستقبلها التنموي ومصالح شعوبها. قمة نيودلهي، التي من المقرر اختتامها غدا الخميس باجتماع القادة المشاركين، تنعقد تحت شعار مركزي معبر هو:"شركاء في التقدم: نحو جدول إنمائي فارق وفعال"، تعتبر مناسبة لرصد مستوى التعاون بين الطرفين واستعراض سبل النهوض بذلك، خصوصا أن المبادلات التجارية بين الهند، كقوة اقتصادية وازنة في العالم وبآسيا، وبلدان القارة الإفريقية سجلت زيادة بعشرين مرة في السنوات ال 15 الماضية، وتضاعفت مرتين في السنوات الخمس الأخيرة، ما يشجعها على مواصلة الاهتمام بالقارة السمراء وتعزيز شراكاتها الاقتصادية والتجارية معها. وفضلا عن الاهتمام الذي حظيت به زيارة جلالة الملك، فإن العلاقات المغربية الهندية مؤهلة لكي تفتح آفاق جديدة للتعاون والشراكة بين الطرفين. الهند اليوم مهتمة بالتجربة المغربية في مجال الطاقات المتجددة، ولديها وطنيا وعالميا الانشغالات نفسها مع المملكة في قضايا التغيرات المناخية، خصوصا عشية مؤتمر باريس القريب، ويشمل التعاون بين البلدين في السنوات الأخيرة قطاع السيارات والصناعة الدوائية والفندقة وغيرها، بالإضافة إلى أن تطوير علاقات الهند مع إفريقيا يمكن أن يستثمر التعاون الثنائي مع المغرب كأرضية مناسبة لذلك، وأيضا على صعيد الانفتاح على أوربا وبلدان المتوسط، وكل هذا يجعل تمتين العلاقات الاقتصادية مع الهند هدفا استراتيجيا بالنسبة للمملكة لا بد من العمل عليه والسعي لكسب رهاناته. صحيح أن المصالح الاقتصادية والإستراتيجية للدول تعتبر اليوم حاسمة في المواقف والاصطفافات، ولهذا يمثل المغرب أرضية انطلاق بالنسبة للهند لتطوير مبادلاتها مع إفريقيا، كما يمكن للهند أن تتيح للمملكة فرصة تقوية علاقاتها مع آسيا مثلا، وضمن هذا الأفق يمكن تفسير مشاركة 50 مقاولة ومجموعة اقتصادية مغربية حاليا في قمة نيودلهي، وتميز الوفد المغربي بكونه أكبر وفد اقتصادي إفريقي مشارك في القمة، ولكن رغم كل ذلك لا بد من اليقظة والانتباه للجوانب السياسية والديبلوماسية. لقد عادت الهند في السنوات الأخيرة إلى مساندة المسار الأممي لتسوية النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتراجعت عن اعترافها بالجمهورية الوهمية، وهذا مهم، لكن خصوم الوحدة الترابية مستمرون في ضغوطهم، حتى أن ذلك لم يستثن هذه القمة نفسها، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام المحلية، وقد فشت الضغوط أمام إصرار السلطات الهندية على مشاركة المغرب ورفض حضور خصوم وحدته الترابية، وهذا يفرض اليوم الاهتمام بالبلد العريق، الذي يكاد يكون قارة لوحده، واعتباره دائرة أساسية في العمل الديبلوماسي المغربي. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته