بعد سنة ونصف من الإعداد، وتجريب عشرات اللاعبين والقيام بجولات أوروبية وخليجية كل من تابع اللقاءين الإعداديين اللذين أجراهما الفريق الوطني لكرة القدم على أرضية ملعب «أدرار» بمدينة اكادير أمام كل من منتخبي الكوت ديفوار وغينيا، خرج بقناعة راسخة، تتجلى في كون المدرب بادو الزاكي عجز عن تكوين منتخب قادر على المنافسة، بعد سنة ونصف من الإعداد، وخوض لقاءات ودية خارج المغرب وداخله، وتجريب عشرات اللاعبين، والقيام بجولات أوروبية وخليجية. هذه الخلاصة الصادمة، كانت مؤشراتها واضحة، إلا أننا انتظرنا اللقاءين الأخيرين بمرحلة التهيؤ بأشهرها الثمانية عشر، حتى نتمكن من جمع كل المعطيات التي تسمح لنا بإصدار حكم موضوعي، حول قيمة العمل الذي قام به الناخب الوطني والمشرف الأول والأخير على الشؤون التقنية للفريق الوطني المغربي لكرة القدم. فإذا كانت المقابلة الأولى أمام الكوت ديفوار قد منحتنا نوعا من التفاؤل، بعد العرض المقبول الذي قدمته العناصر الوطنية، خاصة خلال الجولة الأولى، فإن الأمور انقلبت رأسا على عقب، حيث صدم الجميع بمستوى باهت وأخطاء فادحة سقط فيها الزاكي واللاعبون الذين اعتمد عليهم، وهو يواجه منتخب غينيا الذي لم يعتمد على التشكيلة الأساسية التي هزمت الجزائر قبل قدومه للمغرب بثلاثة أيام. ثغرات كبيرة، هفوات واضحة، خطوط غير متكاملة، تموضعات خاطئة، اختيارات غير موفقة، تلكم هي الصورة المختصرة لفريق وطني تطلب كل هذه المدة الطويلة من الإعداد، وكلف خزينة الجامعة مبالغ مهمة مع اختبار قدرات عشرات اللاعبين من داخل المغرب وخارجه. فأمام الجهد المالي واللوجستيكي والتنظيمي، لا أعتقد أن الزاكي سيجد هذه المرة مبررا، في حالة الإخفاق في قيادة المنتخب إلى تحقيق النتائج الايجابية التي وعد بها، وهو الذي اعترف في أكثر من مناسبة، أن كل شيء جاهز لتقديم فريق وطني تنافسي، فأين يكمن الخطأ إذن؟ الواقع أن الطريقة التي يقود بها الزاكي الأمور التقنية، وانفراده بكل القرارات وغياب فريق عمل مساعد حقيقي وليس شكلي كما هو الحال الآن، جعل مدربنا الوطني يخبط خبط عشواء، سواء من حيث اختيارات اللاعبين أو طريقة اللعب، والنتيجة كما وقفنا عليها مساء الاثنين بمعلب «أدرار»، أداء باهت، عجز واضح، عقم حقيقي، وسلبية في أكثر من مركز، صحيح أن بعض الإشراقات الجميلة التي منحها لنا اللقاء الأول واحتضناها بالكثير من الإيجابية، اختفت فجأة، فكانت الصدمة قوية ونحن نتابع مستوى ضعيفا خلال المقابلة الثانية، مما جعل الجميع يعبر عن جام غضبه وسخط عارم، وانتقاد لاذع للمسؤول الأول والأخير عن هذه المهزلة الحقيقية، رغم أن المنتخبين الإيفواري والغيني خاضا مقابلتين تدريبيتين فقط، ولم يبذلا مجهودا كبيرا، لكنهما تمكنا من إحراج «أسود الأطلس» بميدانها. كيف يمكن للمنتخب أن يكون تنافسيا، وهو يلعب بظهيرين عاجزين عن القيام بواجباتهما الهجومية، وخط وسط يفشل في استخلاص الكرة من الخصم، وخط أمامي مرتبك يضيع أسهل الفرص، كما أن الإصرار على الاعتماد على لاعبين انتهت صلاحيتهم الكروية، وكثرة التغييرات بعد كل معسكر تدريبي، عوامل تحول دون الوصول إلى تكوين تشكيلة قارة ومتكاملة الصفوف. فالمهاجم يوسف العربي الذي يعجز عن التهديف، رغم عديد الفرص التي أتيحت له، كان في حاجة إلى دعم نفسي يقوي معنوياته، إلا أن الزاكي لم يوفر له الحماية الضرورية، حيث تخلى عنه مباشرة بعد أولى إشارات الاحتجاج الصادرة عن الجمهور، حيث أقدم على تغييره خلال اللقاء الأول، ولم يعتمد عليه أثناء المقابلة الثانية، وهذا السلوك غير إيجابي بالمرة من مدرب كان من المفروض أن يقدم الدعم الضروري للاعب يجد نوعا من الاستعصاء في ترجمة مجهوده إلى أهداف حاسمة. والغريب أن الزاكي، وهو يستغني عن العربي بهذه الطريقة، غيره بلاعبين ليسا أكثر قيمة أو أهلية منه، فلا عبد الرزاق حمد الله ولا عاطف شحشوح، قدما شيئا يذكر، بل عجزا عن تشكيل البديل الجاهز، إلى درجة تمنينا لو استمر العربي الذي كان أكثر حركية، فالعديد من الفرص التي أضاعها برعونة، أوجدها لنفسه، كما أن تحركاته واستعداده البدني، يخلق متاعب دائمة لدفاعات الخصوم. حالة العربي ما هي إلا مثال للأخطاء التقنية الواضحة المتركبة سواء على مستوى اختيارات اللاعبين أو طريقة اللعب، والنتيجة فريق وطني لا يقدم أي إشارات اطمئنان. في شهر نونبر القادم، سيخوض «أسود الأطلس» مباراة رسمية أمام غينيا الاستوائية، ذهابها بأكادير وإيابها بباطا، وخلال هذا الموعد سنعرف ما إذا كان الزاكي سيصلح تلك الأخطاء التي أفرزتها المقابلات الإعدادية، أم أنه سيواصل إصراره على اختيارات خاطئة جملة وتفصيلا... *** الزاكي: التعادل أمام غينيا نتيجة جيدة قال بادو الزاكي مدرب المنتخب المغربي، في الندوة الصحفية التي أعقبت المباراة الودية التي جمعت المنتخب المغربي بنظيره الغيني، والتي انتهت بالتعادل هدف في كل مرمى، إنه راض على المردود العام للاعبين، مشيرا إلى أن التعادل يعتبر نتيجة جيدة وهامة، «لعبنا مباراتين ضد خصمين من العيار الثقيل في ظرف 48 ساعة، علما أن الخصم أكثر تحفيزا منا فهو عائد من الجزائر بفوز زاد عناصره ثقة، كنا الأقرب إلى الفوز من التعادل لكن الفرص كانت أقل من المباراة السابقة أمام الكوت ديفوار، لقد بدأت معالم المنتخب تظهر تدريجيا». وأوضح بأن أفضلية المنافس تمثلت كونه اعتمد على دفاع منظم وحاول اللعب على المرتدات، مشيرا بأن الفريق الوطني في الطريق الصحيح وتحدث قائلا: «منتخب غينيا اعتمد على المرتدات ومن الطبيعي أن يظهر في بعض الفترات بشكل قوي، عموما لم يكونوا أفضل منا رغم صلابة دفاعهم واعتمادهم على المرتدات لهذا ظهروا أكثر تنظيما منا». وأضاف «لعبنا مباراة في المستوى وبالرغم من أننا لم نتحصل على فرص كثيرة كالتي تحصلنا عليها أمام كوت ديفوار إلا أننا كنا الأقرب للإنتصار من التعادل، عموما هي مباراة ودية خرجت بها بعدة أمور إيجابية كما كان عليه الحال في المباراة الأولى». وعاد الزاكي ليؤكد بأن المنتخب الوطني حاول التنويع في اللعب والإعتماد على عمليات مبنية من الخلف والعمق لكن المنافس الغيني كان قويا، موضحا بأن التعادل يعتبر مهما في حد ذاته رغم أنه لم يكن يبحث عن النتيجة في مثل هذه المباراة، بقدر مايريد الوقوف على بعض الخلاصات للوقوف عليها في المباراة الرسمية المقبلة أمام غينيا الإستوائية. وقال الناخب الوطني: «كانت مباراة قوية على العموم لا أهتم كثيرا فيها للنتيجة بقدر ما أريد الخروج ببعض الملاحظات التي تنفعني عندما نلعب مباراة رسمية، أظن أن الخصم لم يكن سهلا فقد حاولنا جاهدين التنويع في طريقة اللعب إلا أنه حاول جاهدا غلق كل المنافد ،عموما لم نكن نلعب لوحدنا في المباراة». وتابع في الندوة الصحفية الذي عقده على هامش المباراة: «لعب الخصم على المرتدات الهجومية، وحاول سد المنافذ علينا عبر الضغط على حامل الكرة، نجح في بعض الفترات لخلق متاعب لنا، بدليل أن المنتخب الغيني كان السباق للتسجيل، ومع ذلك تمكننا من خلق مجموعة من الفرص، رد فعلنا كان جيدا بعد أن تلقت شباكنا هدفا، ولم نتأخر في تعديل الكفة، رغم أننا كنا الأقرب للانتصار». وركز الزاكي على برنامجه بالتأكيد أنه يسير بخطى ثابتة، مضيفا بأن هدفه هو التأهل لنهائيات كأس إفريقيا للأمم، موضحا أن المباريات الودية خلقت من أجل معرفة بعض الأمور التي يريد المدربون الوقوف عندها .