دعت الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية الحكومة إلى اعتماد المقاربة الحقوقية لقضايا اللغة والثقافة والهوية الأمازيغية وكذا الأرض والثروات، واعتبارها في صلب السياسة والتدبير الترابي، ودمج القوانين الأمازيغية الإيجابية في الترسانة التشريعية بما يضمن حقوق المواطنين والمواطنات في إطار مشروع ديمقراطي وتنموي فعلي. كما طالبت الحكومة بالتوقيف الفوري لما وصفته بمسلسل نزع الأراضي،(وتعني بها أراضي الجموع، أو ما تسميه ب «أراضي القبائل»)، وكذا وقف تحديد الملك الغابوي وتوقيف المتابعات القضائية والأحكام الصادرة في حق المدافعين عن حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، مع العمل على جبر الضرر الشخصي والجماعي للمتضررين من عمليات التحديد الإداري للأراضي. مجمل هذه المطالب أثارتها الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية في تقريرها الموازي للتقرير الدوري للحكومة المزمع مناقشته أمام لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة، خاصة ما يتعلق بإعمال بعض مقتضيات الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالتحديد إعمال الفقرة 2 من المادة 1، والمواد 2، 4، و6، وكذا البند 2 من المادة 7 من الاتفاقية سالفة الذكر. وانتقدت الفيدرالية، في تقريرها الموازي، عدم استجابة السلطات المغربية للتوصية التي وجهتها لها اللجنة الأممية أثناء مناقشة التقرير الدوري في شهر ماي من سنة 2006، والتي تخص مسارات الممارسة التشريعية ومبدأ الملاءمة، مسجلة أن قضية «حقوق الأرض في المغرب كما في باقي بلدان العالم تعد التحدي الأساسي، «لكن بالنسبة للمغرب فإن مئات من السكان الأصليين لم يتمكنوا من الحصول على الأراضي المنتزعة منهم من لدن سلطات الاستعمار الفرنسية والإسبانية، هذا مع استمرار إعمال تشريعات وضعت إبان الفترة الاستعمارية»، تقول الفيدرالية. وطالبت في هذا الصدد بإعادة النظر في هذه التشريعات، وكذا إعادة النظر في وضعية المجالات التي تم تحديدها إداريا أو تلك التي تم تحفيظها في اسم الملك الغابوي، وإعادة النظر في الإجراءات الإدارية وفي آليات التحديد والتحفيظ المعمول بها. ومن بين المخارج التي تقترحها الفيدرالية لتجاوز الأزمة التي تتسبب فيها قضية أراضي الجموع والتي كانت مثار احتجاجات السكان بعدة مناطق بالمملكة، أن يتم العمل على إقرار الشراكة الثلاثية في الأراضي والموارد والغابات يكون طرفها الأول هو الجماعة (جماعة الدوار، الجماعة السلالية، القبيلة) وطرفها الثاني هو المستثمر على أساس احترام حقوق الإنسان الفردية والجماعية وطرفها الثالث الدولة بصفتها راعية للحق والقانون. وحتى يحوز هذا الحل المقترح عناصر النجاعة والقوة، تشترط الفيدرالية ضرورة الالتزام بمجموعة من المبادئ يأتي على رأسها احترام القوانين الأمازيغية بخصوص الملكية الجماعية للأراضي والغابات والموارد وحقوق التصرف على الأراضي وغابات مجال أرڭان للقبائل والجماعات التي امتلكتها منذ القديم كما يشير إلى ذلك ظهير 1925 المستثنية لغابات أركان من مقتضيات سابقة. هذا مع العمل على مراعاة خصوصية بعض المناطق، وذلك بمراعاة الارتباط العميق بين حقوق الإنسان الفردية والجماعية والأراضي والغابات والموارد في مجال أركان واحترام الأنظمة القانونية الأمازيغية مثل نظام أڭدال تيويزي وتناست ونظام الملكية الجماعية والمعارف الثقافية الأمازيغية التي هي أساس الهوية الثقافية الأمازيغية طبقا للمادة الثامنة من الاتفاقية الدولية حول التنوع البيولوجي. وشددت في ذات الوقت بالحرص على الحفاظ على غابات أركان كمجال حيوي لحياة الإنسان على أساس حماية التنوع البيولوجي، والعمل مع جميع الأطراف المعنية من أجل تفعيل الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية المنصوص عليها في الدستور الجديد وتفعيلها في المجال الجغرافي في إطار المادة الثامنة من الاتفاقية الدولية حول التنوع البيولوجي التي صادقت عليها الحكومة المغربية. ويشار إلى أن الفيدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية سجلت عدة ملاحظات بشأن نقائص شابت التقرير الدوري الذي قدمته الحكومة، فمن جهة تأخرت الحكومة عن موعد تقديم التقرير بما يناهز الخمس سنوات حيث كان محددا له سنة 2010 كموعد ليقدم أمام اللجنة الأممية، ومن جهة ثانية اكتفت الحكومة فيه باعتماد تصريحات كأحكام قيمة غير معززة بوقائع، بل وغابت عنه المعطيات الرقمية كمؤشرات بالنسبة لعدد المواطنين والمواطنات الذين يعيشون في الفقر، كما غابت عن التقرير مؤشرات دالة على انخفاض الفقر.