يحل اليوم العالمي للتنوع البيولوجي في المغرب وباقي بلدان العالم والمنظومة الإيكولوجية العالمية تواجه تحديات كثيرة ومتنوعة تجعل قرابة مليوني نوع حيواني ونباتي مهددا بخطر الاندثار، خاصة بفعل التغيرات المناخية والتلوث الناتج عن المخلفات الصناعية، والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية ومن بينها الغابات. وبالنظر لدور الغابات المركزي في الحفاظ على التنوع البيولوجي، اختارت منظمة الأممالمتحدة "التنوع البيولوجي للغابات.. كنز الأرض الحي" شعارا للاحتفاء بهذا اليوم العالمي (22 ماي من كل سنة)، لإبراز الأهمية القصوى لصيانة هذه المنظومة الإيكولوجية التي تحتضن أهم مظاهر التنوع البيولوجي الحيواني والنباتي العالمي، وتوفر جزءا كبيرا من المواد الأولية ذات الاستعمال البشري كالأخشاب والزيوت والعطور. ولعل تزايد الأخطار المحدقة بغابات العالم، هو ما جعل الأممالمتحدة والمجتمع الدولي يختاران الغابة محورا أساسيا لتخليد اليوم العالمي للتنوع البيولوجي في إطار إعلان 2011 سنة دولية للغابات، وعيا بأن الحفاظ على الموارد الغابوية واستغلالها وفق منظور عقلاني ومستدام كفيل بمكافحة الأزمة المناخية والتخفيف من وطأة الفقر ودعم صحة الإنسان وتحسين جودة الحياة على الكوكب. ويشكل تخليد المغرب لهذا اليوم العالمي فرصة سانحة لتسليط الضوء على المكتسبات التي حققها في مجال حماية الأنظمة البيولوجية الغابوية، انطلاقا من معطى يفيد بأن تنوعه البيولوجي يصنف ثانيا على مستوى الحوض المتوسطي بعد تركيا، ولكون الغابات تكسو مساحة إجمالية تقدر ب 9 مليون هكتار (12 في المائة من مجموع ترابه). ويشمل الغطاء الغابوي في المغرب واحات النخيل بمنطقة الجنوب الشرقي وأشجار الأرز بالأطلس المتوسط، مرورا بأشجار الأركان بمنطقة سوس ماسة والصويرة والبلوط الفليني بمنطقة الغرب. ووعيا منه بالأخطار التي أضحت تتهدد الغطاء الغابوي، أعدت المملكة من خلال المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، في إطار مخططها العشري، استراتيجية واضحة المعالم تروم الحفاظ على الغطاء النباتي والموارد الحيوانية، والتي مكنت من تحديد 10 منتزهات وطنية و150 موقعا بيولوجيا إيكولوجيا. ووفق نفس الرؤية، تم إطلاق برنامج واسع النطاق للتشجير بكافة التراب الوطني، يشمل غرس 45 ألف هكتار من الأراضي الغابوية سنويا في أفق بلوغ 500 ألف هكتار، وعرفت المساحات المشجرة زيادة سنوية هامة، انتقلت معها من 10 آلاف هكتار سنويا في بداية ثمانينات القرن الماضي إلى أزيد من 33 ألف هكتار في نهاية 2006. وينطلق سعي المملكة للحفاظ على ثروتها الغابوية وفق منظور للتنمية المستدامة، من معطى يفيد بأن القطاع الغابوي يوفر نحو 10 ملايين يوم عمل في السنة بالعالم القروي، و28 ألف وظيفة بالمقاولات العاملة في المجال الغابوي، و14 ألف فرصة عمل بمجال التحويل. كما تساهم الغابة المغربية بمداخيل مالية هامة لفائدة الساكنة القروية والجماعات المحلية عن طريق الاستغلال المباشر، عبر حقوق الانتفاع (الرعي واستغلال الخشب وحطب التدفئة). ومن جهة أخرى، تشكل الغابة ثروة اقتصادية هامة بإنتاجها 600 ألف متر مكعب سنويا من خشب النشارة، وتوفيرها 30 بالمائة من حاجيات الصناعة الوطنية، و10 ملايين متر مكعب سنويا من حطب التدفئة بنسبة 18 بالمائة من الحصيلة الطاقية، إلى جانب 5ر1 مليار وحدة علفية سنويا بنسبة 17 بالمائة من حاجيات القطيع الوطني. وتنضاف لذلك منتوجات مختلفة تقدر ب 15 ألف طن من الفلين و4 آلاف طن من العسل و850 طنا من الفطريات سنويا. هكذا تتجلى الأهمية الحيوية التي تكتسيها هاته المنظومة الإيكولوجية الحساسة وكذا أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية البارزة لدى مختلف شعوب العالم، علما أن الغابات تغطي نحو 31 بالمائة من المساحة الإجمالية للكرة الأرضية وتحتضن ثلثي الأنواع الحيوانية والنباتية، إلى جانب اعتماد أزيد من 6ر1 مليار نسمة من سكان العالم في معيشتهم اليومية على الغابات.