التزام بتجديد وإعادة الاعتبار للديمقراطية المحلية نحو مقاربة جديدة وناجعة لتسيير الجماعات المحلية لم تكن الأرضية الانتخابية الوطنية التي يتقدم بها حزب التقدم والاشتراكية أمام المواطنات والمواطنين لخوض الانتخابات المحلية والجهوية اعتباطية ولا وليدة عمل مناسباتي عابر، بل هي عصارة مجهودات مشرفة وتجارب متميزة لمجموعة من الرفيقات والرفاق الذين تحملوا بشرف تدبير الشأن المحلي على صعيد بعض المدن وبعض الجماعات القروية، وأبلوا البلاء الحسن، وواكبوا بامتياز المستجدات التي جاءت بها القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية والمبادئ الجديدة للحكامة. من هذه المنطلقات، يقول عبد الأحد الفاسي الفهري، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في تصريح لبيان اليوم، وضع حزب الكتاب أرضية انتخابية وطنية تتضمن عدة أبواب، وتروم إنجاح مشروع الجهوية المتقدمة في أبعاده الحقيقية. فالمغرب بصدد إصلاح عميق ذي أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية ومؤسساتية... وبالتالي فالخطر كل الخطر، يقول عبد الأحد الفاسي الفهري، أن يتحول هذا الإصلاح العميق إلى إصلاح إداري عاد على غرار ما شهده المغرب منذ سنة 1976. بهذا الخصوص، تشدد أرضية حزب التقدم والاشتراكية التي نقدم اليوم جزءها الأول، على ضرورة إنجاح مشروع الجهوية المتقدمة الذي يقتضي، بحسب المتحدث، تنزيل جميع المبادئ والمستجدات القانونية والدستورية، والاستجابة وتوفير كل سبل وآليات الاستجابة لتعميق الديمقراطية. الجزء الأول أكد حزب التقدم والاشتراكية التزام مرشحيه لخوض الانتخابات المحلية "الجماعية والإقليمية" والجهوية، يوم رابع شتنبر المقبل، بتجديد وإعادة الاعتبار للديمقراطية المحلية وكسب ثقة المواطنين عن طريق حكامة ديمقراطية جديدة. وجاء في الأرضية الانتخابية الوطنية التي وضعها الحزب لخوض هذه الاستحقاقات، أنه "رغم التقدم المؤسساتي الذي عرفه مسار اللامركزية منذ وضع الميثاق الجماعي سنة 1976، إلا أن سلوك المواطنين اتجاه المجالس المنتخبة ظل متسما بالشك وغياب الثقة التي يتم تغذيتها بسلوكات بعض المنتخبين عديمي الضمير بتدبير تحضر فيه المحسوبية والزبونية والرشوة وغياب الشفافية". وأضافت الأرضية أن انتخابات 2015 تشكل فرصة للقطع مع هذه الممارسات وإعادة بناء الديمقراطية المحلية، وأن التخليق أصبح مطلبا مجتمعيا كبيرا لأجل إعادة بناء الديمقراطية وربح ثقة المواطنين، وهو ما سيساهم في تحقيق مشروع الجهوية. وأشارت إلى أن مرشحي الحزب يستحضرون كون الفعل الجماعي المحلي يجب أن ينصب فعليا على حياة الناس، ويلتزمون به عبر ميثاق أخلاقي مع المواطنين والمواطنات، قوامه قواعد الأخلاق والشفافية والقدرة على الاستماع والقرب، مبرزة أن هذا الميثاق لا يشكل التزاما أخلاقيا فحسب، ولكنه أيضا التزام مبني على برنامج محدد ومدقق لتجديد الحكامة المحلية، من خلال جعل مبادئ الديمقراطية التشاركية في قلب تسيير الجماعات الترابية بغية التشاور لبلورة المخططات أو البرامج بغية كشف حسابات التنفيذ. وتطرقت الأرضية إلى بلورة وتنظيم نقاش حول الميزانية المواطنة الجماعية، عبر إحداث لجن محلية على مستوى الأحياء والدواوير، ووضع آليات التشاور حول قضايا موضوعاتية أو مجموعات مستهدفة (الأطفال، الشباب، المسنون، الأشخاص ذوو الحاجيات الخاصة، العالم القروي، النقل المدرسي ...)، وكذا عبر التعاون الوثيق مع الفروع المحلية للمجالس الاستشارية المقررة في الدستور في مجالات حقوق الإنسان والمساواة والمناصفة ومناهضة كل أشكال التمييز والطفولة والشباب والنزاهة والوقاية من الرشوة. كما سيعمل مرشحات ومرشحو الحزب على بناء علاقات بين الجماعات والجمعيات على أساس معايير الشفافية والمصلحة العامة بعيدا عن مظاهر الزبونية والاستغلال السياسوي. وتعتبر الأرضية أن ضمان مشاركة المرأة في التدبير المحلي شرط أساسي لجودة التدبير والأخذ بعين الاعتبار لحقوق المرأة، وذلك من خلال الاعتماد على تقوية حضور المرأة في المجالس المنتخبة وخلق أشكال جديدة لتنظيم العمل "لاسيما على مستوى مواقيت العمل وأماكن الاجتماعات" من أجل ضمان مشاركتهن الفعلية في التدبير واتخاذ القرارات، والسهر على انتظام وديمومة عمل لجنة "تكافؤ الفرص ومقاربة النوع" بالمجالس المنتخبة، والعمل الوثيق مع الجمعيات الناشطة في مجال حقوق النساء والتنمية المحلية. وأضافت الوثيقة أن هذا الالتزام مبني أيضا على الانخراط في سياسة الشفافية والتواصل بين الجماعة والمواطنين من خلال استعمال القنوات الممكنة وإبداع وسائل جديدة من قبيل خلق نظام لتلقي ومعالجة وتتبع تظلمات المواطنين، ونشر وعرض الإنجازات المحققة من طرف الجماعة، وإحداث موقع إلكتروني ونشر جريدة جماعية بشكل منتظم، واستعمال اللغة التي يفهمها المواطنون في علاقة الجماعة بهم. وبخصوص تحسين نوعية خدمات الإدارة الجماعية، جاء في الأرضية أنه يمر عبر تحسين الاستقبال ووضع شبابيك موحدة حسب الإجراءات المطلوبة، والالتزام الصريح للإدارة على الحرص على جودة الخدمات من خلال معايير مضبوطة كآجال تنفيذ المساطر، والتواصل بخصوص هذه المساطر والإجراءات من خلال عرضها أو شرحها في الشبابيك (الإجراءات المتعلقة بالتعمير كمثال ...)، وكذا تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وتعليل القرارات الإدارية، وتطوير النظام المعلوماتي للجماعات وإمكانية الحصول أو طلب وثائق عن بعد (كالحالة المدنية)، وأخيرا الولوج إلى المرافق الإدارية بالنسبة للأشخاص محدودي الحركة. ويتطلب تجديد وإعادة الاعتبار للديمقراطية المحلية وكسب ثقة المواطنين وضع إدارة ترابية جديرة بهذا الاسم على مختلف مستويات الجماعات الترابية، وجعلها في مستوى الصلاحيات المخولة إليها، لاسيما من خلال جعل الوظيفة العمومية الجماعاتية جذابة وتحسين الوضعية المادية والمعنوية للموظفين الجماعيين، وتبني خطة للتكوين المستمر وتطوير الكفاءات والمؤهلات بغية بلوغ جودة خدمات الإدارة الجماعية، ووضع مساطر العمل والمناظيم الكفيلة بتوضيح المسؤوليات وتعزيز التقييم، والترافع من أجل لاتركيز مصالح الدولة حتى تتوفر الجماعات على مخاطبين على المستوى الترابي بصلاحيات حقيقية ووسائل ضرورية للاستجابة لحاجياتها. أما بالنسبة للرفع من مهنية التدبير المباشر للمرافق المحلية فيمر عبر تحديد معايير جودة مرتفعة، والتوفر على مخططات مديرية للمرافق المحلية بغية ضمان التكامل والتوزيع العادل للتجهيزات وذلك على مختلف مستويات التدبير المحلي، (الأقاليم، المدن الكبيرة..). وبخصوص بناء الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص على أسس جديدة، لاسيما منها ما يتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية (المرتبط بتوزيع الماء والكهرباء والتطهير وجمع النفايات والنقل وتدبير التجهيزات العمومية..)، فيتطلب السهر عند إبرام العقد، على احترام قواعد المرفق العام (المساواة، الولوجية، استمرارية المرفق)، وتقوية الخبرة والقدرة على مراقبة مدى احترام البنود التعاقدية ذات الصلة بالتسعيرات والجودة وإنجاز الاستثمارات والاعتماد هنا على يقظة المواطن. وفي معرض تناولها لإستراتيجية تعبئة الموارد الضرورية، اعتبرت الأرضية أنه يتعين على المجالس المنتخبة تبني سلوك هجومي وخلاق، والتوفر على إستراتجية جريئة لتعبئة الموارد، واللجوء إلى مصالح الدولة والتي يجب أن تقدم، في إطار مهام الدعم المنوطة بها، الوسائل التقنية والمالية والمادية والبشرية للمشاريع المقررة من قبل الجماعات الترابية عبر سلسلة من التعاقدات تفعيلا للمبدأ الدستوري "كل تحويل للاختصاصات، يجب أن يقابله تحويل للموارد". ويتعين أيضا تعبئة إمكانيات مالية للجهات ولجماعاتها عبر صناديق التأهيل الاجتماعي للجهات، وصندوق التضامن بين الجهات، واللجوء للقروض الممنوحة من قبل صندوق التجهيز الجماعي والقروض البنكية، واللجوء إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص وإحداث شركات التنمية المحلية من أجل تدبير المرافق العمومية المحلية، والنهوض بتدبير الممتلكات الجماعية على أساس إحصاء وإعادة تقويم الإتاوات المرتبطة باستغلالها واحتلالها، وإحصاء واستغلال المؤهلات الضريبية للجماعات وتحسين تحصيلها باعتبارها جبايات محلية وكذا إتاوات استغلال موارد الجهة (الاستغلاليات الغابوية، استغلال المقالع، احتلال واستعمال الملك العمومي). وشددت الأرضية أيضا على ضرورة تطوير التعاون الجماعي بين الجماعات واللجوء إليه لاسيما عندما يتعلق الأمر بمشاريع تهم جماعات متعددة في مجالات تتجاوز الإمكانيات المالية والتقنية للجماعة الواحدة، كالنقل وجمع النفايات وإنشاء أو تدبير تجهيزات مختلفة، والاستعمال الكامل لكل الوسائل وآليات التعاون اللاممركز الدولي من أجل تعبئة موارد تقنية ومالية إضافية من جهة، وتطوير المبادلات الاقتصادية والثقافية، والانخراط ضمن الشبكات العالمية ل "الحكومات المحلية"، تأكيدا لخيارات الانفتاح والتسامح التي يتميز بها المغرب من جهة ثانية.