نحاسية إيكيدر في 1500م تنقذ ماء وجه ألعاب القوى الوطنية الحصيلة أفضل من دورة موسكو، لكنها لا تلغي واقع التراجع المخيف أنقذ البطل المغربي عبد العاطي إيكيدر الحصيلة المغربية من لعنة الأصفار التي لازمتها منذ أوسكا 2007، وهى الدورة التي سبق أن فازت فيها حسناء بنحسي بفضية في مسافة 800م، ومنح المغرب ميدالية يتيمة أمس الأحد. انتظرنا حتى اليوم الأخير من منافسات الدورة الخامسة عشرة من بطولة العالم لألعاب القوى التي احتضنتها العاصمة الصينيةبكين، ليتمكن عبد العاطي إيكيدر من الظفر بنحاسية في مسابقة 1500م. فبعد صراع كبير مع كوكبة من العدائين الكينيين الذين فرضوا حصارا مغلقا على المقدمة، ظل ايكيدر يناور لفرض إيقاعه، إلا أن بادر العداء الجزائري توفيق المخلوفي باختراق الطوق الكيني وذلك بأخذ المقدمة، الشيء الذي خدم نسبيا مصلحة العداء المغربي، ومنحه فرصة الخروج من الطوق، ليتمكن من تحقيق الانطلاقة نحو المقدمة، إلا أن الأمتار الأخيرة خانته، لينهى هذا الصراع الضاري باحتلال الرتبة الثالثة، والصعود كما كان متوقعا لمنصة التتويج. بالإضافة إلى نحاسية إيكيدر، تميزت المشاركة المغربية في هذه الدورة بمجموعة من الإشراقات، خاصة على مستوى العناصر الشابة التي تعد بالعطاء مستقبلا، فالعداءة رباب العرافي ودعت ملعب "عش الطائر" أول أمس السبت بالدموع والحسرة، وهي التي بنت الكثير من الأحلام والأماني منذ أن وضعت أقدامها هذه المنشأة الرياضية الناذرة التي لا يملك أي شخص سواء اقترب منها أو دخلها، إلا أن تصيبه الدهشة والرهبة، لروعة التصميم ودقة التنفيذ وقمة الخيال والإبداع الذي منح للصين معلمة لا تقارن. وخاضت رباب مسابقة 1500م، وتمكنت من الوصول إلى المرحلة النهائية، لكنها لم توفق في تتويج مجهودها بالوصول لمنصة التتويج، فواصلت الحضور بمسافة ليست من اختصاصها ألا وهي مسابقة 800م، ومع ذلك تمكنت من تدوين اسمها ضمن لائحة العداءات القويات في هذه المسافة، التي لا هي بطويلة ولا بقصيرة، وتتطلب دقة ودهاء في طريقة العدو والتكتيك المفروض إتباعه. ودخلت رباب ابن مدينة الفوسفاط (خريبكة)، سباق هذه النهاية على أمل أن تتفوق في تحقيق الحلم، حلم التتويج الذي غاب مدة طويلة عن خزائن العاب القوى الوطنية، إلا أن الهدف كان أكبر من الإمكانيات، خصوصا بالنسبة لعداء تخوض لأول مرة بطولة عالمية، وبعد منافسة قوية دخلت رابعة وراء أبرز المرشحات، حيث احترم المنطق في هذه المسافة، وكان الفوز حليف صاحبات التجربة والحضور الدائم بالمناسبات الكبيرة. رتبة رابعة، حتى وان كانت لا تسمح بالتتويج ورفع العلم الوطني، إلا أنها مؤشر حقيقي على أن هذه العداءة قادرة على تقديم الأفضل مستقبلا، فإمكانياتها الفردية تؤهلها للعبور نحو مرحلة العطاء والتتويج، شريطة توفر التأطير الجيد والإعداد المدروس والمبني على مناهج علمية دقيقة، لا مجال فيها للصدفة والحظ، وانتظار الهدايا من الخصوم والمنافسين، فكل الدول طورت مناهج التدريب وبنيات صناعة الأبطال عندها، ومن لا يتطور فطبيعي أن يتراجع، وهذا ما حصل بالفعل لألعاب القوى بالمغرب. عموما، فإن المشاركة بدورة بكين، أفضل بكثير من دورة موسكو، والفرق بين المشاركتين، أولا نحاسية 1500م عوض الصفر، ووصول تسعة عدائين للمسابقات النهائية بدل أربعة، وبين صفر روسيا، و9 تأاهلوا في الصين، فارق كبير جدا، يعتبر في الوقت الحالي ذا أهمية خاصة، مقارنة مع واقع غير مشجع تماما، إذ اختلف الأمر حتى أصبح مجرد الوصول إلى الأدوار النهاية يمكن أن نسميه إنجازا. وكل من تهمه مصلحة هذه الرياضة، لابد وأن يطالب بضرورة إحداث تغيير عميق داخل هذه الجامعة الفاقدة للأهلية والكفاءة وروح المسؤولية، والدليل على ما نقوله هي النتائج، فمنذ خريف سنة 2006 تاريخ تحمل الجامعة الحالية المسؤولية خلفا للمكتب الذي كان يقوده أمحمد أوزال، حكم على هذه الرياضة بالخريف المبكر. *** إيكيدر: كنت أطمع في الذهب «كنت أطمع في إهداء المغرب ميدالية ذهبية. آخر شيء كنت أتوقعه أن حصل على فضية أو برونزية، لأنني كنت مرتاحا خلال السباق ووضعت خطة جيدة، لكن الأمور تغيرت في آخر 300م، حيث تم دفعي من طرف العداء الكيني. لكن -الحمد لله- في آخر 80م، قمت بتغيير الذي سمح لي بتدارك الموقف إلى درجة أنني كنت أوقع في المركز العاشر وفي آخر لحظة أجد أني في المرتبة الثالثة. اللهم ميدالية نحاسية للمغرب والعرب أو نعود خاوي الوفاض. أتمنى أن آخذ العبرة من هذا الخطإ لكي أكون في صورة جيدة بأولمبياد ريو دي جانيرو العام المقبل. كنت ألاحق العداء الجزائري. هذا الأمر خدمني. لأني كنت ألاحقه على أساس أنني في آخر 80 أو 100م أن أتجاوزه لأني كنت واثقا من تخطيه بسهولة. وعندما تجاوزته قام العداء الكيني الذي حل ثانيا بمضايقتي وداس على قدمي. والحمد لله أنني أحرزت ميدالية في آخر اللحظات. أحسست بأني سأحرز ميدالية منذ آخر 500م. قلت إن ميدالية ستكون من نصيبي. وفي 300م الأخيرة كنت أطمع في التتويج بالذهبية، إلا أن المشكل الذي حدث لي حال دون نيلي المعدن النفيس. أتمنى أن نكون حاضرين بقوة السنة القادمة في ريو دي جانيرو، وأن نعود على الأقل بثلاث أو أربع ميداليات. الحمد لله هذه البداية لأن بطولة العالم تمنحك حافزا معنويا للتحضير للأولمبياد بصورة جيدة».