تلقى مغاربة العالم الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش بارتياح كبير وذلك لأنه أصاب كبد الحقيقة حينما تحدث عن مشاكل مغاربة العالم الشائكة والمعقدة. لكن المنعرج الخطير الذي مر منه الخطاب الملكي والذي يعد العلامة الفارقة في تاريخ مغاربة العالم هو كون جلالة الملك لم يعتمد على التقارير والأخبار، وإنما اعتمد على تجربة ميدانية قادته هو شخصيا للقاء مغاربة العالم والاستماع لمشاكلهم الشخصية. إذن هذا تحول جدري في علاقة الملك بشعبه بعيدا عن المؤسسات الرسمية التي انتقدها بصريح العبارة لأنها لم تواكب المسار الذي رسمه جلالة الملك، مما يجعله يسبح وحيدا ضد التيار مع وجود بعض استثناءات. إذن فالمسار الديمقراطي التشاركي الذي يسير فيه المغرب قد أرهق المؤسسات الرسمية وعلى رأسها القنصليات التي لم تستوعب بعد هذا التوجه. وطبعا فإن هناك قناصلة شملهم الاستثناء الملكي لكي لا نبخسهم حقوقهم. لذلك كان على المؤسسة الملكية أن تتدخل لإصلاح هذا الخلل الموجود في المنظومة الرسمية عسى أن تتعظ، وإلا سيطبق بند أخر في الدستور الذي يرفق المسؤولية بالحساب ويوم الامتحان يعز المرء أو يهان. إذن يجب تفعيل هذه التعاليم بحذافيرها. وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها. فمشاكل مغاربة العالم لن تحل إلا من خلال أبنائها، شرط ألا تم التهافت على المناصب كما هو معهود من طرف أفرادها. ولاشك أن التحكيم الملكي هو الذي سيشكل الخلاص من هذه المشكلة التي تؤرق مغاربة العالم والملك على حد سواء يجب الاختيار على قواعد واضحة يختارها الملك شخصيا لا تعتمد على تقارير يمكن أن تكون عرضة للمحاباة والمصالح المتبادلة أو عن كفاءات محصورة في ميادين محددة هناك ضرورة ملحة لكفاءات كارزمية لها دراية بالعمل السياسي الذي من شأنه أن يساهم في تخفيف العبا على الدولة وعلى الملك شخصيا لان القنصليات والسفارات لا يمكنها أن تتحرك على جميع المستويات حتى وان كانت الإرادة موجودة لان المغرب مقبل على إقلاع شامل لا يجب التشويش عليه من طرف الانتهازيين والجهلة إذن جلالة الملك لم يلمح هذه المرة، وإنما صرح بالواضح الذي لا يدع مجالا للشك بان المرحلة القادمة ستكون مفصلية. أما أن نركب السفينة جميعا وإما أن ننزل منها جميعا. لكننا لن نسمح لأحد أن يخرقها. في حقيقة الأمر، الخطاب الملكي وإن تحدث عن القناصلة تصريحا فإنه تلميحا لم يستثني الحكومة ولا الوزارة لان العمل المؤسساتي لا يفصل السلطات عن بعضها ولان الرتابة التي تسير علاقة الحكومة والوزارة بمغاربة العالم تدعو للتقزز. إذن فخطاب الملك يعد الدواء الشافي لصدور مغاربة العالم وعلامة فارقة في تاريخ هؤلاء المغاربة الذين يجب عليهم استثمار الخطاب الملكي على أحسن وجه. * كاتب صحفي مهتم بشؤون الهجرة