تراجع لعجز الميزانية وارتفاع هام للاحتياطيات الدولية وتوقعات بمواصلة الإصلاحات سجلت نسبة البطالة للعام الثالث على التوالي ارتفاعا في 2014 بلغت نسبته 9.9 مقابل 9.2 في 2013 على الرغم من تقلص في معدل النشاط ب 0.3 نقطة. وأوضح بنك المغرب في تقريره السنوي برسم سنة 2014 الذي قدمه اليوم الجمعة والي بنك المغرب السيد عبد اللطيف الجواهري أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن هذا الارتفاع يأتي في سياق يتسم ببطء انتعاش الأنشطة غير الفلاحية وموسم فلاحي متوسط. وأشار التقرير إلى أن هذا الارتفاع أكثر حدة في الوسط الحضري، خاصة في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة، إذ أن حوالي 4 من كل 10 منهم عاطلون عن العمل. وأضاف أن تفاقم البطالة يعزى إلى كون صافي عدد مناصب الشغل المحدثة لم يتجاوز 21 ألف منصب، وهو ثاني أدنى مستوى تم تسجيله خلال السنوات الأربعة عشر الأخيرة بعد ألف منصب التي تم إحداثها في سنة 2012. وحسب القطاعات، فقد شهد القطاع الصناعي فقدان 37 ألف منصب، وهو الأكبر منذ سنة 2009، في حين عرف قطاع البناء والأشغال العمومية استقرارا في عدد العاملين، بعد سنتين من التراجع الملحوظ. أما قطاع الخدمات، الذي يظل أول مشغل لليد العاملة، فقد أحدث 42 ألف منصب، وهو عدد أقل بكثير من متوسط السنوات الثلاث الأخيرة، الذي بلغ 108 ألف منصب. بدوره، لم يحدث القطاع الفلاحي سوى 16 ألف منصب، عوض 58 ألف في سنة 2013، التي شهدت تحقيق محصول استثنائي من الحبوب. وأخذا في الاعتبار تنامي القيمة المضافة غير الفلاحية بنسبة 2 المائة، فقد تحسنت ، حسب التقرير، الظاهرة الإنتاجية للعمل بواقع 1.9 مقابل 1 في المائة سنة 2013. وتعتبر نسبة هذا التحسن قريبة من نسبة ارتفاع نفقات الأجور التي بلغت، بالقيمة الحقيقية، 2 في المائة في القطاع الخاص و1.6 في المائة في القطاع العام. من جهة أخرى، سجلت القروض البنكية ارتفاعا محدودا في 2014 بلغ 2.2 في المائة مقابل 3.9 في المائة في 2013 ، موضحا أن هذا الوضع يعكس على الخصوص انخفاضا بنسبة 12.5 في المائة في السلفات المالية بعد ارتفاع قوي بلغ 17.1 في المائة سنة من قبل. وتشير نتائج استقصاء بنك المغرب لدى القطاع البنكي حول شروط منح القروض إلى تسجيل تلين تدريجي في هذه الشروط خلال السنة، وتعزو البنوك هذا التوجه بالأساس إلى الآفاق الإيجابية للنشاط الاقتصادي، مدعومة ببرنامج دعم تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة الذي وضعه بنك المغرب. وقد أدى هذا التحسن، يضيف التقرير، إلى انخفاض مبالغ الضمانات المفروضة وهامش الوساطة، حيث ارتفع الطلب مقارنة بالسنة الماضية، لاسيما بفعل تحسن الطلب الصادر عن المقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، فيما استقر بالنسبة للمقاولات الكبرى. وفي ما يتعلق بفئة الأفراد، فقد بقي طلبهم على القروض تقريبا في نفس المستوى المسجل خلال سنة 2013، في سياق حالة الترقب التي يعرفها قطاع العقار. ويعكس تحسن القروض الممنوحة للقطاع غير المالي ارتفاعا بنسبة 3,8 في المائة في القروض المقدمة للقطاع الخاص مقابل 1.3 في المائة في سنة 2013، مما يبرز توقف التباطؤ الذي سجل خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كما تزايدت القروض الممنوحة للمقاولات بنسبة 3.1 في المائة مقابل انخفاض بواقع 3.5 في المائة فيما تراجعت وتيرة نمو القروض الممنوحة للأسر من 8.7 في المائة إلى 4.8 في المائة، وبالمثل ارتفعت القروض المقدمة للقطاع العمومي بنسبة 9.2 في المائة بدال من 7.6 في المائة. من جهتها، عرفت إصدارات سندات الدين الخاص في 2014 تزايدا مهما بلغت نسبته 27.5 في المائة لتصل إلى مستوى غير مسبوق ببلوغها 83 مليار درهم. وأوضح التقرير ،أنه وبتوزيع هذه التمويلات حسب جهة الإصدار، يتضح أن الشركات المالية تبقى أهم مستفيد بحصة 72 في المائة، في حين بلغت إصدارات المقاولات غير المالية 33 مليار درهم، 52 في المائة منها في السوق السندية و48 في المائة على شكل أوراق الخزينة. وأضاف التقرير أن الولوج إلى هذه السوق يبقى محصورا في المقاولات الكبرى، إذ أصدرت 46 منها سندات بين سنتي 2010 و2014 مبلغ متوسطه 983.5 مليون درهم وأدناه 40 مليون درهم. وعلى مستوى الشركات المالية، بلغت إصدارات البنوك، حسب التقرير 51,7 مليار درهم، مسجلة بذلك تراجعا بنسبة 2,6 في المائة مقارنة بسنة 2013، مشيرا إلى أن هذا التراجع، الذي قد يكون ناتجا عن تحسن وضعية بنية سيولتها ومواردها، خاصة منها الودائع التي تنامت بنسبة 6 في المائة، يشمل تدني إصدارات شهادات الإيداع بنسبة 6.6 في المائة إلى 47.5 مليار. من جهة أخرى، ارتفعت إصدارات السوق السندية من 2.3 مليار إلى 4.2 مليار، حيث عرفت بنية هذه الإصدارات في 2014 حسب الآجال، والتي تهيمن عليها الآجال القصيرة، ارتفاعا في حصة السندات المتوسطة الأمد من 14 في المائة إلى 38 في المائة، وهو مستوى قريب من متوسطه المسجل خلال سنتي 2010 و2012. أما شركات التمويل، وبعد شبه غيابها سنة 2013، بلغت إصداراتها، حسب التقرير، 8 مليار درهم، مقابل 7.8 مليار كمتوسط للفترة الممتدة بين سنتي 2010 و2012 ، مضيفا أن هذه الإصدارات همت على الخصوص الأمد المتوسط وتلك التي يطبق عليها، بالنسبة لسندات شركات التمويل، أسعار فائدة تتراوح بني 3,53 في المائة و5.05 في المائة. في المقابل، ظلت مبالغ الإصدارات السندية لهاته الشركات في مستوى ضعيف، إذ بلغت 0,46 مليار درهم. وأشار التقرير في هذا الصدد أن جاري الدين الخاص للشركات المالية ظل شبه مستقر في حدود 97.4 مليار درهم، إذ تم تعويض الإصدارات الكثيرة بتسديدات مهمة. وبخصوص الشركات غير المالية حيث عرفت إصداراتها ارتفاعا قويا لتصل إلى 23.3 مليار، شاركت فيها المقاولات الخاصة بنسبة 88 في المائة وشكلت السندات 52 في المائة من هذه الإصدارات، بسعر فائدة يتراوح بين 3.55 في المائة و6.5 في المائة، في أسواق الأصول. وارتفع المبلغ الجاري للديون الخاصة للشركات غير المالية إلى 71.8 مليار درهم، أي بنسبة 4.9 في المائة مقارنة بسنة 2013 أخذا في الاعتبار التسديدات بمقدار 10.1 مليار. من جانب آخر، أفاد بنك المغرب بأن المبلغ الجاري للاحتياطيات الدولية الصافية تزايد بنسبة 20.3 في المائة سنة 2014 ليصل إلى 181 مليار درهم، أي ما يساوي 5 أشهر و 8 أيام من واردات السلع والخدمات، مقابل 4 أشهر و 12 يوما خلال 2013 . وأوضح التقرير السنوي برسم سنة 2014 الذي قدمه والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري اليوم الجمعة أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن «هذا الارتفاع، الذي يعد الأعلى منذ 2006 ، يفسر بانخفاض ملموس في عجز الحساب الجاري وعلى الخصوص بانخفاض العجز التجاري ويعزى بدرجة أقل إلى مداخيل الهبات». وأضاف التقرير الذي يتناول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم 2014 ، أن هذا الارتفاع «يعكس أيضا الحجم الهام للتدفقات الوافدة من القروض الموجهة للمؤسسات العمومية». ويشير تحليل تطور هذه الاحتياطيات خلال السنة إلى أنها عرفت نموا شهريا مطردا بلغ 2.9 في المئة خلال النصف الأول من السنة، مع تسجيل أعلى مستوى لها في نهاية شهر يونيو وصل إلى 177.8 مليار، لاسيما على إثر الاقتراضات التي قامت بها الخزينة والمكتب الشريف للفوسفاط. وأشار التقرير إلى تراجع وتيرة نموها الشهرية خلال الفترة الممتدة ما بين يوليوز ودجنبر لتصل إلى 0.3 بالمائة في المتوسط، حيث عوضت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفاقت عجز الحساب الجاري.