في خطوة تنذر بتوتر العلاقات من جديد بين القضاة ووزارة العدل والحريات على خلفية مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، أعلن الائتلاف المغربي للجمعيات المهنية القضائية ممثلة في الودادية الحسنية للقضاة ونادي قضاة المغرب، والجمعية المغربية للنساء القاضيات والجمعية المغربية للقضاة، عن تنظيم وقفة احتجاجية زوال يوم غد الجمعة أمام محكمة النقض بالرباط باعتبار مكانتها الدستورية والقانونية والرمزية. قرار خوض هذه الوقفة للأجهزة المسيرة للجمعيات المهنية المكونة للائتلاف، والذي فرضته، حسب ما أفاد به الائتلاف، السياقات السلبية المتعلقة بمناقشة مشروعي القانونين التنظيميين، يأتي ليثير الانتباه خاصة مكونات المؤسسة التشريعية التي أحيل عليها مشروعي القانونين سالفي الذكر، لما طبع مضمونهما من ردة، تعتبر من وجهة نظر الائتلاف، انتكاسة حقيقية تضرب في العمق مسارا تراكميا من العمل والترافع والنضال من أجل إقرار سلطة قضائية مستقلة فعليا وبشكل كامل. وسجل الائتلاف بهذا الخصوص على أن مشروعي القانونين عوض أن يؤسسا لسلطة قضائية مستقلة وفق منطوق دستور 2011 ، كرسا التبعية المؤسساتية والإدارية والمالية لهذه السلطة لوزارة العدل والحريات، كما نصا على تبعية النيابة العامة لذات الوزارة. وأكدت مكونات الائتلاف من خلال مجموعة من الملاحظات التي تمت بلورتها بشأن نص مشروعي القانونين، وهي الملاحظات التي تمخضت عنها النقاشات المستفيضة التي شهدها الاجتماع، والتي تم فيها استحضار المرجعية الملكية بضفة الملك هو الضامن الأساسي لاستقلال السلطة القضائية ومقتضيات دستور 2011 الذي صوت عليه المغاربة بالإجماع، والتراكمات الإيجابية للمجتمع المدني والحقوقي المغربي، "أكدت" على عدم وجود أي مقومات لسلطة قضائية حقيقية وفعلية مستقلة وكاملة في نص مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة الموجود حاليا لدى البرلمان . كما أشار الائتلاف إلى ضعف الضمانات الفردية للقضاة وعلى رأسها إحداث هيئة قضائية إدارية عليا، وهذا الجانب سجلته أيضا وبكل موضوعية الجمعيات والمنظمات الحقوقية المغربية والأجنبية . واعتبر الائتلاف منبها الرأي العام الوطني والدولي إلى أن المشروعين في صيغتهما الحالية وفي غياب مقاربة تشاركية حقيقية عند وضعهما وعدم التجاوب مع مقترحات الائتلاف من شأنهما مخالفة روح وجوهر الدستور والمساس بحق المواطن في سلطة قضائية مستقلة وبدور القضاء في حماية الحقوق والحريات وكفالة محاكمة عادلة تكرس دولة الحق والمؤسسات ؛ باعتبار استقلال السلطة القضائية كل لا يتجزأ. هذا و دعا ائتلاف الجمعيات المهنية للقضاة جميع قضاة المملكة إلى رفع مستوى التعبئة لما تقتضيه هذه المرحلة التاريخية من وعي بحتمية الوحدة لتكريس الاستقلال الفردي والمؤسساتي، كاشفا أن الائتلاف سيخوض مجموعة من الأشكال النضالية للدفع في اتجاه إقرار قوانين تنظيمية تنسجم مع مضامين الدستور الحالي ومقتضيات الاتفاقيات الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها والتي تنص على استقلال السلطة القضائية استقلالا فعليا وليس شكليا، معلنا في هذا الصدد عن استعداده لخوض جميع الأشكال الاحتجاجية واتخاذ مجموعة من المواقف المسؤولة والضامنة لحقوق المواطنين في سلطة قضائية مستقلة.