مقهى وفندق "باليما" المتواجدان وسط العاصمة الرباط قبالة مقر البرلمان بشارع محمد الخامس يمثلان إحدى معالم الرباط الأساسية منذ عقود طويلة. ليس فقط المغاربة زوار العاصمة هم من تعتبر "باليما" محطة مركزية في جولتهم بشارع محمد الخامس لارتشاف مشروب تحت ظلال أشجارها، وإنما هناك عشرات الشخصيات الأجنبية / كتاب ومثقفين وفنانين وصحفيين وديبلوماسيين وسياسيين ووزراء / زاروا المكان، ومنهم من كتب عنه أو نشر صورا عن مروره به... "باليما" عنوان يتبادله كل الذين يتفقون على اللقاء بعاصمة المملكة، من داخل البلاد أو من الخارج... "باليما" هذه، مهددة اليوم بأن تفقد جزءا من هذا البهاء... الشركة المالكة لها، وهي شركة "باليما العقارية"، كسبت معركة قضائية لإفراغ "الشركة الفندقية لشمال إفريقيا" التي تتولى تدبير الفندق والمقهى، وتقول مصادر قريبة من الشركة المالكة بأن القرار القضائي بالإفراغ من المقرر تنفيذه يوم ثاني يوليوز القادم، وبأنه بعد ذلك سيتم إغلاق هذه المعلمة البارزة وسط الرباط من أجل إعادة البناء والصيانة والإصلاح، وسيستمر الإغلاق عامين كاملين، قبل أن يتحول المكان إلى فندق فخم ومجمع كبير. من حق أصحاب المحل، وهم معززون بحكم قضائي، فعل ما يشاؤون بملكيتهم، فهذا حقهم على كل حال، رغم أن الرباط وسياحها وزوارها سيخسرون معلمة لافتة بعاصمة المملكة، وسيفقد شارع محمد الخامس طيلة حولين كاملين فضاء للترويح واللقاء من مستوى جمالية وألفة "باليما"، ولكن ليس من حق أحد إطلاقا التضحية بعشرات العاملات والعمال التابعين للشركة المدبرة للمؤسسة. من ضمن هؤلاء المساكين من قضى أزيد من ثلاثين سنة يعمل في "باليما"، ومنهم من يسعى اليوم للاستفادة من قرض بنكي لاقتناء منزل له ولأسرته، ورغم ذلك ينزل عليهم الخبر/ الصاعقة، ويصدمون لكون مشغلهم يريد التخلص منهم برميهم للشارع عراة وحفاة وبدون أي تعويض. شركة "باليما" ربما عوضت شركة شمال إفريقيا بملايين عديدة من أجل الإفراغ، وهذه الأخيرة لا تريد أن تعرف أنها ملزمة بتعويض عمالها الذين سيتم تشريدهم، وعكس ذلك يريد مالكوها الاستحواذ على مبلغ التعويض كله وترك الجمل بما حمل. وتجدر الإشارة إلى أن مندوبية التشغيل قد أشرفت على عديد جلسات حوار وتفاوض بين المشغل وممثلي العمال، لكن الباطرون كان يبدي عنادا غريبا ومتحجرا تجاه تطبيق القوانين الجاري بها العمل. عمال "باليما" مصرون على الدفاع عن حقوقهم الطبيعية والمشروعة والتي يكفلها لهم قانون المملكة، ويوم الخميس الماضي حملوا شارة الاحتجاج، وهم عازمون على تصعيد الأشكال النضالية دفاعا عن كرامتهم. من واجب السلطات المركزية ذات الصلة التدخل لإجبار المشغل على إنصاف عماله وتسوية حقوقهم كاملة.