انتقد الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام إصرار وزارة العدل والحريات على الإبقاء على الإعدام ضمن مسودة القانون الجنائي الذي يناقش حاليا، وعدم استحضارها للتطورات التي عرفها المغرب بإطلاقه لمسار الإنصاف والمصالحة وما تمخض عنه من توصيات تنتصر للحق في الحياة وإلغاء الإعدام، وإقرار إصلاحات تشريعية والاتزام بمقتضيات الاتفاقيات الدولية، واعتماد دستور شكل وثيقة حقوقية بامتياز تنص على الحق في الحياة. واعتبر النقيب عبد الرحيم الجامعي منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، في ندوة صحفية مشتركة مع شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، والتي أدارها الكاتب العام للائتلاف مصطفى الزنايدي، بمقر نادي المحامين بالرباط، إقرار قانون جنائي جديد مبادرة مهمة، لكن الإبقاء على عقوبة الإعدام يبرز عدم التفاعل مع النقاش ومع التوجه المتواتر في العالم نحو الإلغاء. واستغرب عبد الرحيم الجامعي، خلال هذه الندوة الصحفية التي شاركت فيها مكونات الائتلاف، من النفحة الشرعية التي طبعت نص مسودة القانون الجنائي، مبرزا أن الاستغناء عن عقوبة الإعدام في القانون الجنائي ليس فيه مساس بالنص المقدس ولا تعطيل للكليات، على اعتبار أن النص القرآني نفسه يحترم العقل ويشجع على الاجتهاد. واعتبر الجامعي أن إبقاء المسودة على الإعدام يبرز الأبعاد السياسية التي تحكمت في صياغتها، والتي يوضحها بشكل جلي التنصيص عليها كعقوبة في الجرائم ذات الطابع السياسي أو ذات خلفية سياسية، مسجلا ،في هذا الصدد، تضمين المسودة عقوبات الإعدام التي تم الحكم بها في فترة سنوات الرصاص ونفذ العديد منها، ومضيفا أن الائتلاف والشبكة يعتبران أن التفكير في تغيير أو ضع قانون جديد في المجال الجنائي مبادرة مهمة، لكن الاحتفاظ بعقوبة الإعدام في نص المسودة يؤدي إلى القول بأن الإصلاح الذي عرفه القانون الجنائي لا يشكل تحولا حقيقيا في السياسية الجنائية. هذا وربط النقيب إبقاء المشرع على الإعدام بالخلفية الأمنية التي تحكمت في المسودة، والتي تظهر أن الأمر يرتبط بخيار أمني استباقي تكون فيه المؤسسة الأمنية المرجع القوي. هذا، وفي رده على سؤال لجريدة بيان اليوم حول تصريح وزير العدل الذي لوح بالرجوع للشارع وإجراء استفتاء بشأن الحسم في أمر الإبقاء على عقوبة الإعدام أو إلغائها، قال عبد الله مسداد الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون عضو الائتلاف، "إن مسألة الرأي العام والعودة للمجتمع متجاوزة ومردود عليها على اعتبار أن الرأي العام غير مستقر ويتغير حسب الأوضاع وموازين القوى، كما أنه لا يتوفر على كامل المعطيات التي تمكنه من بناء موقف قار وواضح ". وأضاف مسداد أن موضوع عقوبة الإعدام يرتبط بحقوق الإنسان التي تنباها المغرب وأقرها ولا يمكن التراجع عنها تحت داع من الدواعي". في هذا السياق، أبرز المحامي محمد أحداف عضو شبكة المحامين والمحاميات من أجل إلغاء الإعدام، "أن الداعين إلى إلغاء الإعدام ينطلقون من كون المغرب دولة مدنية، وأن التعبيرات عن الرأي تتم عبر الأحزاب السياسية والنقابات وغيرها من الهيئات التي تنقل تعبيرات الشارع، والتي تفاعلت مع ما جاءت به مسدوة القانون الجنائي من خلال ما صرح به العديد من القضاة والفاعلين الحقوقيين والذين خالفوا، في غالبيتهم، ما تضمنته المسودة. ويرى مسعود بوعيش عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عضو الائتلاف، أن أفضل رد على الداعين إلى إجراء الاستفتاء بنماذج مقاربة لبلدان ديمقراطية مثل فرنسا، والتي تم فيها إلغاء الإعدام بقرار من رئيس الدولة وليس بناء على رأي المجتمع.