فنانة مناضلة من الأوائل الذين رفعوا مشعل فن الركح تم، بعد صلاة عصر أول أمس الخميس بالرباط، تشييع جثمان الممثلة المسرحية فاطمة بنمزيان، التي لبت داعي ربها صباح اليوم نفسه، عن سن تناهز 71 سنة، بعد صراع طويل مع المرض. وبعد صلاتي العصر والجنازة بمسجد الشهداء بالرباط، نقل جثمان الراحلة إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء حيث ووري الثرى، في موكب جنائزي مهيب حضره، على الخصوص، أفراد أسرة الفقيدة، ووزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، وعدد من الفنانين والممثلين، وشخصيات أخرى تنتمي إلى عالم الثقافة والفكر، وجمهور من عشاق ومحبي الفنانة الراحلة، وأقارب وزملاء وأصدقاء الراحلة ورفاقها في مسيرتها الفنية الحافلة. وتوجه الحاضرون، بهذه المناسبة الأليمة، التي تليت فيها آيات بينات من الذكر الحكيم، إلى الله العلي القدير بأن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته التي لا تقاس، وأن يشملها بمغفرته ورضوانه، وأن يجعل مثواها فسيح جنانه، وأن يثيبها الجزاء الأوفى عما أسدت لوطنها في المجال الفني من خدمات جليلة ومن إسهام قوي في ريبرتوار المسرح والتمثيل وكذا في تكوين أجيال متعاقبة من الممثلين ورواد الخشبة. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة، إن الوسط الفني المغربي عامة والمسرحي خاصة فقد برحيل الفنانة المقتدرة فاطمة بنمزيان أحد أعلامه وأسمائه الكبرى، مذكرا بأنها انخرطت مبكرا في العمل الفني عبر مختلف المنابر من مسرح وإذاعة وتلفزيون وسينما، واشتغلت وتألقت ضمن الرعيل الأول المؤسس للحركة الدرامية الوطنية. وقال محمد بن حساين، مدير المسرح الوطني محمد الخامس، إن المسرح المغربي بكل تلاوينه يفقد برحيل الفنانة بنمزيان أحد أسمائه البارزة، فنانة مناضلة كانت من الأوائل الذين أثثوا المشهد الفني المسرحي الوطني، ورفعوا مشعل فن الركح. من جهته، قال رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، مسعود بوحسين، إن الفنانة الراحلة كانت من بين الفنانات الرائدات في المجال المسرحي، والتمثيل الإذاعي والدرامي بصفة عامة، إنسانة خلوقة حنونة ومحبة للمجال الفني، وتميزت بعلاقاتها الإنسانية الطيبة وبحرصها الكبير على التلاحم بين الفنانين، معتبرا أن فقدانها ليس فقط فقدان فنانة كبيرة ولكن هو كذلك فقدان لإنسانة ومناضلة في المجال الفني. وقال الممثل عزيز موهوب، وعلامات التأثر بادية على محياه، إن الراحلة تركت رصيدا زاخرا في مجال التمثيل والتشخيص والتأليف، فقد كانت فنانة كبيرة ذات حضور وازن، مجتهدة ودؤوبة في عملها، وأختا ناصحة ومربية فنية موجهة. وغلبت الدموع كلمات الممثل والمخرج أنور الجندي، نجل الفقيدة، الذي، وبعد أن أعرب، باسم كافة أفراد أسرة الراحلة، عن عميق الامتنان لما أحاط به جلالة الملك محمد السادس الفقيدة من رعاية مولوية طيلة فترة مرضها، أكد أنه يفقد برحيل الممثلة فاطمة بنمزيان الأم والفنانة، التي اجتمع فيها ما تفرق في غيرها، بما تحلت به من دماثة أخلاق وكفاح وتضحية ومن نضال فني. وفي تجليات الوفاء أعرب الابن أنور عن أمله في أن يظل اسم الحاجة فاطمة بنمزيان منقوشا في أذهان الأجيال الناشئة، وأن يتم تأسيس مؤسسة مسرحية تحمل اسم الراحلة عرفانا بما قدمته، ومن بين ذلك مساهمتها في تأسيس فرقة "فنون" التي ستحتفل هذه السنة في غيابها بالذكرى الحادية والثلاثين لإنشائها. وبدوره تضرع الفنان الممثل بنعبد الله الجندي إلى الله العلي القدير بأن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته، مكبرا ما قدمته الفنانة الراحلة من عطاء ثر في مجال التمثيل والمشاركة في التأليف، علاوة على تمكنها كممثلة قوية من تشخيص كل الأدوار التي أنيطت بها سواء فوق الخشبة أو وراء المذياع أو في التلفزيون. وتعتبر الراحلة فاطنة بنمزيان واحدة من رائدات المسرح المغربي وفنانة مناضلة آمنت دائما برسالة العمل المسرحي. برز عطاؤها الفني في عدة محطات خاصة مع فرقة مسرح "فنون" حيث قدمت في إطار هذه الفرقة مجموعة من الأعمال التي حققت نجاحا كبيرا داخل المغرب وخارجه. كما كانت للراحلة دور تأسيسي في مجال التمثيل الإذاعي الذي بدأته مبكرا. وارتبط اسم فاطمة بنمزيان، التي ولدت بمدينة مراكش، بالممثل محمد حسن الجندي، الذي تزوجته ورزقت منه بأربعة أبناء. وانتقلت الراحلة بعد زواجها بالممثل حسن الجندي من مدينة مراكش إلى الرباط للاشتغال في فرقة التمثيل العربي التابعة آنذاك لدار الإذاعة والتلفزة المغربية تحت إشراف الأستاذ عبد الله شقرون. وقدمت الراحلة العديد من المسلسلات الإذاعية الاجتماعية والدينية والتاريخية والوطنية، من بينها "العنترية" و"مدينة الكنوز" و"نهار الخميس" و"الهاربة" و"خالد بن الوليد" و"ابن سينا". وإلى جانب أعمال الفنانة بنمزيان الإذاعية كان عبورها في التلفزيون لافتا من خلال مجموعة من الأعمال من ضمنها الشريط التلفزيوني "ولد مو" الذي حازت فيه على جائزة أحسن ممثلة في إحدى المهرجانات بتونس، وتقاسمت بطولته مع الفنان عبد الله فركوس تحت إدارة المخرج داوود أولاد السيد. وجسدت الراحلة عدة أعمال منها "الحادثة" و"الجهاد الأكبر" و"رضى الله" و"الوفاء" و"زوليخة".