استهدف المشرع المغربي من وراء تبني نظام وحدة المدينة تجاوز الإطار التقليدي الذي كان يحد عمل المجلس الجماعي، إذ سعى هذا النظام إلى تحقيق بعض الأهداف التي نجد منها على وجه الخصوص إقرار تدبير عقلاني للموارد المالية والبشرية لوحدة المدينة بغية تحقيق مبادئ الحكامة المحلية، بالإضافة إلى تحقيق حاجيات القرب، حيث أنه على مستوى الممارسة أصابت هذه الأهداف اختلالات كثيرة. فعلى سبيل المثال، نذكر مبدأ الموقع الجغرافي لكل مدينة على حدة، فحجم المشاريع المنجزة في الدارالبيضاء لا يمكن قياسها مقارنة مع انجازات مدينة كفاس أو مكناس. أما الاختلالات العامة، فيمكن حصرها على سبيل المثال في الجوانب التالية كوجود خروقات في التسيير والتدبير لدى بعض المجالس، والتي كشفت عنها بوضوح تقارير المجلس الأعلى للحسابات منذ تقرير سنة 2007، وتزايد الفوارق الاقتصادية والاجتماعية داخل المدينة نفسها في إطار ما يعرف بتأثير نظرية المركز والمحيط، وضعف التناسق الحضري، وغياب تصور شمولي ومنسجم للتسيير والتدبير، إلى جانب غياب ملحوظ للتدبير الاستراتيجي التشاركي، كما أظهرت الممارسة محدودية المعايير المعتمدة في مراقبة وتتبع أنظمة التدبير المفوض ومحدودية في تدبير النظام الجبائي لهذه المجالس. وفي سياق متصل سبق ل ''بيان اليوم'' أن تطرقت إلى ملف المحاكمة الرمزية لمجلس مدينة الدارالبيضاء، وطالبت بتقديم التوضيحات والحصيلة اعتمادا على معطيات وأرقام تهم تدبير عدة مجالات داخل هذه المدينة، حيث توجد بالأخيرة أراضي تقدر مساحتها ب 60 هكتار. وذكرت مصادر مسؤولة ل ''بيان اليوم'' أنه هناك أراضي داخل المدينة البيضاوية تم نزع ملكيتها بدعوى المصلحة العامة لكنها استغلت في طرق أخرى بعيدا عن الشأن العام، بالإضافة إلى أراضي وممتلكات أخرى تعود لمعمرين "هبات"، وهنا نتساءل عن مصيرها ووضعيتها الحالية ومن المستفيد منها...؟ بعد الاستقلال ترك المواطن السويسري المسمى ''إيرو'' واحد من عموم الأغنياء آنذاك، مجموعة من الأراضي والممتلكات داخل المغرب وخارجه "فرنسا"، من المسؤول عن استغلالها حاليا، وكيف تمت عمليات التفويت خارج المساطر الإدارية والقانونية المعروفة في هذا السياق؟، الأمر هنا لا يخص الفترة السابقة "المجموعة الحضرية" بل منذ نشأة وحدة مدينة الدارالبيضاء ذات الصفة القانونية شهر يوليوز 2003 إبان الانتخابات، حيث كان من المفروض على الأخيرة تحفيظ هذه الممتلكات من أجل استغلالها بعد أن أصبحت هي المسؤولة الوحيدة عن تدبير وتسيير جميع الأراضي والعقارات المتعلقة بالمدينة الاقتصادية. ويدعي مجلس مدينة الدارالبيضاء عدم وجود عقارات، حيث يتم شراء البعض منها بأثمنة جد مرتفعة، الأمر الذي يستدعي طرح السؤال التالي : من المستفيد من العقارات الحقيقية لمدينة الدارالبيضاء؟. وفي إطار التحريات التي باشرتها بيان اليوم حول مصير مجموعة من الأراضي المستغلة من طرف عدة أشخاص اتضح بالملموس أن هناك أراضي بالقرب من مقبرة الشهداء تنشط فيها محلات تجارية مختلفة كالخشب والرخام... وبالقرب من سوق درب غلف "الجوطية"، وأخرى بعين السبع على الطريق الساحلية التي صارت موقفا للشاحنات. الغريب في الأمر هو أن مسؤولي مجلس مدينة الدارالبيضاء يشتكون من قلة الإمكانيات المادية في غالب الأحيان، في حين أن هناك أراض لو تم تحفيظها أو بيعها أو استغلالها في فضاءات ترفيهية، أو دارا للعجزة، لعادت بالنفع البيضاويين.