"حنا خاوة ماشي عداوة..." أغنية جزائرية شهيرة تحولت مع مرور الأيام إلى مرادف للمباريات الرياضية بين الدول المغاربية أو العربية بصفة عامة، بحمولتها الأخوية وعمقها الإنساني الراقي. هذا المضمون لم يكن حاضرا في ذهنية وسلوك مسؤولي فريق سطيف ورجال الأمن الجزائري، بمناسبة لقاء الإياب بين فريق الوفاق والرجاء المغربي برسم ثمن نهاية كأس عصبة الأبطال الأفريقية. هذا اللقاء الرياضي العادي والذي يجمع بين فريقين ينتميان لشعبين عربيين شقيقين جارين، تحول إلى ساحة للسب والشتم والاعتداءات وتصفية الحسابات، وهو سلوك يحمل الكثير من الصور المشينة لمجموعة من الحاقدين الذين يستغلون المناسبات الرياضية لزرع الفتنة وإثارة النعرات والخلافات الهامشية. فقد اعتقد مسؤولو الوفاق أن الأجواء المضطربة التي أصروا على أن يحيطوا بها المباراة، ستقودهم إلى انتصار سهل، لكن العكس هو الذي حصل، إذ كان من الممكن جدا أن تأتي بنتائج عكسية لولا ضربات الحظ التي ابتسمت لهم في الأخير، بعدما ساهمت أجواء الضغط في شحن همم لاعبي الرجاء وحولتهم في الجولة الثانية إلى أسود حقيقيين، تحدوا كل الظروف ودافعوا ببسالة عن حظوظهم إلى آخر ثانية، مكذبين كل التكهنات التي كان تتوقع تأهيلا سهلا للوفاق. كنا نعرف أن اللقاء سيكون مثيرا، قويا صعبا على الطرفين، كما سلمنا مسبقا بأن الإثارة ستصل إلى مداها، نظرا لحساسية اللقاء وطابعه الإقصائي، لكن لم نكن نتوقع أن يصل الأمر إلى تحويل الموعد إلى فضاء يطغى عليه الاحتقان، وخاصة من الجانب الفريق الجزائري ورئيسه "حمار"، الذي يبدو من خلال طريقة تحركاته ومكان تواجده أنه أعد العدة لتحويل اللقاء من مباراة رياضية إلى مواجهة ثأرية مفتوحة على كل المواجهات. تواجد رئيس وفاق سطيف داخل رقعة الملعب، وهو ما يحرمه القانون، خلق منذ البداية أجواء من التوتر، وتبين أن الشغل الشاغل لهذا " حمار " كان هو التحرش بلاعبي الفريق المغربي ومحاولة التأثير على طاقم التحكيم التونسي بقيادة الحكم سعيد الكردي، الذي أعلن بكثير من الشجاعة والجرأة عن ضربة جزاء مستحقة وفي الوقت الميت منحت التعادل للرجاء، وكان من الممكن أن تكون عاملا مخفزا لأصدقاء الحارس المغربي خالد العسكري، إلا أن انتهاء الوقت القانوني كان بردا وسلاما على الفريق المضيف. تحية للجمهور الجزائري الذي كان راقيا في تعامله، ولم يساير رئيس فريقه في تهوره، بل زكى بطريقة تشجيعه الحضارية عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين المغربي والجزائري، كما نوجه بالمناسبة تحية للاعبي والطاقم التقني لوفاق سطيف الذين أبانوا عن روح رياضية عالية، ونقدم لهم بالمناسبة التهنئة بعد تأهيلهم المستحق. وإذا كان "حمار" قد حقق مبتغاه بتحقيق التأهيل على حساب الرجاء، إلا أنه بالمقابل خسر الكثير من الأشياء، خسر السمعة وخسر القيمة، وأعطى مثالا سيئا عن التسيير الرياضي، وتحول إلى اسم مرفوض ليس فقط على المستوى المغربي، بل حتى المستوى الجزائري والعربي والأفريقي. كما أن الأمن الجزائري بتعامله بقسوة مع الجمهور المغربي والوفد الإعلامي المرافق، كرس اتجاه اللوبي المعادي للمغرب داخل نظام الحكم بالجزائر، وهو سلوك ترفضه كل القيم والأعراف، ويقتضي التدخل على أعلى مستوى لإعادة الاعتبار لكل الذين أهينوا وضربوا وشتموا ونكل بهم من طرف أصحاب البذلة الرسمية للداخلية الجزائرية، لا لشيء إلا لأنهم مغاربة أحرار... الرياضة فعل إنساني راق، ووسيلة للرقي في التعامل، ووسيلة لتجاوز الخلافات والنزاعات وتصفية الحسابات، وعلى هذا الأساس يجب أن تبقى الرياضة بعيدة عن الحسابات الضيقة لزمرة من مرضى النفوس...