سنوات مضت على رحيل مؤسس هذه الصحيفة، الزعيم الوطني والتقدمي علي يعته، وأمس الجمعة تحلق رفاقه حول قبره داعين له بالرحمة والرضوان بمناسبة مرور 13 سنة على فقدانه. وإن لم يكن المقام ولا طبيعة الرجل يسمحان بتحويل المناسبة إلى تدبيج المدائح والمبالغات، فإن علي يعته أو سي علي، كما كان الكل يناديه، يعتبر عن حق علامة متميزة من علامات النضال الوطني والديمقراطي في تاريخ بلادنا، فضلا على أنه واحدا من كبار مهنة الصحافة وأحد راسمي مسارها لسنوات طويلة. الراحل تميز، في حياته، بتفرد كان واضحا في شخصيته كبرلماني أو كمدير صحيفة أو كزعيم حزب، وكان التفرد يتجلى في كل خطوة أو إشارة أو لمحة أو رأي... يذكر المغاربة إلى الآن أسلوب سي علي في الخطابة وفي إعداد تدخلاته بالبرلمان، وفصاحة التعبير لديه... يسجل المتابعون للحياة السياسية المغربية العديد من المحطات في تاريخ البلاد وفي مسار الرجل، ويذكرون تفرده وتفرد مواقف حزبه إن بشأن قضية الوحدة الترابية أو بشأن العملية الديمقراطية أو بشأن غزو العراق للكويت مثلا، والكثيرون اليوم يستحضرون حكمة آرائه وبعد نظره، وبالتالي حاجة بلادنا اليوم إلى شخصيات من عيار علي يعته لنعيد للسياسة ديناميتها والكثير من النبل الذي افتقدته. في مهنتنا، نتذكر كل يوم الرفيق المؤسس ونستحضر مساره، وبعض زملائنا في هيئة التحرير الذين عاشروه وعملوا تحت إمرته يسردون باستمرار العديد من الحكايات والوقائع والذكريات، ما يجعل روحه حاضرة أبدا بيننا، وبجديته المهنية نقتدي كل صباح... عندما تتسيد الرداءة في مهنتنا نتذكر أمثال علي يعته، ونلوذ نحن بأفكار المؤسس وبقيمه وبجديته المهنية والأخلاقية. عندما لا يعود سوى صوت الصغار يعلو بداخل هذه المهنة، نضع أيادينا على قلوبنا خوفا على بلادنا التي تفتقد اليوم إلى كثير من كبار الصحافة من حجم علي يعته.. وعندما تتعدد الاختلالات في مشهدنا البرلماني، ويتفاقم الضعف، حتى الخصوم السياسيون يذكرون علي يعته لما كان لوحده يمثل فريقا نيابيا قائم الذات، ويستحضرون كفاءته السياسية والبرلمانية، والتزامه المستمر بالحضور الفاعل داخل المؤسسة التشريعية. في ذكرى الرحيل، يحضر الراحل في ذاكرة المغرب وفي قلوبنا وبين زوايا المكان... نستحضر سي علي، ويحضر فينا عبر الأفكار والقيم والأخلاقيات ومن خلال الانخراط الواضح في معركة التحديث والديمقراطية والتقدم، وفي الدفاع عن المهنة وعن أخلاقياتها وعن جدية ممارستها.