الخلية الإرهابية كانت تعتمد أسلوب السطو والسرقة لجمع التمويل لمخططاتها التخريبية لم تكن السلطات الأمنية تتوقع أن يسفر اعتقال المتورط في قضية سرقة إلى تفكيك خلية إرهابية مكونة من 18 عنصرا كانوا يستعدون لارتكاب عمليات إرهابية، من بينهم 3 عناصر سبق أن حوكموا وأدينوا في السابق ضمن خلايا إرهابية مماثلة. وكانت الصدفة وحدها هي التي قادت إلى تفكيك الخلية الإرهابية التي وصلت مرحلة متقدمة من تنفيذ مخططاتها الإرهابية، وكانت قاب قوسين أو أدنى من تحويل البلاد إلى حمام دم لولا الألطاف الإلهية. وحسب بلاغ لوزارة الداخلية صدر زوال يوم الأربعاء الماضي، فإن السلطات الأمنية تمكنت من إجهاض مخطط إرهابي كان يستهدف مصالح حيوية، أجنبية ووطنية، وأنه تم اعتقال أفراد الخلية التي كانت تخطط لتنفيذ هجومات على مراكز أمنية ورجال الشرطة للاستيلاء على الأسلحة والذخيرة لاستعمالها في الهجمات التي كانت تعتزم القيام بها. وبدأت خيوط الخلية تنكشف عن طريق الصدفة، عندما تلقت مصالح الأمن بمدينة طنجة شكاية بشأن عملية سرقة استهدفت مقر سكنى أحد الدبلوماسيين الأفارقة بالمدينة، والتي أسفرت عن الاستيلاء عن أموال ومجوهرات وحلي تعود ملكيتها للرجل. كما استولى اللص أو اللصوص الذين نفذوا العملية على سيارة كانت متواجدة بمرآب المسكن. وتحركت عناصر الشرطة القضائية بالمدينة وكثفت من تحرياتها لتحديد هوية الشخص أو الأشخاص الذين قاموا بالعملية لوضع يدها عليهم واعتقالهم. وتوصلت عناصر الأمن من تحديد هوية المتورط في عملية السرقة، والذي لم يكن سوى أحد الأشخاص المعروف لديها بسوابقه الإجرامية. ولم تمض سوى أيام معدودة حتى تمكنت الشرطة القضائية بطنجة من إيقاف المشتبه في ارتكابه لعملية السطو تلك. وأثناء التحقيق معه كان بحث موازي لمعرفة ارتباطات ذلك الشخص وعلاقاته، ومن غريب الصدف أن البحث الموازي كشف عن أن لديه صلات بأوساط متطرفة كانوا يجتمعون بأحد الدكاكين في مدينة طنجة لوضع اللمسات الأخيرة على مخططاتهم الإرهابية. نفس البحث كشف أن المعني بالأمر، المتحدر من أحد الأحياء الفقيرة بالمدينة، كان بصدد البحث عن مواد متفجرة مثل التي تستعمل في حفر الآبار، زاعما أنه يشتغل في هذا الميدان. وكان التحقيق مع المتهم منصبا في البداية حول عملية السرقة، وعمليات مماثلة كانت مدينة طنجة مسرحا لها. وفجأة بدا أن المعني بالأمر له صلة بالعديد منها، بهدف تمويل أنشطة إرهابية، ليتحول البحث فيما بعد من السرقة والسطو إلى بحث حول شبكة إرهابية خطيرة كانت تسعى لتنفيذ عمليات إرهابية، واختارت أسلوب السطو لتمويل مخططاتها. وأحيل المتهم إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي باشرت التحقيق معه حول ما صرح به أثناء البحث التمهيدي معه أمام الضابطة القضائية بطنجة. وقادت التحريات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى تفكيك الخلية الإرهابية واعتقال الأشخاص الثمانية عشر من أعضائها. وتبين من خلال التحريات والأبحاث أن الخلية كانت تستهدف رجال أمن ومراكز للشرطة للاستيلاء على الأسلحة والذخيرة لتنفيذ عملياتها، وكانت تعتمد على السطو والسرقة لتمويل مخططاتها الإرهابية. وكشفت التحريات أن أفراد الخلية كانوا يلتقون بعد صلاة الفجر من كل يوم ليتوجهوا إلى إحدى الغابات القريبة من مدينة طنجة لتلقي التدريبات العسكرية والرياضية، يشرف عليها ثلاثة أشخاص سبق أن أدينوا في ملفات سابقة أمام العدالة وأفرج عنهم بعد قضاء المدة المحكوم عليهم أو بعد استفادتهم من العفو الملكي. وبينت التحريات التي قامت بها المصالح الأمنية عن تشعبات كبيرة في علاقات أفراد الخلية، سواء مع أوساط متطرفة خارجية، أو مع شبكات لسرقة السيارات وتهريبها، أو بعصابات مختصة في سرقة الإقامات الفاخرة، أو بشبكات تهريب المخدرات كل ذلك من أجل إيجاد التمويل الضروري للمخططات التخريبية التي كانت تعتزم القيام بها. وكان أفراد الخلية يقيمون معسكرات تدريب في المناطق المتاخمة لمدينة طنجة للتمرين على العمليات العسكرية والهجوم بالأسلحة والمتفجرات، وقاموا بصنع المتفجرات وتجريبها في عملية ناجحة من خلال صنع صواعق تقليدية. واعتمدت الخلية أيضا على أسلوب المراقبة الميدانية للأهداف المحددة وتجميع كل المعطيات والمعلومات التي يتم تجميعها من طرف أفراد من أعضائها مهمتهم الوحيدة والمحددة هي مراقبة تلك الأهداف وتدوين كل الملاحظات وخلاصات عمليات المراقبة. وتمكنت الشرطة القضائية من حجز كميات من المتفجرات ومواد أخرى تستعمل في صناعتها، ووثائق ومنشورات حول كيفية صنعها. كما استطاعت وضع يدها على ما تبقى من المسروقات التي قامت بالاستيلاء عيلها في عمليات مختلفة. وبالإضافة إلى ذلك تمكنت الشرطة القضائية من حجز تصاميم وخرائط ميدانية للمواقع المستهدفة، وهي ثكنات أمنية وعسكرية، وعليها معلومات وخلاصات حول أعمال المراقبة الميدانية لتسهيل مهاجمتها والاستيلاء على الأسلحة والذخيرة منها. وكشفت التحريات الأولية أن متزعمي الخلية لهم ارتباطات بأوساط متطرفة بالخارج، خصوصا «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، وكانوا يعتزمون إرسال العديد من الشبان لتلقي تدريبات في معسكراتها بالصحراء الجزائرية أو بمالي استعدادا لاعتمادهم كمقاتلين متمرسين في العمليات الحربية، أو الاعتماد عليهم في عمليات خطف الرهائن، مثلما يقوم به عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وبالتالي مطالبة ذويهم وأهلهم بدفع الفدية مقابل إطلاق سراحهم، كأسلوب للحصول على التمويل الكافي لمخططاتهم التخريبية. وكانت وزارة الداخلية أعلنت، في بلاغ لها يوم الأربعاء الماضي، عن تفكيك الخلية الإرهابية، دون تحديد مكان وزمان ذلك. واكتفى البلاغ بالقول إن ثلاثة من أفراد الخلية الجديدة سبق اعتقالهم وإدانتهم في قضايا مكافحة الإرهاب. وأضاف البلاغ أن هذه الخلية ذات الارتباطات المتشعبة كانت تخطط لتنفيذ عملياتها بالعديد من المدن تستهدف بعض المصالح الأجنبية ومنشآت مدنية وعسكرية، وعلى رأسها ثكنات عسكرية. ومن المنتظر أن يشكف التحقيق مع أفراد الخلية التي تم تفكيكها عن حقائق جديدة وعن ارتباطاتها مع أوساط متطرفة أخرى، وقد يقود التحقيق إلى توسيع دائرة الاعتقالات خصوصا وأن مصادر تتحدث عن وجود لائحة لشبان من مدن مختلفة تتوفر عليها الخلية، مرشحون للذهاب إلى معسكرات التدريب التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لتعزيز عناصرها في وقت الحاجة إليهم.