خيار لا ديمقراطي لصناعة الاحتقان وتأجيج الشارع في غمرة الحديث عن أهمية التواصل مع الفاعلين المحليين، والحق في الوصول إلى المعلومة وأحقية المجتمع المدني في معرفة طرائق تدبير الشأن العام، اتضح أن جماعات ترابية بإقليم الفقيه بن صالح، تئن تحت وطأة عقول تحن الى الماضي المخزني العتيق، لازالت تغرد خارج التاريخ الراهن، وهي تعقد دوارتها في سرية تامة بعيدا عن أنظار الساكنة والإعلام، بالرغم من أن جداول أعمالها لا ترقى الى مستوى رهانات المرحلة، وبالأحرى الاستجابة لتطلعات الساكنة وفتح آفاق للنقاش الجاد بشأن احتياجاتها. والصادم حقا، وكما يروج اثناء كل دورات فبراير، هو أنه كلما كانت هذه الدوارات سرية، كلما فاحت منها رائحة الابتزاز والارتشاء الناتجين عن الصمت المريب على ملفات عالقة، وعلى نقط مبرمجة غالبا ما يتمّ التصويت عليها بالإجماع، حتى لو كانت تعارض في الصميم التنمية المحلية، وتخدم فقط أجندة فئة بعينها، وتُشرعِنُ نهب المال العام، واختلالات التسيير. ويبقى السؤال الأهم في هذا السياق، هو لماذا كل دورات فبراير تكون سرية تقريبا!، ولماذا يبلع بعض المنتخبين ألسنتهم، كلما حان وقت التصويت خلال هذه الدورة حيث تتم المصادقة على الحساب الإداري !، ولماذا بعض الأعضاء المعروفين بجمودهم طوال السنة، لا يقومون إلا بحركة واحدة ووحيدة، وهي الإعلان عن سرية الدورات؟ ولماذا لا يتم التّداول بشأن بعض الفصول التي غالبا ما يتم تحويل اعتماداتها الى جيوب بعض الكتل البشرية الفاسدة بالمجالس الجماعية، التي تفنّنَ صناع الآلة الانتخابية في اختيارها من أجل التصفيق والتصويت ليس إلا!. وقبل هذا، كيف للسلطة المحلية في هذه الحالات الشاذة، أن تضع الأخماس في الأسداس، وهي تعرف بشكل أو بآخر، أن أموال عدة الفصول تتحول سنويا إلى جيوب المنتخبين بشرعنة شيطانية، وإلا ما قولها في صرف الملايين عن العتاد والصيانة، والإطعام والحفلات، وتنقلات المستشارين وحركات الرئيس وسكناته وو..، والكل يعلم أن لا أحد من هؤلاء يتحرك، ولاشيء يتغير بقلب جماعات ترابية كهذه أو تلك التي يشهد عتادها حاليا على فساد التدبير واتساع سلطة التبدير، وترزح مكاتبها تحت وطأة أدوات ومعدات يندى لها الجبين، وحيث يُرجح البعض القول على ان ما تتم برمجته سنويا بهذه الفصول التي تستعصي على المراقبة، يُصرف في حفلات الشواء والولاء وشراء الذمم، وأن الأمر كله على بعضه لا يعدو أن يكون أشبه بلعبة الفأر والقط. والأغرب من هذا، انه اذا كان بعض المنتخبين، بمحدودية تكوينهم وضعف وعيهم السياسي، وبطبيعتهم الانتهازية ذات الصلة ليس بذواتهم، وانما بالفترة الزمنية التي يحددها المشرع، وهي فترة الاستحقاقات الانتخابية، راضين في بعض الأحيان، ومجبرين في أحيان أخرى على الانصياع لهذه الإغراءات لاعتبارات عدة، فإن السلطة المحلية وبقوّة القانون، يتحتم عليها ان تكون بعيدة عن هذه اللعبة، على عكس ما نُسجله اليوم حيث أمسى خلفاء القياد، والقياد ، والبشاوات ورؤساء الدوائر وكل من يدور في فلكهم، هُم اول من يشرعنون هذه السلوكيات، وأول من يتهافتون عن الولائم، وأول من يهندسون الخريطة الانتخابية بهذه المجالس ويتفننون في صناعة النخب، وأول من يتستر على عيوب الرؤساء والمنتخبين، وفي ذلك عبرة لمن يتساءل عن سر اللعبة؟. هذه الأسئلة وغيرها، أفرزتها الأجواء التي انعقدت فيها دورات فبراير الأخيرة، ببلدية سوق السبت وجماعة حد بوموسى، ودار ولد زيدوح والتي خلفت استياء واسعا لدى الفاعل الجمعوي وبعض المواطنين ممن كانت انتظاراتهم ترتبط بإجابات وتدخلات المنتخبين او على الاقل هكذا تم توصيل الرسالة إليهم، بعدما تم الإعلان عن سرية الدورة. واذا كان الإستثناء عاديا بالنسبة لبلدية سوق السبت التي عودت الساكنة على هذا النهج في التعامل مع قضايا المواطن، فإن جماعة حد بوموسى ودار ولد زيدوح، قد اخلفتا الوعد، وكان اختيارهما في رأي المتتبعين، بغض النظر عما يقوله النص القانوني، نشازا، خصوصا بعد الأحداث الاخيرة التي يلخصها الحراك الجماهيري العريض بالجماعتين، حيث لازالت العديد من الاصوات بجماعة حد بوموسى، الى حد الآن، تطالب بالكشف عن حصيلة الإنجازات، وبالإعلان عن إجابة حقيقية عن سؤال الربط بالماء الشروب والكهرباء، وتفعيل مبدأ التواصل مع المجتمع المدني من أجل تخطي تداعيات هذه المرحلة التي اتسمت بالاحتقان والغضب في غياب محاور جاد ومسؤول من المجلس المنتخب، عوض ممثلي السلطة المحلية( خاصة عامل الإقليم أحيانا ورئيس دائرة بني موسى الغربية حصرا) الذين لبسوا ثوب المنتخبين بعدما فشل رؤساء المجالس في الالتزام بوعودهم الانتخابية واقناع المحتجين بنتائج سياستهم الترقيعية.